الدرس 156:باب ما جاء في الـ (لو) 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 8 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1767 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف: في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزنْ وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا، لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن (لو) تفتح عمل الشيطان".

جاء الحديث في صحيح مسلم بهذا اللفظ "احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ."

قوله : في الصحيح ، أي في صحيح مسلم ".

قوله صلى الله عليه وسل "احرص على ما ينفعك"هذا الحديث اختصره المؤلف رحمه الله ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. احرص على ما ينفعك..." إلى آخره

فقوله صلى الله عليه وسلم :"احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ" قال ابن القيم:" سعادة الإنسان في حرصه على ما ينفعه في معاشه ومعاده، والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع ، فإذا صادف ما يمتثل به الحريص كان حرصه محمودا ، وكماله كله في مجموع هذين الأمرين: أن يكون حريصا ، وأن يكون حرصه على ما ينتفع به ، فإن حرص على مالا ينفعه أو فعل ما ينفعه بغير حرص فاته من الكمال بحسب ما فاته من ذلك ، فالخير كله في الحرص على ما ينفع، فالمعنى بالغ في طلبه وابذل الوسع في تحصيله فإن النفع مطلوب".

قوله :"وَاسْتَعِنْ باللَّهِ " قال ابن القيم : لما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه أمره أن يستعين به ليجتمع له مقام "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " (الفاتحة5) فإن حرصه على ما ينفعه عبادة لله ولا تتم إلا بمعونته فأمره أن يعبده ويستعين به" ، فقوله استعن بالله أي اطلب الإعانة في جميع أمورك من الله لا من غيره؛ فإن العبد عاجز لا يقدر على شيء إن لم يُعنْهُ الله عليه فمن أعانه اللهُ فهو المعان ومن خذله فهو المخذول فلا تعتمد على الحرص فقط ولكن مع الحرص استعن بالله لأنه لا غنى لك عن الله ، فمهما بذلت من الأسباب فإنها لا تنفع إلا بإذن الله .

قوله "وَلَا تَعْجَزْ" استعمل الحرص والاجتهاد في تحصيل ما ينفعك من أمر دينك ودنياك، ولا تفرط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه متكلا على القدر ، أو متهاونا بالأمر فتنسب للتقصير وتلام على التفريط، قال ابن القيم : العجز ينافي حرصه على ما ينفعه وينافي استعانته بالله، فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز، فالعجز معناه الكسل والإهمال ، وليس العجز الجسمي فالإنسان إذا عجز عجزا جسميا لا يؤاخذ ؛ لأنه ليس باختياره ، لكن المراد عجز الكسل وعجز الإهمال، وإيثار الراحة هذا هو المنهي عنه ؛ لأنه يفوت على المسلم خيرا كثيرا؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعين بالله من العجز والكسل. فقد قال عليه السلام " اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ." أخرجه البخاري عن أنس بن مالك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/6/8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي