الدرس 114: كتاب العتق

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 6 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 1934 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

عتق الأمة لا يخرجها من عصمة زوجها ولها الخيار إن كان زوجها رقيقا
س: أفيدكم أن لي فتاة كانت بملكي وحينما تكرمت الحكومة بمعاوضة أرباب الرقيق تقدمت بها وأخذت المعاوضة فيها وخرجت من ملكي ألفت نظر فضيلتكم أن هذه الأمة كانت مزوجة إبان هي بملكي واستلمت فيها المعاوضة من الحكومة وهي مزوجة فالآن أسترشد فضيلتكم هل تحل للزوج المذكور وهي قد جرى فيها البيع والشراء أم بمجرد ذلك أصبحت مطلقة ؟

ج: إذا كان الحال كما ذكرتم فالفتاة المذكورة باقية في عصمة زوجها وبيعها وعتقها لا يخرجانها من عصمته إلا أن يكون زوجها رقيقا فلها الخيار بعد العتق إن شاءت بقيت معه وإن شاءت اختارت نفسها أو فارقته لما ثبت في الحديث الصحيح "عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت جارية يقال لها بريرة وأعتقتها وكانت ذات زوج رقيق فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل بيعها ولا عتقها ناسخا لنكاحها" رواه البخاري

الأنكحة المحرمة محاضرة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بالجامع الكبير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه

أما بعد

فإن الله جل وعلا شرع لعباده النكاح وحرم عليهم السفاح وحرم أيضا أنكحة فاسدة كانت تعتادها الجاهلية وبعضها شرع في الإسلام ثم نسخ أما النكاح الشرعي الذي هو ضد السفاح هو النكاح الذي يكون عن رضى من المرأة وعن واسطة الولي وبواسطة الإعلان والشاهدين وغير هذا من الإعلان فهذا هو النكاح الشرعي الباقي الذي قال الله فيه جل وعلا "وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" وقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أخرجه مسلم

وقال عليه الصلاة والسلام "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" وفي لفظ "الأنبياء يوم القيامة" وقال صلى الله عليه وسلم "تنكح المرأة لأربع لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" أخرجه البخاري

وقال صلى الله عليه وسلم "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" وفي لفظ " فساد عريض" أخرجه الترمذي

والأحاديث في المعنى للحث على النكاح والترغيب فيه كثيرة والقرآن الكريم كذلك دل على شرعية النكاح ورغب فيه فقال تعالى "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" يعني أن لا تجوروا

فالله سبحانه شرع لنا النكاح لما فيه من إعفاف الفروج ولما فيه من تكثير الأمة فإن الأمة إذا لم يكن هناك نكاح انقرضت ولكن من رحمة الله أن شرع النكاح وجعل في الرجل الميل إلى المرأة وجعل في المرأة الميل إلى الرجل وكتب بينهما ما كتب لوجود الذرية حتى يبقى هذا النسل وتبقى هذه الأمة إلى الأمد الذي حدده الله عز وجل وشرع لهذه الأمة التمسك بما بعث الله به أنبياءه من عهد آدم إلى يومنا هذا شرع النكاح وشرع التمسك بما خلقوا له من دين الله وعبادته سبحانه وتعالى حتى لا يزال في الأرض من يعبد الله ويتقيه ويكثر من ذكره سبحانه ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه وجعل لهذه الدنيا أمدا تنتهي إليه فإذا جاء الأمد قامت القيامة وانتهى أمر هذا العالم وصار الناس إلى الدار الأخرى وهي الجنة أو النار على حسب أعمالهم فمن كان من أهل الإحسان في هذه الدار من أهل طاعة الله ورسوله صار إلى دار النعيم والكرامة وإلى دار أهل الإحسان وهي الجنة

ومن كان في هذه الدار من أهل الانحراف والفساد وطاعة الشيطان أو عصيان الرحمن صار إلى دار الهوان ودار العذاب والنكال وهي النار نعوذ بالله من ذلك

وشرع في النكاح أمورا منها

أن تكون المرأة والرجل خاليين من الموانع صالحين للزواج بأن يكونا مسلمين أو كافرين أو الزوج مسلما والمرأة كتابية من اليهود والنصارى المحصنات فإنه يكون النكاح هكذا إما مسلمان أو كافران أو مسلم وكتابية محصنة من اليهود والنصارى

فإذا اختل الأمر صار هناك مانع إذا كان الزوج مسلما والمرأة غير كتابية ولا مسلمة وثنية مجوسية شيوعية لم يصح النكاح كذلك لا بد أيضا من كون المرأة خالية من الموانع ليست في عدة ولا في عصمة نكاح بل تكون خالية مطلقة أو متوفى عنها قد انتهت من العدة أو لم تزوج أصلا ثم هناك أيضا موانع أخرى من القرابة والرضاعة والمصاهرة تكون سليمة من ذلك والرجل سليما من ذلك ليس بينهما ما يحرم النكاح لا قرابة مثل كونها أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه أو ما أشبه ذلك من رضاع أو من نسب ولا كونها أيضا محرمة بالمصاهرة كأن تكون بنت زوجته المدخول بها أو أم زوجته أو جدتها فلا يجوز له نكاحها فإذا صار الزوجان خاليين من الموانع وتوافرت الشروط الشرعية من رضا الزوجين الزوج والزوجة الزوج بالمرأة والمرأة بالزوج إلا ما استثني من حال صغر المرأة إذا زوجها أبوها في حال صغرها وهي ابنة تسع واختار لها الزوج الصالح فهذا يجوز إذا كان دون التسع إذا اختار أبوها لها الزوج الصالح كما زوج الصديق رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة بنت ست أو سبع سنين بغير مشورتها لأنها صغيرة جدا

أما إذا بلغت تسع سنين فأكثر فإنها تستشار وتخبر وإذنها صمتها يعني سكوتها هذا إذا كانت بكرا أما الثيب فلا بد من نطقها ولا بد من مؤامرتها حتى تنطق وحتى تصرح بالرضا ولا بد أيضا من وجود الولي ووجود الشاهدين فإذا توافرت الشروط الزوج والزوجة وما يجب في ذلك صح النكاح وصار نكاحا شرعيا بشرط أن يكون هذا النكاح للرغبة لا للتحليل ولا مؤقتا بوقت وأن يتزوجها راغبا فيها يريد الاستمتاع بها والبقاء معها ليعفها وتعفه ولما يسر الله من أولاد والمصالح الأخرى

وهناك أنكحة تخالف النكاح الشرعي من ذلك نكاح المتعة وهو أن يتزوجها لمدة معينة ثم بعد ذلك يزول النكاح كأن يتزوجها شهرا أو شهرين أو ثلاثة أو ما أشبه ذلك لمدة يتفقان عليها هذا يقال له نكاح المتعة وقد أبيح في الإسلام وقت ما ثم نسخ الله ذلك وحرمه على الأمة سبحانه وتعالى بأن جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وأن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" أخرجه مسلم

وثبت من حديث علي رضي الله عنه وسلمة بن الأكوع وابن مسعود وغيرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة فاستقرت الشريعة على تحريم نكاح المتعة وأنه محرم وأن النكاح الشرعي هو الذي يكون فيه الرغبة من الزوج للزوجة ليس بينهم توقيت بل يتزوجها على أنه راغب فيها لما يرجو وراء ذلك من العفة والنسل والتعاون على الخير فهذا هو النكاح الشرعي أن ينكح لرغبة فيها ليستمتع بها ويستعف بها ولما يرجو من النسل والذرية فهذا هو النكاح الشرعي الذي أباحه الله وتقدم بيان شروطه وما ينبغي فيه وجعله سبحانه وتعالى خيرا للأمة فيه تعاونها وفيه تكثير نسلها وفيه إعفاف رجالها ونسائها وفيه الإحسان إلى الجنسين فالزوج يحسن إلى المرأة بإعفافها والإنفاق عليها وصيانتها وحمايتها من ذئاب الرجال إلى غير ذلك والمرأة تساعده على دينه ودنياه وتعفه وتراعي مصالحه وتعينه على نوائب الدنيا والآخرة وهذا النكاح الذي سمعتم هو نكاح المتعة قد نسخ في الإسلام واستقر تحريمه وكان عمر رضي الله عنه يتوعد من فعله بأن يرجمه رجم الزاني لأن الله قد حرمه واستقر تحريمه في الشريعة ولكن لم يزل في الناس من يستبيحه وهم الرافضة يستبيحون نكاح المتعة ويفعلونه وهو مشهور في كتبهم وذلك مما أخذ عليهم ومما ضلوا فيه عن سواء السبيل فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بهم بل يجب الحذر مما هم عليه من الباطل

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

هذا وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-6هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي