الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
السَّلم لغة : السلف
واصطلاحا : بيع شيء موصوف في الذمة مؤجَّل ، بثمن مقبوض في مجلس العقد .
وسُمِّي سلما لتسليم الثمن في مجلس العقد ، ويسمى أيضا : السلف لتقديم الثمن .
مثاله : أن يشتري سالمٌ من صالحٍ مائةَ كيسٍ من الأرز ، ويذكر نوعَه ووزنَ كلِّ كيسٍ منه ونحو ذلك ، على أن يستلمها بعدَ سنةٍ ، ويدفع قيمتَها في الحال .
أركان السَّلم:
1- المسْلِم : وهو المشتري
2- المسْلَم : وهو البائع
3- المسْلَم فيه : وهو المبيع
4- رأس مال السَّلم : وهو الثمن المقبوض في المجلس
حكمه:
السلم جائز ، وقد دلَّ على جوازه الكتاب والسنة والإجماع
فمن الكتاب : عموم قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ " (البقرة 282)، قال ابن عباس رضي الله عنهما :"أشهَدُ أنَّ السَّلفَ المضمونَ إلى أجلٍ مُسمًّى قد أحلَّهُ اللَّهُ في كتابِهِ وأذِنَ فيهِ ،" ثم تلا هذه الآية . صححه الألباني في إرواء الغليل عن أبي حسان العرج .
ومن السنة : حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :"قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ والنَّاسُ يُسْلِفُونَ في الثَّمَرِ العَامَ والعَامَيْنِ -أوْ قالَ: عَامَيْنِ أوْ ثَلَاثَةً، شَكَّ إسْمَاعِيلُ- فَقالَ: مَن سَلَّفَ في تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ." أخرجه لبخاري عن
الحكمة من إباحته
في إباحة السلم مراعاة لحاجة كل من البائع والمشتري ، فالبائع قد يحتاج إلى المال وذلك للإنفاق على زرعه إن كان مزارعا ، أو على تجارته إن كان تاجرا ، أو على مصنعه إن كان صاحب مصنع ، فبدلا من أن يلجأ إلى المُرابين فيقترض منهم بطريق الربا يقوم ببيع إنتاجه مقدَّما عن طريق عقد السَّلم ، ويحصل على المال اللازم الذي يحتاج إليه ، كما أن المشتري يستفيد أيضا من رُخْص الثمن ، حيث إنه سيشتري السلعة أقل من الثمن الذي تباع به وذلك في مقابل الأجل .
شروط السَّلم :
يشترط لصحة السلم بالإضافة إلى شروط البيع سبعة شروط وهي :
1- أن يكون المُسْلم فيه مما يمكن ضبط ضفاته التي يختلف الثمن باختلافها ، فيصح السَّلم في الحبوب والثمار والأقمشة والحديد والأدوية والسيارات الجديدة والألبان ونحو ذلك ، لأن هذه الأشياء يمكن ضبط صفاتها .
أما الأشياء التي لا يمكن ضبط صفاتها فلا يصح السَّلم فيها ، مثل : الجواهر كالدُّرِّ والياقوت الطبيعيين ، لأنها تختلف اختلافا بيِّنا بالكبر والصغر وحسن التدوير ودرجة الصفاء ، ولا في السيارات المستعملة ولا في العقارات كالأراضي .
2- أن ينص في العقد على صفات المُسْلَم فيه التي يختلف الثمن باختلافها كالجنس والنوع والحجم والجودة أو الرداءة .
فإذا أسلم في تمر فلابد أن يذكر نوعه " سكّري ، خلاص ، وهكذا " وهل هو جيد أو رديء ، وحجمه " كبار أو صغار " وهل هو قديم أو حديث .
3- أن يذكر مقدار المُسْلم فيه ، وذلك بذكر وزنه إن كان يباع بالوزن كالحديد أو كيله إن كان بالكيل كالقمح ، أو عدده إن كان يباع بالعدِّ كالسيارات أو طوله إن كان يباع بالمتر مثل الأقمشة وهكذا .
وذلك لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم " من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم " رواه البخاري ومسلم
4- أن يكون المُسْلم فيه مؤجلا إلى أجل معلوم ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم " إلى أجل معلوم " رواه البخاري ومسلم ، فلابد أن يكون مؤجلا ، فلا يجوز حالاً ، ولابد من ذكر وقت معلوم كشهر محرم أو رمضان مثلا ، أو في يوم كذا من شهر كذا من عام كذا ، فإن كان الأجل مجهولا لم يصح ، مثل أن يقول : إلى نزول المطر .
5- أن يكون المُسْلم فيه مما يغلب على الظن وجوده في الأسواق عند حلول الأجل ، سواء أكان موجودا وقت العقد أم غير موجود ، فلا يجوز أن يسلم في رطب جديد إلى وقت الشتاء ، لأن الرطب إنما يوجد عادة في الصيف .
6- تسليم الثمن في مجلس العقد ، فإن تفرق المتعاقدان قبل قبض الثمن لم يصح السلم لأنه يدخل في بيع الدَّين بالدَّين ، وهو محرم باتفاق العلماء .
ولابد أن يكون الثمن معلوم الصفة والمقدار ، ولا يشترط في الثمن أن يكون نقودا بل يجوز أن يكون عرْضا من العروض كسيارة أو ماشية أو حديد ، فيشترط حينئذ أن يكون الثمن معلوم الصفة والمقدار ، لأنه قد يتعذر تسليم المبيع إذا حل الأجل فاشترط معرفة الثمن معرفة تامة حتى يمكن رد بدله في هذه الحالة .
7- أن يكون المُسْلم فيه موصوفا في الذمة ، فلا يصح أن يكون شيئا معينا ، وذلك لأن الشيء المعين يمكن بيعه في الحال فلا حاجة إلى بيعه سلما ، ولأنه ربما تلف قبل وقت تسليمه .
وبالله التوفيق
3 - 7 - 1441هـ