الدرس 156: النكاح 5

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 28 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 2211 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

س: هناك فتاة شابة تصاب من حين لآخر بمس من الجنون وتقدم ابن عمتها وأعلم بمرضها غير أن المشكلة أن والدة هذا الشاب عمة هذه الفتاة مصابة بنفس المرض وعندما سألنا الطبيب عن رأيه في مثل هذا الزواج أجاب أنه لا يفضله نظراً لاحتمال ولادة أولاد مصابين بنفس المرض يكون كبيراً ؟

ج: ينبغي ألا تحرموا الفتاة من الزواج وأن تزوجوها من هذا الذي تقدم لها وتفوضوا الأمر إلى الله وتتركوا كلام الطبيب المبني على الاحتمال وذلك لما في الزواج من مصلحة الطرفين وحماية الفتاة من خطر العزوبية بشرط رضاها بالزوج الذي يرضاه وليها لها

س: ما حكم الزواج "باللقيطة" المولودة من غير أب وهل حكمها مثل الجاريات ؟

ج: الزواج باللقيطة التي لا يعرف لها نسب لا بأس به إذا كانت امرأة صالحة ذات دين ولحاجتها إلى من يعفها ويصونها والزواج بها زواج شرعي وليس هو مثل الزواج من الإماء لأنها حرة والذي يتولى العقد عليها هو الحاكم الشرعي لأنه ولي من لا ولي له

س: لي ولد أخ وهو يشتغل في البنك الأهلي التجاري هل يجوز أن أزوجه ؟

ج: لا يحل العمل في البنوك التي تتعامل بالربا لأن في هذا عونا لها على الإثم والعدوان وقد قال تعالى "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2) والكسب الحاصل عن ذلك كسب خبيث ومن الأمانة الشرعية المناطة بك نحو موليتك تزويجها ممن ترضى أنت دينه وأمانته ومنعها ممن لا ترضى فيه ذلك.

س: رجل تزوج أخته بطريق الخطأ ما حكم الولد ؟

ج: إذا كان الواقع ما ذكر من أنهما يجهلان قرابتهما عند الزواج فهما معذوران ويفرق بينهما والولد ينسب لهما لكونه حصل بوطء شبهة

كل من تناسل من زوجتك التي دخلت بها حرام عليك التزوج بأي واحدة منهن سواء كانت بنتا لها أم بنتا لابنها أم بنتا لابنتها أم أنزل من ذلك لعموم قوله تعالى:" وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ"(النساء 23)

فلا يجوز لك تزويج ابنتك من كان زوجاً لوالدتك سابقاً إذا كان قد دخل بأمك قبل أن يطلقها لأنها حينئذٍ تكون من الربائب

يحرم على الرجل نكاح بنات المرأة المدخول بها ويعتبر محرما لجميع بناتها ما قبل الزواج وما بعده

أما إذا لم يكن دخل بها فليس محرما لبناتها لقوله تعالى:" فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ"(النساء 23)

عقدك النكاح على أم البنت التي عقدت عليها وطلقتها قبل الدخول باطل لأنه لا يحل للرجل الزواج من أم زوجته بمجرد العقد على البنت ولو لم يدخل بها قال تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُم"ْ (النساء 23) إلى قوله:" وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ"

يحل للرجل إذا فارق زوجته بطلاق وانتهت من العدة أن يتزوج أختها أو ابنة أخيها

لا يجوز أن يجمع الرجل في الزواج بين أختين من النسب أو الرضاع لقوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ

المرأة الحامل المطلقة أو المتوفى عنها عدتها حين تضع الحمل لقوله تعالى "وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" (الطلاق 4) والعقد عليها باطل لا يتم به النكاح

س: رجل اعتمر وطاف بالبيت وهو محدث حدث أصغر وقصر وبعد عودته تزوج ثم في عام آخر اعتمر عمرة ثانية وكان تقصيره للرأس ليس من جميع الشعر ؟

ج: إن العمرة الأولى لم تتم ولا تزال في إحرامك لأن طوافك على غير طهارة والطهارة شرط من شروط صحة الطواف

ثانيا: عقد النكاح وقع وأنت محرم بالعمرة الأولى فيعتبر غير صحيح لأن المحرم بحج أو عمرة لا يصح منه النكاح لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ينكِحُ المحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا يخطُبُ ولا يُخطَبُ " رواه مسلم

ثالثا: ليس عليك فدية بالنظر إلى عقد النكاح ولا في لبسك المخيط ولا تغطية الرأس وحلق الشعر وتقليم الأظافر واستعمال الطيب

رابعا: العمرة الثانية حصل بها التحلل من الأولى

خامسا: دخولك على زوجتك مبني على العقد السابق وقد تبين فساده فعليك اجتنابها حتى يجدد العقد وما رزقت من أولاد بعد الدخول بها إلى وقت وصول الفتوى إليك حكمهم أولاد شرعيون لاحقون بك لوجود شبهة النكاح بجهلك الحكم الشرعي

سادسا: نظرا إلى أنك لم تقصر التقصير الشرعي في العمرة الثانية فعليك فدية تجزئ أضحية تذبح بمكة وتوزع على فقراء الحرم وفي ذلك براءة للذمة واحتياط للعبادة وخروج من خلاف العلماء

الذي يسب الدين يعتبر مرتدا عن دين الإسلام يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولا يجوز لامرأته المسلمة أن تبقى معه إلا بعد أن يتوب إلى الله توبة صحيحة

ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج كافرا ويجب التفريق بينهما قال تعالى:" وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا "(البقرة 221)

ويجوز للمسلم الزواج من المسلمة أو الكتابية ولا يجوز الزواج من سائر الديانات الأخرى

س: امرأة بوسنية تزوجت من رجل نصراني وافترقا بعد الحرب ؟

ج: لا يحل للمسلمة الزواج من غير المسلم لقول الله تعالى "لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ"(الممتحنة 10) وبالنسبة للأولاد فإنهم ينسبون إلى أبيهم لوجود شبهة العقد وأما في الدين فإنهم يتبعون خير أبويهم دينا وعلى ذلك فإن الأولاد الذين أحد أبويهم مسلم يعتبرون في عداد المسلمين

لا يجوز انكاح تارك الصلاة من المرأة المسلمة ولا يجوز لمسلم محافظ على دينه أن يتزوج امرأة تاركة للصلاة عمداً.

إذا أسلم الزوجان الكافران معاً فهما على زواجهما لأن الكفار يسلمون هم وزوجاتهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيقرهم على زواجهم وإن أسلم أحدهما فقط فرق بينهما وانتظر فإن أسلم الآخر في العدة فهما على زواجهما وإن انتهت العدة قبل أن يسلم الآخر فقد انتهت عصمة الزوج بينهما لقوله:فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرالممتحنة 10

الأولاد الذين ولدوا لهما قبل الإسلام يلحقون بهما لأن زواج الكفار فيما بينهم صحيح وأولادهم يلحقون بهم وما نشأ من حمل بعد إسلام الزوج وقبل إسلام المرأة لا يلحق بالزوج لانتهاء النكاح بينهما وانتهاء العدة مع استمرار الزوجة على الكفر

لا يجوز للسني أن يتزوج من نساء الرافضة وإذا وقع النكاح وجب فسخه لأن المعروف عنهم دعوة أهل البيت والاستغاثة بهم وذلك من الشرك الأكبر

يجوز للمسلم أن يتزوج كتابية: يهودية أو نصرانية إذا كانت محصنة وهي الحرة العفيفة وترك الزواج بها أحوط للمؤمن لئلا تجره وذريته إلى دينها والأصل في الجواز قوله تعالى "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ"(المائدة 5) إلى قوله سبحانه "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" الآية

أما قوله تعالى "وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" (البقرة 221) فالمراد بهن المشركات الوثنيات دون الكتابيات والأصل في الاسترقاق أن يكون عن طريق الاستيلاء على أسارى الكفار في حروب دارت بينهم وبين المسلمين وجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه ويسري ذلك على فروعهم ما تناسلوا فلا يرتفع إلا بالعتق

أما ما يكون من غير حرب وجهاد بل عن سرقة للأحرار أو كان استرقاقا لمسلم في حرب بين دول إسلامية أو كان عن بيع لحر فهو غير جائز بل محرم ولا تثبت به الملكية

وإذا كان الرق شرعيا على نحو ما ذكرنا جاز شراء الأرقاء

ومن زنى بامرأة وانجبت طفلاً فالطفل ينسب إلى أمه ولا يجوز نسبتها إلى الأب لأنها وجدت من ماء حرام وهو الزنا فتنسب إلى أمها لا إلى من زنى بها

ويجوز للحر المسلم أن ينكح أمة مسلمة إذا لم يستطع مهراً يتزوج به الحرة أو ثمن أمة وخاف عنت العزوبية لحاجة المتعة أو الخدمة لكونه كبيراً أو مريضاً أو نحوهما ولو مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها أو مرضها والأصل في ذلك عموم قوله تعالى:" وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "(النساء 25)

ويجوز أن يكون بيده عدد من الإماء سواء كان تحته أربع زوجات أو أقل أو لم يكن في عصمته زوجة وله أن يطأ ما يشاء من ملك يمينه ما لم تكن مزوجة أو حديثة عهد بشراء شرعي أو سبي حتى يحصل الاستبراء بحيضة ولا يحتاج وطؤه لها إلى عقد نكاح وليس لها حكم الزوجة في القسم بين الزوجات وقد تكون الأمة غير مسلمة ومع ذلك لمالكها الشرعي أن يطأها بملك اليمين

ولا يجوز لمن ملكت عبدا أن تمكنه من نفسها ليستمتع بها استمتاع الزوج بزوجته أو السيد بأمته

يجوز للرجل أن يجمع بين من زوجة لرجل وبنته من غيرها في قول أكثر أهل العلم وهو الصحيح لأن الأصل الجواز ولم يقم دليل من الكتاب أو السنة على منع الجمع بينهما بل قد ذكر الله من يحرم نكاحهن ولم يذكر في المحرمات الجمع بين المرأة وبنت زوجها من امرأة أخرى فدخل الجمع بينهما في عموم قوله تعالى "وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ" (النساء 24) ولأن الجمع حرم لإبعاد الناس ووقايتهم من أسباب قطيعة الرحم القريبة بين المتناسبين ولا قرابة ولا رضاع بين هاتين .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-28هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة