الدرس السادس والثمانون : الظهـار

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 24 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 3574 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

إن قول الزوج لزوجته حينما حصل بينهما النزاع إنه يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد يعتبر ظهاراً وهو منكر من القول وزور يحرم على المسلم أن يتكلم به لقول الله تعالى " ٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّٰٓـِٔي وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلقَوۡلِ وَزُوراًۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ " المجادلة 2 ، وإذا أراد أن يعود إلى امرأته وجب عليه أن يُكفِّر قبل أن يمسها بعتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لقول الله " وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِيرٞ * فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِن قَبلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَستَطِعۡ فَإِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناًۚ " المجادلة 3 ، 4 .

وإذا قال لزوجته أنت علي حرام حتى تقومي بلازم أولادي ، فإذا قامت بلازم الأولاد الذي هم من زوجته المتوفية لم يقع تحريم ، وإن لم تقم بلازم الأولاد فقوله لزوجته أنت علي حرام هذا ظهار تلزمه كفارة الظهار .

وإذا قال لزوجته أنت طالق تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود فقوله أنت طالق فإنه يقع به على زوجته طلقة واحدة ، وأما قوله تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود ، فإن كان الطلاق الذي وقع منه آخر ثلاث فقد صارت بهذا الطلقة أجنبية منه ولا يقع بقوله هذا شيء ، وإن لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث فإن هذا اللفظ يكون ظهاراً وعليه كفارة الظهار وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ولا يجوز له أن يقربها قبل أن يُكفِّر كفارة الظهار .

إذا قال لزوجته والله إنك علي مثل أمي إلا تصلح البنت مع زوجها يظن أن زوجته هي السبب لا يقع الظهار إذا اتضح أنها ليست السبب وإلا يقع الظهار .

وإذا قال له القاضي عليك الصيام فقال لا أستطيع فقال أهلها صُم وإلا طَلِّق فطلق بعجزه عن الصيام الذي يظنه واجب عليه لا يقع الطلاق لأنه طلق على أمر ظني يعتقد وجوب الصيام .

وإذا قال الزوج لزوجته تراك محرمة علي مدة عام كامل فهذا ظهار .

مسألة : إن رجلاً خطب امرأة ولم يعقد عليها ولزعل بينه وبين والدها قال محرمة علي مثل أمي وأختي ثم إنه تراضى هو ووالدها وعقد عليها ؟

والجواب : لا تأثير لهذا التحريم على عقد الزواج لوقوعه قبله ولا تلزمه كفارة ظهار لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرَّمها على نفسه وإنما تلزم به كفارة يمين وهو أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله يعطي كل مسكين من العشرة نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد أو يكسو عشرة مساكين أو يعتق رقبة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام والأفضل أن تكون متتابعات .

إذا قال لخطيبته قبل العقد اعتبريني محرماً عليك مثل أخيك ، عليه كفارة يمين إذا تزوجها لأنه حين التحريم لم تكن زوجة له .

وإذا قال لزوجته أنت تحرمين علي مثلما تحرم علي أمي ، فإذا أراد بهذا الكلام الطلاق فيقع به منه عليها طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم يسبق هذا طلقتان ، وإن كان ما أراد به طلاقاً فعليه كفارة الظهار وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من بر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعم عادة ولا يقع عليه طلاق .

مسألة : قال رجل لجاره : علي مثل بناتي وأمي أني ما آكل لك زاد ؟

والجواب : إن كان قصده تحريم زوجته إن أكل زاده فعليه كفارة ظهار إن أكل من زاده ، وإن كان قصده تحريم زاده فعليه كفارة يمين تجب بعد الأكل من زاده .

مسألة : قلت لزميلي حين اتهمني أني كسرت وعاء وأنا بريء : تكون أختي كزوجتي أو العكس إن كنت كسرته أنا ؟

والجواب : إذا كان الأمر كما ذكرت فلا يقع بذلك ظهار على زوجتك لأنك حلفت بالظهار وأنت صادق .

ومن قال لزوجته : إن كبرتي كأختي وإن صغرتي كأختي ، وجب عليه كفارة يمين قبل العود إليها .

وإذا قال لزوجته إن فعلتِ كذا فأنتِ حرام ثم فعلته ، إن كان قصده بهذا القول تحريم زوجته وتشبيهها بالمحرمات كالأم والأخت فهو ظهار ، وكذا إذا قال أنتِ محرمة علي إن كان قصده من التحريم الظهار فعليه كفارة ظهار ، وإن كان قصده من التحريم الطلاق وقع عليه طلقة واحدة .

وإذا قال لزوجته أنت علي مثل أمي ما أتزوج عليك ، فإذا تزوج عليها فلا يقر بها حتى يُكفِّر كفارة ظهار ولا حرج عليه في الزواج عليها .

وإذا قلت لأخيك بيتك محرم علي دخوله كما تحرم علي أمي عليك كفارة يمين قبل الدخول أو بعده ، وإذا قال لوالده راتبك علي حرام مثل حرام أمي علي يلزمه كفارة يمين .

وإذا كان عليه كفارة ظهار وهي صيام شهرين متتابعين ويخشى على نفسه الوقوع في المحرم فلا مانع من الانتقال إلى الإطعام وهو إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف قبل أن يمس زوجته .

والفطر الواجب كفطر يوم العيد وأيام التشريق لا يقطع التتابع في صوم الكفارة لأنه فطر مأذون فيه شرعاً فإذا انتهى الفطر الواجب فإنه يبني على ما مضى من صيامه الكفارة والحمد لله ثم يكمل الشهرين المتتابعين .

يكره تشبيه أحد الزوجين للآخر بمن حرم عليه من أقاربه أو قريباته كأن يقول لزوجته يا أمي أو يا أختي أو تقول له يا أبي أو يا أخي ونحو ذلك .

مسألة : عليّ كفارة ظهار وأثناء صيام الشهرين المتتابعين واقعت زوجتي بدون إيلاج ؟

والجواب : ما حصل منك قاطع للتتابع في صيام الظهار لعموم قول الله تعالى " فَصِيَامُ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِن قَبلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ " المجادلة 4 ، وما حصل منك نوع من المماسة الممنوعة فعليك التوبة إلى الله وصيام شهرين متتابعين ستين يوماً ولا تعد لما فعلت مع زوجتك حتى تكمل صيام شهرين .

إذا تمت الملاعنة بين الزوجين فُرِّق بينهما أبداً ، فلا تحل له ويجوز لها الزواج من غيره بعد انتهاء العدة إذا انتفت الموانع ووجدت الشروط لعموم الأدلة من الكتاب والسنة .

أقل مدة للحمل تضعه المرأة ويعيش ستة أشهر ، وغالبها تسعة أشهر ، قال تعالى " وَحَملُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهرًاۚ " الأحقاف 15 ، وقال تعالى " وَٱلوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَينِ كَامِلَينِۖ " البقرة 233 ، فإذا طرحت أربعة وعشرون شهراً بقي ستة أشهر .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

24 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر