الدرس السادس والتسعون : الزواج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 30 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2572 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

لا حرج من الزواج بالكتابية المحصنة السليمة بشرط أن تكون محصنة معروفة يسأل عنها ، وإذا كانت معروفة بالإحصان ودعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس .

والواجب لمن رُزق بالبنات أن يُحسن إليهن ويحسن تربيتهن ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات بلفظ : " من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجاباً من النار " وقال : حديث حسن ، ورواه ابن ماجه في كتاب الأدب باب بر الولدين والإحسان إلى البنات بلفظ : " من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار يوم القيامة " .

والسُّنَّة أن يحسن تربيتهن ويدعو لهنَّ بالصلاح ويرفق بهن وله البشرى في إحسانه للبنات أو الأخوات ويدعو الله لهن بالأزواج الصالحين الذين يحسنون رعايتهن ويأتمرون بأمر الله فيهن .

أما عن النساء عموماً ففي الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استوصوا بالنساء خيراً " ، فهذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيراً وأن يحسنوا إليهن وأن لا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ، هذا واجب على الرجال من الآباء والإخوة والأزواج وغيرهم أن يتقوا الله في النساء ، وينبغي ألا يمنع من ذلك كونهن قد يُسئن إلى أزواجهن وإلى أقاربهن بألسنتهن أو بغير ذلك من التصرفات التي لا تناسب لأنهن خُلقن من ضلع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وإن أعوج ما في الضلع أعلاه " ، ومعلوم أن أعلاه مما يلي منبت الضلع فإن الضلع يكون فيه اعوجاج ، هذا هو المعروف ، والمعنى أنه لابد أن يكون في تصرفاتها شيء من العوج والنقص ، ولهذا ثبت في الحديث الآخر في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " ، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم نقص العقل بأن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل وذلك من نقص العقل والحفظ ، وفسر نقص الدين بأنها تمكث الأيام والليالي لا تصلي - يعني من أجل الحيض وهكذا النفاس - وهذا النقص كتبه الله عليهن ولا إثم عليهن فيه ولكنه نقص واقع لا يجوز إنكاره كما لا يجوز إنكار كون الرجال في الجملة أكمل عقلاً وديناً ، ولا ينافي ذلك وجود نساء طيبات خير من بعض الرجال لأن التفضيل يتعلق بتفضيل جنس الرجال على جنس النساء ، ولا يمنع أن يوجد في أفراد النساء من هنَّ أفضل من أفراد الرجال علماً وديناً كما هو الواقع .

فيجب على المرأة أن تعترف بذلك وأن تصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال وأن تقف عند حدها وأن تسأل الله التوفيق وأن تجتهد في الخير ، أما أن تحاول مخالفة الشريعة فيما بيَّن الله ورسوله فهذا غلط قبيح ومنكر عظيم لا يجوز لها فعله .

والواجب على الأزواج جميعاً معاشرة زوجاتهم بالمعروف لقول الله عز وجل " وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلمَعرُوفِۚ " النساء 19 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيراً " ، والأدلة كثيرة في ذلك ، فإذا لم يقم الزوج بذلك وأساء العشرة فلها طلب الطلاق وهي معذورة في ذلك .

س: زوجتي تعمل في التدريس ويشق عليها الجمع بين التدريس وتربية أطفالها وتطالبني بإيجاد خادمة فهددتها بفصلها من التدريس ولا آتي بخادمة ؟

ج: فصلها أولى ولا تأت بالخادمة ولا حاجة أن تتولى التدريس تبقى في بيتها عند أولادها وابعد عن الشر وأهله ووجود الخادمة خطر عظيم عليك وعلى أهلك فافصلها والحمد لله ويعينك الله على النفقة وهي تستريح مع أولادها في بيتها وحاجة بيتها وأنت بهذا تربح دينك ودنياك جميعا هذه وصيتي لك ولأمثالك. عبد العزيز بن باز

فوجود الخادمة في البيت الذي ليس فيه إلا الزوجة خطر الأحوط لك أن لا تطلب الخادمة فقد تخلو بها ويحصل شر بينك وبينها وبين الزوجة

أما إذا كانتا خادمتين فهذا أحوط أو في البيت أمك أو أخوات غير الزوجة فهذا أسهل

وأما المحرم فلا بد من المحرم إذا تيسر ذلك لا بد من المحرم والواجب على أهلها أن لا يرسلوها إلا مع محرم وعليك أن تلتزم بذلك إذا يسر الله ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري

فالواجب على أهلها أن لا يرسلوها إلا مع محرم لكن الغالب عليهم الطمع وقلة المبالاة يرسلونها هكذا

س: ما الحكم في غيابي عن زوجتي سنتين ونصف حسب الظروف ؟

ج: هذه مدة طويلة فينبغي لك أن تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر ثم ترجع إلى عملك أما إذا كانت الزوجة سامحة بذلك ولا خطر عليها وأنت تعلم أنها سامحة في ذلك وأنها امرأة مصونة لا خطر عليها في ذلك فلا حرج إن شاء الله ولكن نصيحتي لك أن لا تفعل لا أنت ولا أمثالك وعليك الذهاب إلى الزوجة بين وقت وآخر وألا تطيل المدة فطول المدة فيه خطر عظيم عليك وعليها فينبغي لك أن تذهب إليها بين وقت وآخر وأن تقيم عندها بعض الوقت وترجع إلى عملك كل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وعلى الأكثر ستة أشهر ثم ترجع إلى عملك

والمقصود أنك تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر وكلما قصرت المدة فهو أولى لأن الموضوع خطير والشر كثير والفتن متنوعة في هذا العصر فينبغي للزوج أن يراعي هذه الأمور وأن يحرص على سلامة عرضه وعرض أهله وأن يبتعد عن أسباب الفتنة وينبغي لمن يعمل عندهم أن يسمحوا له وأن يساعدوه على الخير لأن هذه أمور عظيمة يجب فيها التعاون على البر والتقوى والتساعد على الحق بين العامل وبين أصحاب العمل

إذاً لا حرج إذا سافر لطلب الرزق أو طلب العلم لا حرج في ذلك ولو طالت المدة لكن إذا تيسر أن يأتي بين وقت وآخر إلى أهله حرصا على السلامة والعفة هذا ينبغي له مهما أمكن

أما عن العدل بين الزوجات فالواجب العدل في ذلك روى الترمذي في كتاب عشرة النساء باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض بلفظ "من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" ويقول صلى الله عليه وسلم "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" رواه أبو داود

فالواجب عليك أن تعدل بينهما حسب الطاقة في القسم ليلا ونهارا في النفقة إذا كانتا مستويتين أما إذا كانت واحدة عندها عيال والأخرى ما عندها عيال تعطي كل واحدة حسب حاجتها أما المحبة والجماع فغير لازمة وهذا من عند الله لكن تعدل في القسم هذه لها ليلة وهذه لها ليلة وكذلك النهار أما كونك تحب هذه أكثر أو تجامع هذه أكثر لا يضرك وننصحك أن لا تعجل في الطلاق إلا إذا طابت نفسك من إحداهما فطلقها ولا تظلمها إلا إذا رضيت بحيفك وعدم عدلك إذا رضيت فقالت أنا راضية تأتيني متى شئت تفعل متى شئت إذا كانت راضية فلا بأس.

إذاً يجب على الزوج أن يعدل بين الزوجتين أو الزوجات وينفق على كل واحدة بقدر حاجتها وحاجة أولادها بالمعروف لقول الله عز وجل "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" ومن قصر منهن في حقه أو في حق الأولاد فيجب نصيحتها وتوجيهها إلى الخير وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته في حجة الوداع في بيان حق الزوجات "ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف" فيجب العدل بين الزوجتين في النفقة والملابس والحلي إلا أن ترضى إحداهما بزيادة ضرتها عليها فلا بأس وقد قال الله سبحانه "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الأحزاب 21) يجب أن يعدل بينهما في السفر بالتراضي أو بالقرعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه.

وبالله التوفيق.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-1-30هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر