الدرس 316 التحذير من أخطار السيارات

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1657 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

الشكر به ازدياد النعم وحسن التصرف فيها به تتمحض نعما. أما إذا كفرت النعم فذلك سبب زوالها ومعول هدمها. قال الله عز وجل " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفورفأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور(سبأ 15-17) ، وقال سبحانه "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون".(النحل 112).

وإليك أيها القارئ مثلين لبلدين أنعم الله عليهما بنضارة الدنيا ورغد العيش بدلوا نعمة الله كفرا فأعرضوا عن دين الله وارتكبوا محارم الله فأبدلهم الله بنعمه نقما وبرغد العيش نكدا أفتظنون أنكم إذا كفرتم بنعم الله ناجون وعما وقع فيه أولئك سالمون كلا فسنن الله في عباده واحدة ليس بين الله وبين أحد من الناس نسبا فيراعيه واسمعوا قول الله عز وجل: "فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا * استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا".(فاطر 42-43) وقول الله عز وجل:" أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها"(محمد 10). وقول الله سبحانه في الحكم العام الشامل: "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد".(إبراهيم 7).

أيها الإخوة: إن مما أنعم الله به علينا في هذا العصر تلك السيارات التي ملأت المدن والقرى والبراري وقادها الصغير والكبير والعاقل والسفيه فهل نحن شكرنا هذه النعمة وهل نحن أحسنا التصرف فيها؟ لننظر. لقد استعمل بعض الناس هذه السيارات في أغراضه السيئة والوصول إلى مآربه السافلة فصار يفر بها إلى البراري ليتناول ما تهواه نفسه بعيدا عن الناس وعن أيدي الإصلاح ويخرج بها عن البلد ليضيع ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة في وقتها فهل يصح أن يقال لمثل هذا إنه شاكر لنعمة الله وهل يصح أن نقول إنه سالم من عقوبة الله كلا فهو لم يشكر نعمة الله ولم يسلم من عقوبته وليس عقوبة الله للعبد أن تكون عقوبة دنيوية مادية فهناك عقوبة أشد وهي عقوبة قسوة القلب وكونه يرى ما هو عليه من انتهاك المحرمات وإضاعة الواجبات يراه وكأنه لم يفعل شيئا يعاقب عليه بعد موته فلا يكاد يقلع عنه

ولقد استعمل بعض الناس هذه السيارات فلم يحسن التصرف فيها وكلها إلى قوم صغار السن أو صغار العقول تجده يقود السيارة وهو صغير السن لا يكاد يرى من نافذتها وتراه يسوق السيارات وهو كبير السن ولكنه صغير العقل متهور لا يراعي الأنظمة ولا يبالي بالأرواح، سرعة جنونية في البلد وخارج البلد ونعني بالسرعة الجنونية كل سرعة تزيد على ما كان ينبغي أن يسير عليه ويختلف بحسب المكان وازدحام السكان فليست السرعة في البلد كالسرعة خارجه وليست السرعة في مكان كثير المنعطفات والمنافذ الشارعة فيه كالسرعة في مكان خال. تجده يسير مخالفا للأنظمة يحاول أن يجاوز من أمامه وهو لم يضمن السلامة يسير في الخط المعاكس لاتجاهه وهو لغيره فيوقع من قابله في الحيرة أو التلف

إن كل عاقل ليعجب أن تعطى قيادة السيارات لهؤلاء الصغار الذين لا يستطيعون التخلص في ساعة الخطر وإن كل عاقل ليعجب من هؤلاء المتهورين الذين لا يراعون حرمة نظام الدولة ولا حرمة نفوس المسلمين مع أن الفرق في مراعاة النظام والسير المعتدل أمر بسيط فلو قدرنا أن شخصا أراد أن يسير بسرعة تبلغ مائة كيلو في الساعة فسار بسرعة ثمانين فمعناه أنه لم يتأخر سوى اثنتي عشرة دقيقة في سير ساعة كاملة وست دقائق في سير نصف ساعة وثلاث دقائق في سير ربع ساعة وما أيسر هذا التأخر الذي به وقاية النفس والمال من الخطر والذي يمكن أن يزول بأن يتقدم في مشيه بمقدار هذا التأخر

أيها الناس لقد كثرت الحوادث من أجل هذه الأمور كثرة فاحشة فأصبح المصابون بها ما بين كسير وجريح وميت ليس بالأفراد فحسب ولكن بالأفراد أحيانا وبالجملة أحيانا ثم يترتب على هذه الحوادث خسائر مالية وخسائر روحية وندم وحسرة في قلوب مسببي هذه الحوادث إن كانت قلوبهم حية تخشى الله وترحم عباد الله وتريد أن تسلك مع الناس بالسيرة الحسنة.

وقاني الله وإياكم شر الحوادث وجعلنا ملتزمين بأنظمة المرور لمصلحتنا والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين

1435/5/2 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 5 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي