الدرس الرابع والثلاثون باب صلاة التطوع

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 3 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1940 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ويكره قنوته في غير الوتر" فلا يقنت في الفرائض ولا الرواتب ولا النوافل الأخرى فكلها لا يقنت فيها مهما كان الأمر وذلك لأن القنوت دعاء خاص في مكان خاص في عبادة خاصة وهذه الخصوصيات الثلاث تحتاج إلى دليل أي أنها لا تدخل في عموم استحباب الدعاء وإن دعاء ختم القرآن في الصلاة لا ينبغي لأن فعل أنس بن مالك رضي الله عنه في جمع أهله عند ختم القرآن والدعاء كان خارج الصلاة وفرق بين ما يكون خارج الصلاة وداخلها فلهذا نقول إن الدعاء عند ختم القرآن في الصلاة لا أصل له ولا ينبغي فعله حتى يقوم دليل من الشرع على أن هذا مشروع في الصلاة لكن إذا جعل دعاء ختم القرآن في دعاء الوتر فلا بأس

قوله "إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت الإمام في الفرائض" أما إذا نزل بالمسلين نازلة غير الطاعون فإن الإمام يقنت في الفرائض بما فيها الجمعة ويقنت غيره إذا أمر بذلك ولي الأمر وإذا لم يأمر بذلك فبإمكان المسلم الدعاء في السجود والتشهد وهذا فيه خير وبركة وليس المراد أن يدعو الإمام بدعاء القنوت في النوازل وهو الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم الحسن بل يقنت بدعاء مناسب للنازلة التي نزلت ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يدعو في هذا القنوت بما يناسب النازلة ولا يدعو فيقول اللهم اهدني فيمن هديت لذا مرة "دعا صلى الله عليه وسلم لقوم من المستضعفين أن ينجيهم الله عز وجل حتى قدموا" أخرجه البخاري ومسلم و"قَنَتَ شَهْرًا في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو علَى أحْيَاءٍ مِن أحْيَاءِ العَرَبِ، علَى رِعْلٍ، وذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ، وبَنِي لِحْيَانَ" أخرجه البخاري

قوله "والتراويح عشرون ركعة" التراويح سنة مؤكدة لأنها من قيام رمضان وقد قال صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه البخاري ومسلم وسميت تراويح لأن من عادتهم أنهم إذا صلوا أربع ركعات جلسوا قليلاً ليستريحوا بناء على حديث عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً" أخرجه البخاري ومسلم وهذا الأربع يسلم من كل ركعتين كما جاء ذلك مصرحاً به في حديث عائشة رضي الله عنها "كان يصلي أحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين" رواه مسلم وإن أوتر بثلاث بعد العشر وجعلها ثلاث عشرة ركعة فلا بأس لأن هذا أيضاً من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة" أخرجه البخاري ومسلم فهذه هي السنة ومع ذلك لو أن أحداً من الناس صلى بثلاث وعشرين أو بأكثر من ذلك فإنه لا ينكر عليه لكن لو طالب أهل المسجد بأن لا يتجاوز عدد السنة كانوا أحق منه بالموافقة لأن الدليل معهم وإنما لو سكتوا ورضوا فصلى بهم تسع وتسعين ركعة فلا مانع ولا فرق في هذا العدد بين أول الشهر وآخره وعلى هذا فيكون قيام العشر كالقيام في أول الشهر فإذا قلنا إن الأفضل إحدى عشرة في العشرين الأول قلنا إحدى عشرة في العشر الأخيرة ولا فرق لأن عائشة رضي الله عنها تقول ما كان يزيد في رمضان ولا غيره ولم تستثني العشر الأواخر لكن تختص العشر الأواخر بالإطالة وعلى هذا فيطيل لكن لو اختار أهل المسجد أن يقصر بهم القراءة والركوع والسجود ويكثر من عدد الركعات وقالوا له إن هذا أرفق بنا فلا حرج عليه إذا وافقهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا" أخرجه البخاري ومسلم وعموم قوله "إذا أم أحدكم الناس فليخفف" أخرجه البخاري ومسلم ، وما دام الأمر غير محظور علينا فإن تيسيرنا على من ولانا الله عليه أولى وأحسن والإمام ولي المسجد مولى على المأمومين ولهذا يقال إمام والإمام من له الإمرة عليهم فيما يتعلق بالصلاة فيأمرهم باعتدال الصفوف وتسويتها

قوله "تفعل في جماعة" وتصلى التراويح جماعة فإن صلاها الإنسان منفرداً في بيته لم يدرك السنة والدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر عمر رضي الله عنه وموافقه أكثر الصحابة على ذلك

قوله "مع الوتر بعد العشاء في رمضان" صلاة التراويح بعد صلاة العشاء فلو صلوا التراويح بين المغرب والعشاء لم يدركوا السنة وكذلك أيضاَ ينبغي أن يكون بعد العشاء وسنتها

قوله "ويوتر المتهجد بعده" أي بعد تهجده والصحيح أن يوتر مع الإمام فعن أبي ذر قال "صُمْنَا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رمضانَ ، فلم يَقُمْ بنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى بقيَ سبعٌ منَ الشَّهرِ فقامَ بنا ، حتَّى ذَهبَ نحوٌ من ثُلُثِ اللَّيلِ ، ثمَّ كانت سادسةٌ ، فلم يَقُمْ بنا فلمَّا كانتِ الخامسةُ قامَ بنا حتَّى ذَهبَ نحوٌ من شطرِ اللَّيلِ قلنا يا رسولَ اللَّهِ لَو نفلتَنا قيامَ هذِه اللَّيلةِ قالَ إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ قالَ ثمَّ كانتِ الرَّابعةُ فلم يَقُمْ بنا فلمَّا بقيَ ثلثٌ منَ الشَّهرِ أرسلَ إلى بناتِه ونسائِه وحشدَ النَّاسَ فقامَ بنا حتَّى خشينا أن يفوتَنا الفلاحُ ، ثمَّ لم يَقُمْ بنا شيئًا منَ الشَّهرِ" رواه النسائي وصححه الألباني فإذا صلوا العشاء صلوا السنة ثم صلوا التراويح ثم الوتر والتراويح في غير رمضان بدعة فلو أراد الناس أن يجتمعوا على قيام الليل في المساجد جماعة في غير رمضان لكان هذا من البدع ولا بأس أن يصلي الإنسان جماعة في غير رمضان في بيته أحياناً لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لكن لم يتخذ ذلك سنة راتبه ولم يكن أيضاً يفعله في المسجد ومن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ، هذا ما ذكره صلى الله عليه وسلم وهذه نعمة فإن قال أنا لم أصل صلاة الفريضة وأريد أن أصلي العشاء نقول لا مانع أدخل مع الإمام في التراويح بنية الفريضة أي بنية العشاء فإذا سلم فقم وائت بركعتين ، كمالاً للفريضة ثم ادخل معه في التراويح بنية راتبة العشاء فإذا صليت راتبة العشاء أدخل معه في التراويح ولا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم أي يجوز أن ينوي الإمام النافلة والمأموم الفريضة نص عليه الإمام أحمد لذا يجوز أن يصلي الإنسان صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح

قوله "فإن تبع إمامه شفعه بركعة" يعني إذا تابع المتهجد إمامه فصلى معه الوتر أتمه شفعاً فأضاف إليه ركعة فإذا تهجد في آخر الليل أوتر بعد التهجد فيحصل له في هذا العمل متابعة الإمام حتى ينصرف ويحصل له أيضا أن يجعل أخر صلاته بالليل وترا

قوله "ويكره التنفل بينها" أي أن يصلي بين التراويح إذا جلسوا للاستراحة

قوله "لا التعقيب في جماعة" أي لا يكره التعقيب بعد التراويح مع الوتر ومعنى التعقيب أن يصلي بعدها وبعد الوتر في جماعة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/3 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر