الدرس 98: باب دخول مكة 3

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا يصح أن يطوف بالبيت عريانا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :" بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريانا " أخرجه البخاري ، وكان هذا في حجة أبي بكر سنة تسع من الهجرة وكان الناس في الجاهلية إن حصلوا على ثياب من قريش أخذوها عارية أو شراء أو هدية فطافوا بها وإلا فلا على أن بعض العرب وإن كانوا من قريش يقولون لا نطوف بثيابنا لأنها ثياب عصينا الله فيها فلا نطوف بها ، نقول إذا طفتم عراة فهي ثياب عصيتم الله بها أي بخلعها

وكانت المرأة تأتي فتطوف عارية وتضع يدها على فرجها وترتجز في الطواف وتقول

اليوم يبدو بعضه أو كله***وما بدا منه فلا أحله

أي ما بدا منه فلا أحل لأحد أن ينظر إليه وهذا من الجهل أما في الإسلام ولله الحمد لا يطوف بالبيت عريان

لكنه قد يطوف وهو لم يستر الواجب بأن تكون عليه ثياب رقيقة وعليه سراويل لا تصل إلى الركبة فيطوف فلا يصح طوافه لأنه لم يستر عورته إذ لا بد من ستر ما بين السرة والركبة ومن أصابته نجاسة في ثوبه أو بدنه فإن الطواف لا يصح والدليل على ذلك ما يلي

أن الله تعالى أمر بتطهير بيته للطائفين والقائمين والعاكفين والركع السجود فإذا أمر بتطهير مكان الطائف الذي هو منفصل عنه فتطهير ملابسه المتعلقة به من باب أولى

وعلى هذا فلا يحل أن يطوف بثوب نجس أو يطوف وهو متنجس البدن بل لا بد أن يغسل النجاسة من ثوبه وبدنه

أما الطهارة من الحدث الأصغر في الطواف فيوجب ذلك جمهور العلماء ويستدلون على ذلك بحديث ابن عباس " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام

وبعد الفراغ من الطواف يصلي ركعتين خلف المقام لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي إذا تقدم أن يقرأ قول الله تعالى " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " سورة البقرة آية 125

كما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر الذي أخرجه مسلم لأجل أن يشعر بفائدة عظيمة وهي أن فعله للعبادة امتثالاً لأمر الله عز وجل حتى تتحقق بذلك الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والذل لأوامره

ومقام إبراهيم عليه السلام معروف وسمي مقاماً لأنه قام عليه عليه الصلاة والسلام حين ارتفع بناء الكعبة فبنى عليه

واختلف المؤرخون أين مكان هذا المقام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هل هو لاصق بالكعبة أو هو في مكانه الآن

فمنهم من قال إنه لاصق بالكعبة وأن الذي قدمه إلى هذا المكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل التوسعة على الطائفتين

قال في مفيد الأنام 1/283 : إذا حصل على الطائفتين زحام من جهة مقام إبراهيم فإنه يسوغ تأخيره بقدر إزالة الضرر لأن المقام ليس هو البقعة التي بها الآن وإنما هو نفس الحجر

وجاءت السنة أنه يقرأ في ركعتي الطواف في الركعة الأولى : قل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية : قل هو الله أحد . لأنهما سورتا الإخلاص

فقل يا أيها الكافرون فيها إخلاص القصد ، وقل هو الله أحد فيها إخلاص العقيدة فالتوحيد في قل هو الله أحد توحيد علمي عقدي وفي قل يا أيها الكافرون عملي إرادي

اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعنا بما سمعنا وأن يفقهنا في ديننا وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاه وألا يدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها لنا وأن يوفق إمامنا لما يحب ويرضاه ويرزقه البطانة الصالحة الناصحة

وأن يغفر لموتانا وموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا عذاب النار

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-6 -14