عيد الفطر 2

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 15 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 3217 القسم: خطب العيدين

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد .

الله أكبر ما تعالتْ أصواتُ الناسِ بالتكبيرِ، الله أكبر ما تفتحتْ أبوابُ السماءِ في هذا الصباح الكبيرِ ، الله أكبر ما تنزلت علينا رحمةُ الإله العلي الكبيرِ ، الله أكبر ما تقاربتْ قلوبُ المسلمين في هذا اليوم العظيمِ . الله أكبر ما تعاونت الجهود وصدقت العهود وتعاطفت القلوب ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.

أما بعدُ

فيقول الله سبحانه في كتابه الكريم " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " البقرة (185)

عباد الله :

هذا يومٌ من أيام الله المباركةِ ، جمعكم في صباحه المباركِ على طهارة وتقوى بعد أن أديتم فريضةَ الصيام خلال شهر مضى بحمد الله .

فهنيئاً لكم ما صمتم ، وما أفطرتُم ، وهنيئاً لكم إقبالُكم في هذا الصباح على تكبير الله وشكره ، وإنَّه لأمرٌ عظيم أن يجعل سبحانه شعارَ العيد هذا التكبيرَ الذي ترتفع به أصواتُ المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها ، الجميع هنا وجهتهم واحدة وإحساسهم بالرضا واحد ودعواتهم إلى الله سبحانه حاملة أسمى معاني الخضوع لجبروته والإذعان لحكمه وتقديره .

عباد الله: إن الذي نلحظه فيما سن الإسلام من أعياد لهذه الأمة أنه ربط العيد بمناسبة عامة هي الفراغ من أداء عبادة شاقة وهذا الربط ذو مغزى عميق يتصل بفطرة الإسلام العامة إلى العيد فليس العيد في نظر الدين تمجيداً لشخص مهما عظم ولا هو مرتبط بمناسبة دنيوية مهما كانت ولو كان من مبادئ الإسلام تمجيد الأشخاص لكان ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم عيد للمسلمين يدعو إليه الإٍسلام ولكان يوم مبعثه عيداً ولكان يوم انتصاره على أعداء الدعوة في بدر أو فتح مكة عيداً كذلك وإن كانت هذه كلها مناسبات تاريخية عظيمة لا يقصد في تمجيدها تقديس شخص الرسول بقدر ما يقصد إلى إحياء معاني الكفاح والاحتفاء بقيم الإيمان والتاريخ فإن الإسلام برغم روعة معانيه لم يرد لهذه الأمة أن تدور أعيادها حولها فالأعياد التي تدور حول أشخاص المصلحين قد تدوم في حياتهم أو في حياة أنصارهم ولكن لا يكتب لها الخلود فقد يأتي الخلف لينقض ما سنه السلف وليس من شأن الدين أن يصرف عواطف المؤمنين إلى تقديس فرد بل هو يدعوهم إلى توحيد الله والله وحده هو الحقيق بالتعظيم والتمجيد والتقديس وينبغي أن تدور أفكار المؤمن وعواطفه وحياته وعبادته في هذا الفلك العظيم " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " (الأنعام 162 ، 163) .

فالمؤمن في الواقع في شغل شاغل عن معاني الدنيا بمعاني الآخرة بكل ما يقربه من الله سبحانه فهو إذا صام صام لله وإذ عبد عبد لله وإذا حج حج لله وإذا زكى زكى لله وإذا صلى صلى لله لا شريك له والله يرصد له حسناته جميعاً حتى الخطوة التي يخطوها في سبيله والكلمة التي يقولها أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر وصدق الله العظيم " ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (التوبة 120 ، 121) ، والمؤمن في فكر دائم فيما يقربه من رضوان الله فإذا وفق في عبادته كان له أن يفرح بما آتاه الله من فضله شاكراً لأنعمه إذ ليس في حياته ما يفرح له سوى أن يحس بأنه أدى واجبه وامتثل أمر ربه ومن هنا كان العيد للمؤمن إجازة ربانية يستريح خلالها من مشقة الرحلة التعبدية من صيام أو حج إلى بيت الله الحرام من أجل هذا ينبغي على كل منا أن يكون احتفاله بالعيد موصولاً بمعاني الآخرة غير مقتصر على مظاهر التسلية المؤقتة.

عباد الله .

اقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يخص النساء بالخطبة فأقول يا نساء المسلمين إتقين الله في أنفسكن فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أنكُنَّ أكثُر أهل النار دخولاً فلا تكفرْنَ العشير ، أقللن من الذهاب إلى الأسواق احذرن من التبرج والسفور حافظن على الحجاب احفظن فروجكن احذرن الإسراف في الملبس والمأكل زكين ذهبكن احفظن أنفسكن وأولادكن في غياب أزواجكن.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، هذا وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

عباد الله:

إنَّ تصوُّرَ البعض من مجتمعنا لمعنى العيد تصورٌ خاطئ متنافٍ مع تعاليم الإسلام ، فمن الشباب من يفهم العيد على أنه انطلاق للغرائز المكبوتة وممارسة للفوضى السلوكية في غير تحرج أو حياء ، وقد أعان الشباب على هذا التصور المريض لمعنى العيد ما تنقله الصحافةُ ووسائلُ الإعلام المختلفة من ألوان الاحتفال بالعيد في بعض بلاد أوروبا ، فالعيد هناك غير العيد هنا المناسبة مختلفة والمثل مختلفة كذلك فإذا ما عرفنا أن بعض البلدان يحتفل بعيد من أعياده بأن تجتمع الفتيات والفتيان في ميدان عام للرقص واللهو والاختلاط غير المقيد فإن لمجتمع كهذا تقاليده وشعاراته التي تنتمي إلى دينه أما نحن هنا في عالمنا الإسلامي فإن عيدنا ليس مناسبة تاريخية أو وثنية بل هو أمر ديني ومن ثم وجب أن يكون احتفالنا به على شرط الدين الذي لم يفرط في توجيهنا، " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ " (البقرة 143) .

عباد الله:

كل منا رقيب على أولاده راع ومسئول عن رعيته وإنك لتستطيع منذ البداية أن تغرس في ولدك بعض العادات السلوكية التي تترسب في تصرفاته ليشب على احترام دينه والحرص على سلامة مجتمعه ومن ذلك أن تأخذه بيدك إلى المسجد ليشهد تكبير المسلمين عقب الصلوات.

عباد الله :

حافظوا على الصلاة في المسجد ادوا زكاة أموالكم لمستحقيها اجتنبوا الربا في تعاملكم ربوا أولادكم تربية إسلامية راقبوهم في تصرفاتهم وفي حلهم وترحالهم احفظوا بيوتكم من القنوات المحرمة احرصوا على القنوات الإسلامية في إدخالها بيوتكم مثل قناة المجد وجهاز استقبال الفلك

تعاونوا على البر والتقوى احرصوا على زيارة أقاربكم واحذروا من الشحناء والقطيعة.

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " (الأحزاب 56) ، وقال عليه الصلاة والسلام " من صلى عليَّ صلاة صلى اللهُ عليه بها عشرًا " رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهمَّ عن الأربعة الخلفاء ، الأئمةِ الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المظلومين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعادِ من عاداهم ووالِ من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادهم بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ولِ على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها لنا، اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

وصلَّ اللهمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434-10-14هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة