الدرس التاسع والستون: باب زكاة النقدين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 14 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 1887 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

قول المصنف:" باب زكاة النقدين:يجب في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالا، وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم ربع العشر منهما ".

قوله:"باب زكاة النقدين:" (النقدان) المراد بهما الذهب والفضة.

وعلى هذا فالفلوس ليست نقداً في اصطلاح الفقهاء؛ لأنها ليست ذهباً ولا فضة. والأوراق النقدية تعتبر من الفلوس لأنها عوض عن النقدين يصرف بها النقدان. فهي بمنزلة النقد في وجوب الزكاة أي لا بد من الزكاة لدخولها في عموم قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة 103]، والأموال المعتمدة الآن هي هذه الأموال .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:" أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم" (الصحيحان)، والأوراق النقدية يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل فإن أبدلت بعضها ببعض مع تأخر القبض فهذا حرام سواء أبدلتها بالتماثل أو بالتفاضل وإذا أبدلتها بعضها ببعض نقداً مع القبض في مجلس العقد فهذا جائز

ويجوز صرف الريالات من المعدن بريالات من الورق

قوله"يجب في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالا، وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم ربع العشر منهما " وتجب الزكاة في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالاً أي 85 غرام وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم أي 595 غرام ربع العشر منها أي يجب ربع العشر وهو واحد من أربعين فإذا أردت أن تستخرجها من النقدين فأقسم ما عندك على أربعين فما خرج فهو الزكاة

مثال: عشرة آلاف زكاتها مائتان وخمسين أقسم عشرة آلاف على أربعين يساوي مائتان وخمسين

أربعين ألف زكاتها ألف ، وثمانين ألف زكاتها ألفي ريال ، ومائة ألف زكاتها 2500 ريال ... ألخ

فائدة: نصاب العملة السعودية بتاريخ هذا اليوم 2380 ريال سعودي لأن زكاة العملة تؤخذ بأقل النقدين لصالح الفقير وأقل النقدين الفضة فنصاب الذهب 85 غرام فنضرب 85 غرام في سعر غرام الذهب الجديد اليوم مئتي ريال سعودي ويساوي 17000 ريال سعودي ونصاب الذهب المستعمل اليوم نضرب 85 في 185 وهو سعر غرام الذهب المستعمل ويساوي 15725 ريال لذا فالفضة نصابها 200درهم تعادل 595 غرام فنضرب 595 في سعر غرام الفضة اليوم وهو أربع ريالات سعودي تساوي 2380 ريال وهذا نصاب الفضة لذا نصاب العملة السعودية اليوم من هذا الشهر وهذا العام هو نفس نصاب الفضة لأن سعر العملة من الذهب والفضة يرتفع وينخفض.

قول المصنف:"ويُضَمُّ الذهبُ إلى الفضة في تكميل النصاب، وتُضَمُّ قيمةُ العُروضِ إلى كلٍّ منهما " قوله:"ويُضَمُّ الذهبُ إلى الفضة في تكميل النصاب" الصواب عدم الضم ، للآتي:

أولاً: قول النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:"ليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ أواقٍ صَدَقَةٌ،" (صحيح البخاري)،والأُوقيَّةُ: أربعونَ دِرهمًا، والمُرادُ بالدِّرهمِ الخالِصُ مِن الفِضَّةِ، والخمْسُ أواقٍ تُساوي مِئتَيْ دِرهمٍ.

ثانيا: قوله صلى الله عليه وسلم في الدنانير:" فإذا كانَت لَكَ مائتا درهمٍ وحالَ علَيها الحولُ فَفيها خَمسةُ دراهمَ ولَيسَ عليكَ شيءٌ يَعني في الذَّهَبِ حتَّى يَكونَ لَكَ عِشرونَ دينارًا فإذا كانَ لَكَ عِشرونَ دينارًا وحالَ علَيها الحَولُ فَفيها نِصفُ دينارٍ" (صحيح أبي داود للألباني).

ثالثًا: ومن القياس أن الشعير لا يضم إلى البُرِّ في تكميل النصاب، وعليه إذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم فلا زكاة عليه؛ لاختلاف الجنس.

قوله:"وتُضَمُّ قيمةُ العُروضِ إلى كلٍّ منهما" الْعُرُوض أي : عروض التجارة فَتُضَمُّ قِيمَتُهَا إلَى الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَيَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا . قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ :" لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا " .

قول المصنف:" ويُباحُ للذكر من الفضة الخاتمٌ وقبيعةُ السيفِ وحِلْيَةِ المِنْطَقَة ونحوه، ومن الذهب قبيعةُ السيف وما دعت إليه ضرورةٌ كأنفٍ ونحوِهِ ".

المباح ما كان فعله وتركه سواء أي لا يترتب على فعله أو تركه ثواب أو عقاب فالمباح الأصل بقاؤه على الإباحة إن شئت افعل وإن شئت لا تفعل، لكن إذا كان وسيلة لشيء أعطي حكمه فالبيع حلال قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة 275] ، وهذا هو الأصل لكن لو بعت بعد أذان الجمعة الثاني وأنت ممن تجب عليه الجمعة صار البيع حراماً لأنه وسيلة إلى ترك الصلاة ولو بعت سلاحاً في زمن فتنة صار حراماً؛ لأن فيه إعانة على الإثم ولو بعت عنباً لمن يجعله خمراً كان حراماً.

ولو احتجت ماء للوضوء صار الشراء واجبًا، فالمباح قسم من أقسام الأحكام الشرعية لقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة 275] وقوله تعالى {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } [النساء 24] فيباح للذكر من الفضة الخاتم لأن النبي صلى الله عليه وسلم :"اتخذ خاتماً من ورق". أخرجه البخاري أي من فضه.

ومعلوم أن لنا في رسول الله أسوةً حسنةً، فلبس الخاتم من فضة جائزٌ، فهو من المباحات فالصحابة ، منهم من لبسها، ومنهم من تركها، فلبسها للرجل فيما يظهر، الأقرب فيه أنه من باب المباحات.

والأصابع بالنسبة لوضع الخاتم عند الفقهاء ثلاثة أقسام:

قسم مستحب وهو الخنصر.

قسم مكروه وهو السبابة والوسطى لما رواه الإمام مسلم ، قال:" حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي. أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عن عاصم بن كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ. قال: قَالَ عَلِيٌّ: ( نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ. قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا ). قال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإتيوبي رحمه الله تعالى: " وقوله: (فَأَوْمَأَ إِلَى ‌الْوُسْطَى، ‌وَالَّتي تَلِيهَا) المراد بالتي تليها هي السبّابة".

وقسم مباح وهو الإبهام والبنصر

والسنة جاءت في اليمين واليسار في الخاتم ، أما اليمين لحديث عبد الله بن عمررضي الله عنهما " كان لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خاتمُ فضةٍ، يتختَّم به في يمينه، فصُّه حبشي، يجعل فصَّه مما يلي كفَّه " (صحيح مسلم).

وأما لبسه صلى الله عليه وسلم الخاتم في يساره فلحديث ثابتٍ:" أنَّهم سألوا أنسًا عن خاتَمِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أخَّرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ ذاتَ لَيلةٍ إلى شَطْرِ اللَّيلِ- أو كاد يذهَبُ شَطْرُ اللَّيلِ- ثمَّ جاء فقال: إنَّ النَّاسَ قد صَلَّوا ونامُوا، وإنَّكم لم تزالوا في صلاةٍ ما انتظَرْتُم الصَّلاةَ، قال أنس: كأنِّي أنظُرُ إلى وَبيصِ خاتَمِه مِن فِضَّةٍ- ورفَعَ إصبَعَه اليُسرى بالخِنصِر" (أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له)

قوله:"وقبيعةُ السيفِ" القبيعة تكون في طرف المقبض من السيف فيجوز أن تحلى هذه القبيعة بالفضة لما روى أنس رضي الله عنه قال:" كان نعلُ سيفِ رسولِ اللهِ من فضةٍ، وقبيعةُ سيفِه فضةً، وما بين ذلك حِلَقُ فضةٍ.. (صحيح النسائي للألباني)، والحكمة في تحليته إغاظة للعدو، وكل شيء يغيظ الكفار، فإن الإنسان له فيه أجر.

قال تعالى:{لَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } [ التوبة 120]

قوله:" وحِلْيَةِ المِنْطَقَة ونحوه " المنطقة ما يشد به الوسط فيجوز تحلية المنطقة بالفضة لأن الصحابة فعلوا ذلك.

قوله: "ونحوه" كالخوذة.

قوله:"وما دعت إليه ضرورةٌ كأنفٍ ونحوِهِ".

مِن القواعدِ الكليَّةِ في الشريعةِ أنَّ الضروراتِ تُبيحُ المحظوراتِ، وأنَّ المشقَّةَ تَجلِبُ التيسيرَ، فالذهب وإنْ كان مُحرَّمًا على الرجالِ، إلَّا أنَّه يباح للضرورةِ، وفي الحديث أن عرفجة بن أسعد جد عبد الرحمن بن طرفة قد أصيب يوم كُلاب فقُطِعَ أنفه، أي: أُصِيبَ في حَربٍ كانتْ بالجاهِليَّةِ تُدعى يومَ الكُلَابِ، فصُنِعَ لِعَرفَجةَ أنْفٌ مِن فِضَّةٍ، فأصابَتْه رائِحةٌ كَريهةٌ لاستخدامه الفضة، أي: من أثَرِ وَضعِ الفِضَّةِ على مَوضعِ أنفِه، "فأمرُهُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، فاتَّخذَ أنفًا مِن ذَهبٍ"، (صحيح أبي داود للألباني). وقول المصنف :"ونحوه" كالسن من الذهب إن دعت الضرورة إلى ذلك.

قول المصنف :" ويباح للنساء من الذهب والفضه ما جرت عادتُهُنَّ بِلُبْسِه ولو كَثُرَ، ولا زكاةَ في حُليِّهما المُعدِّ للاستعمال أو العارية وإنْ أُعِدَّ للِكَرى أو النفقة أو كان مُحرمًا ففيه الزكاة"

قوله: "ويباح للنساء من الذهب والفضه ما جرت عادتُهُنَّ بِلُبْسِه ولو كَثُرَ".

قيد بالعادة لأن ما خرج عن العادة إسراف والإٍسراف حرام قال تعالى:{ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف31].

قوله:" ولا زكاةَ في حُليِّهما المُعدِّ للاستعمال أو العارية"

حُلِيُّ النساء المعد للاستعمال أو العارية على قولين للعلماء:

الأول: أنه لا زكاة فيه ، القول الثاني: أن الزكاة واجبة فيه ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وقول للشافعي، ورواية عن أحمد، وبه قالت طائفة من السلف، وقد احتجوا على ذلك بقوله تعالى :{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة 34]، وبما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ..."(صحيح مسلم)، وحديث عائشةَ رضي الله عنه قالت " : دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فرأى في يديَّ فتَخاتٍ من وَرِقٍ ، فقالَ: ما هذا يا عائشةُ ؟ ، فقلتُ: صنعتُهُنَّ أتزيَّنُ لَكَ يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ: أتؤدِّينَ زَكاتَهُنَّ؟ قلتُ: لا ، أو ما شاءَ اللَّهُ ، قالَ: هوَ حَسبُكِ منَ النَّارِ " (صحيح أبي داود للالباني).

وهذا هو الرأي الراجح، وهو اختيار ابن منذر والخطابي وابن حزم والصنعاني وابن باز وابن عثيمين.

قوله:"وإنْ أُعِدَّ للِكَرى أو النفقة أو كان مُحرمًا ففيه الزكاة" أي إن أعدَّ الحلي للأجرة، أو النفقة ففيه الزكاة. قوله :" أو كان مُحرمًا " كما لو كان على صورة حيوان أو طائر ففيه زكاة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/13 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر