الدرس315 رسالة من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1603 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

هذا جزء من رسالة مفتي المملكة سابقاً بمناسبة كارثة حلَّت سابقاً بإخواننا الأشقاء في السودان، أحببتُ سياقها للعبرة والاتعاظ وهذا نصها:

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين وغيرهم في المملكة العربية السعودية وغيرها، وفقني الله وإياهم لفعل الخيرات وجعلنا جميعا من المسارعين إلى الباقيات الصالحات
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
فلا يخفى على الجميع ما حل بحكومة السودان وشعبها من الكارثة العظيمة بسبب الأمطار والفيضانات الغزيرة التي تسببت في أضرار عظيمة على العاصمة السودانية وما جاورها من المدن والقرى، مما تسبب في إتلاف الكثير من أموالهم، وتشريد أكثر من مليون من المواطنين، وموت العديد من الناس، وتهدم الآلاف من المساكن، وقد أصبح أهلها يعيشون في العراء بدون مأوى
وقد تناقلت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أنباء هذه الكارثة العظيمة، وشاهد الكثير من الناس على شاشة التلفاز الخراب والدمار الذي حل ببلادهم، كما شوهد المشردون وهم في العراء لا شيء يكنهم من الشمس والمطر والريح، ولا شك أن ما حصل لهم من الابتلاء والامتحان الذي يبتلي الله به من يشاء من عباده، فيه عظة وذكرى واختبار وامتحان قال سبحانه: "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(الأنبياء 35) وقال سبحانه: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"، وقال جل وعلا: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ"، وقال سبحانه: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ"، وكل هذه الآيات وغيرها كثير يبين الله سبحانه فيها أنه لا بد أن يبتلي عباده ويمتحنهم في هذه الحياة الدنيا، فإذا صبروا على هذا الابتلاء وأنابوا إلى الله ورجعوا إليه في كل ما يصيبهم، وتابوا إليه من سيئات أعمالهم، أثابهم الله رضاه ومغفرته وكشف عنهم .الكربة، وأحسن لهم العاقبة، وعوضهم خيرا مما فاتهم
ونظرا لعظم المصيبة التي حلت بإخواننا في السودان، وما ترتب عليها من الخسائر العظيمة في النفوس والأموال فإني أهيب بجميع المسلمين وغيرهم من الأمراء والوزراء والأغنياء، وغيرهم ممن يحب الخير ويعين عليه في المملكة العربية السعودية وغيرها من سائر المعمورة أن يبادروا إلى مد يد العون لإخوانهم في السودان، وأن تكون المساعدة عامة لكل ما يحتاجون إليه من نقود وأطعمة وملابس وخيام وأدوية وغير ذلك.
كما أهيب بجميع العلماء والدعاة إلى الله سبحانه وجميع الأمراء وأئمة المساجد وجميع الأعيان أن يحثوا المسلمين على الوقوف بجنب إخوانهم في السودان بالدعم والمساعدة استجابة لأوامر الله سبحانه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بالحث على الإنفاق في وجوه الخير والتعاون على البر والتقوى، والمساعدة في تخفيف المصائب، قال الله عز وجل: "آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير"، وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ"، وقال سبحانه: "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"، وقال جل وعلا: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا"، وقال تبارك وتعالى: "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ"، وقال عز وجل:"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، وقال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"، وقال سبحانه: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"، وقال صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه"، وقال عليه الصلاة والسلام "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" رواه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" متفق على صحته. انتهى

حفظ الله بلاد المسلمين من الكوارث والنكبات.

1435/5/2 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 6 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي