ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثاني:مسائل في الطهارة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 9 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2759 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعد؛

مسائل في الطهارة:

(الماء) : إذا تغير بالنجاسات فإنه ينجس بالاتفاق أما ما لم يتغير فإنه لا ينجس وهو قول أهل المدينة ورواية المدنيين عن مالك وكثير من أهل الحديث وإحدى الروايات عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه ونصرها ابن عقيل في المفردات وابن البناء وغيرهما، قال ابن تيمية: هذا هو الصواب واستدل بحديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له "أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال: الماء طهور لا ينجسه شيء، " صحيح الجامع للألباني ، وهذا اللفظ عام في القليل والكثير وهو عام في جميع النجاسات، أما إذا تغير بالنجاسة فإنما حرم استعماله؛ لأن جرم النجاسة باقٍ، ففي استعماله استعمالُها، ونَهْيُ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الدائم وعن الاغتسال فيه لا يدلُّ على أنه ينجس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك، بل قد يكون نهيه سدّا للذريعة؛ لأن البول ذريعة لتنجيسه، فإنه إذا بال هذا ثم بال هذا تغير الماء بالبول فكان نهيه سدا للذريعة ، والماء إذا تغير بمكثه ومقره فهو باق على طهوريته باتفاق العلماء، وسئل ابن تيمية رحمه الله تعالى عن بئر وقع فيه كلب أو خنزير أو جمل أو بقرة أو شاة ثم مات فيها وذهب شعره وجلده ولحمه وهو فوق القلتين فكيف يصنع به ؟

فأجاب: الحمد لله ، أي بئر وقع فيه شيء مما ذكر أو غيره إن كان الماء لم يتغير بالنجاسة فهو طاهر فإن كانت عين النجاسة باقية نزحت منه وألقيت وسائر الماء طاهر وشعر الكلب والخنزير إذا بقي في الماء لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء فإنه طاهر في أحد أقوالهم وهو إحدى الروايتين عند أحمد وهذا القول أظهر في الدليل فإن جميع الشعر والريش والوبر والصوف طاهر سواء كان على جلد ما يؤكل لحمه أو جلد ما لا يؤكل لحمه وسواء كان على حي أو ميت هذا أظهر الأقوال للعلماء وهو إحدى الروايات عن أحمد.

وسئل ابن تيمية عن الماء إذا غمس الرجل يده فيه هل يجوز استعماله أم لا ؟

فأجاب: لا ينجس بذلك، بل يجوز استعماله عند جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ، وسئل ابن تيمية عن الحكمة في غسل اليد إذا باتت طاهرة ؟

فأجاب: الحكمة في غسل اليد فإنه خوف نجاسة تكون على اليد مثل مرور يده موضع الاستجمار؛ فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا استيقَظَ أحدُكُم مِن مَنامِهِ ، فلا يُدخِلُ يدَهُ في الإناءِ ، حتَّى يُفْرِغَ عليها ثلاثَ مرَّاتٍ ؛ فإنَّهُ لا يَدري أينَ باتَت يدُه" صحيح النسائي للألباني.

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمَ أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً غير أن الماء طهور لكنه يأثم من أجل مخالفته النهي حيث غمسها قبل غسلها ثلاثاً.

ومعلوم أن البيتوته لا تكون إلا بالليل فلو نام في النهار وغمس يده في الإناء فلا حرج لأن المنهي عنه من نوم الليل لا من نوم النهار فالرسول صلى الله عليه وسلم قال "فإنه لا يدري أين باتت يده" فالمبيت في الليل لا في النهار وهذا قول ابن حزم

وسئل ابن تيمية عن حديث القلتين فأجاب بأن أكثر أهل العلم بالحديث على أنه حديث حسن يحتج به وقد أجابوا عن كلام من طعن فيه ، وصنف أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي جزءاً رد فيه ما ذكره ابن عبد البر وغيره . أ.هـ

ونص الحديث: " إذا بلغ الماءُ قلَّتينِ لم يحمل الخبث " صحيح الجامع للألباني.

والقلتان تثنية قلة والقلة مشهورة عند العرب قيل أنها تسع قربتين ونصف تقريباً، ومساحة القلتين ذراع وربع في ذراع وربع طولاً وعرضاً وعمقاً.

(مسألة): رجل عنده قربة فيها ماء يبلغ القلتين فسقط فيها روث حيوان لا يؤكل لحمه ولكن الماء لم يتغير طعمه ولا لونه ولا رائحته فاختار شيخ الإٍسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم أن الماء لا ينجس إلا بالتغير مطلقاً سواء بلغ القلتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلتين يجب على الإنسان أن يتحرز إذا وقعت فيه النجاسة؛ لأن الغالب أن ما دونهما يتغير.

(مسألة): إذا زال تغير الماء بالنجاسة سواء بالإضافة عليه أو نزح منه أو زوال تغيره بنفسه فهو طهور، والماءُ المتغير الذي لا يضر التوضؤ به:

أولاً: ما لا يمكن التحرز عنه كالشوك الأخضر وسائر ما ينبت في الماء وكذا ورق الشجر الذي يسقط في الماء أو تحمله الريح فتلقيه وما تجذبه السيول من العيدان والتبن ونحوه فتلقيه فيه.

وما هو في قرار الماء كالكبريت والزفت وغيرهما إذا جرى عليه الماء فتغير به أو كان في الأرض التي يقف الماء فيها.

ثانياً: ما يوافق الماء في صفته الطهورية كالتراب إذا غير الماء لا يمنع الطهورية لأنه طاهر مطهر كالماء فإن ثخن بحيث لا يجري الماء على الأعضاء لم تجز الطهارة به لأنه طين وليس بماء ولا خلاف بين العلماء في جواز التوضؤ بما خالطه طاهر لم يغيره فإذا سقط شيء من الباقلا والحمص والورد والزعفران وغيره في الماء وكان يسيرا فلم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة جاز الوضوء به لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل وزوجته من جفنه فيها أثر العجين

إذا سقط آدمي أو حيوان في بئر وبقي حيا لا ينجس البئر أو حيوان مأكول اللحم إذا خرج حيا ولم يكن على بدنه نجاسة

ولا تنجس البئر بالبعر " للإبل والغنم " والروث للفرس والبغل والحمار والخِثي للبقر إلا أن يستكثره الناظر أو ألا يخلو ولو عن بعرة ونحوها وأما القليل فهو ما يستقله الناظر

ولا ينجس البئر بخرء الطيور عامة لتعذر صونها

تطهير الماء النجس: وهو ثلاثة أقسام أحدها: ما دون القلتين فتطهيره بالمكاثرة بقلتين طاهرتين فيصب فيه فيزول به تغيره إن كان متغيراً وإن لم يكن متغيراً طهر بمجرد المكاثرة لأن القلتين لا تحمل الخبث ولا تنجس إلا بالتغير

القسم الثاني: أن يكون وفق القلتين فلا يخلو من أن يكون غير متغير بالنجاسة فيطهر بالمكاثرة لا غير

الثاني أن يكون متغيراً فيطهر بأحد أمرين بالمكاثرة المذكورة إذا أزالت التغير أو بتركه حتى يزول تغيره بطول مكثه

القسم الثالث: الزائد عن القلتين فله حالتان:

أحدهما أن يكون نجساً بغير التغير فلا طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة

الثاني أن يكون متغيراً بالنجاسة فتطهيره بأحد أمور ثلاثة المكاثرة أو زوال تغيره بمكثه أو أن ينزح منه ما يزول به التغير ويبقى بعد ذلك قلتان فصاعداً

وإن توضأ من الماء القليل وصلى ثم وجد فيه نجاسة أو توضأ من ماء كثير ثم وجده متغيراً بنجاسة وشك هل كان قبل وضوئه أو بعده فالأصل صحة طهارته وإن علم إن ذلك قبل وضوئه بأمارة أعاد وإن علم أن النجاسة قبل وضوئه ولم يعلم أكان دون القلتين أو كان قلتين فنقص بالاستعمال أعاد لأن الأصل نقص الماء.

(مسألة): إذا مات في الماء اليسير ما ليس له نفس سائه مثل الذباب والعقرب والخنفساء وما أشبه ذلك فلا ينجسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فإنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وفي الآخَرِ دَاءً. " رواه البخاري

وإذا وقعت النجاسة في غير الماء وكان مائعاً تنجس وإن كان جامداً كالسمن الجامد أخذت النجاسة بما حولها فألقيت والباقي طاهر ، لما روت ميمونة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: " ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم " رواه البخاري

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبالله التوفيق

1434/8/8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي