الدرس الثامن والستون: زكاة الحبوب والثمار

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 13 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 2236 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

الأصل في وجوبها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ } [البقرة267]، و(مِنْ) هنا للتبعيض.

وقوله صلى الله عليه وسلم :" فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ. " (صحيح البخاري)

قول المصنف" تجب في الحبوب كلها ولو لم تكن قوتاً، وفي كل ثمر يكال ويدخر كتمر وزبيب، ويعتبر بلوغ نصاب قدرُه ألفٌ وستمائةِ رطلٍ عراقيٍّ، وتُضَمُّ ثمرةُ العام الواحد بعضُها إلى بعض في تكميل النصاب، لا جنسٌ إلى آخر".

الحبوب: ما يخرج من الزروع، مثل البر والشعير، وقوله: "ولو لم تكن قوتًا" أي: ما ليس بقوت فلا تجب فيه الزكاة، مثل الحبة السوداء، فهذه غيرُ قوت.

قوله:"وفي كل ثمر يكال ويدخر " فكل ثمر يكال ويدخر تجب فيه الزكاة، وإلا فلا، مثل الفواكه والخضروات؛ لأنها لا تكال ولا تدخر.

قوله:" كتمر وزبيب " فإنهما يكالان ويدخران.

قوله :"ويعتبر بلوغ نصاب قدرُه ألفٌ وستمائةِ رطلٍ عراقيٍّ ".

أي: يشترط لوجوب الزكاة بلوغ نصاب قدره ألف وستمائة رطل عراقي، وهذا و الشرط الأول .

قوله :"وتُضَمُّ ثمرةُ العام الواحد بعضُها إلى بعض في تكميل النصاب، لا جنسٌ إلى آخرَ" .

مثال ذلك: لو كان عند إنسان مزرعة، بعضها يجنى مبكرا، والبعض الآخر يتأخر، فإننا نضم بعضه إلى بعض إلى أن يكتمل النصاب. فإن اختلف الجنس مثل ذرة وقمح، فإنه لا يضم بعضه إلى بعض.

قول المصنف:" ويُعْتَبَرُ أن يكون النصابُ مملوكًا لَهُ وقتَ وجوبِ الزكاةِ ، فلا تجبُ فيما يكتسبُه الَّلقَّاطُ أو يأخذُه بحصاده، ولا فيما يجتنيه من المباح، كالبُطْمِ والزَّعْبَلِ ، وبِزْرِ قُطُونًا ولو نبتَ في أرضهِ ".

قوله:"ويُعْتَبَرُ أن يكون النصابُ مملوكًا لَهُ وقتَ وجوبِ الزكاةِ" هذا هو الشرط الثاني في وجوب الزكاة، ووقتُ وجوب الزكاة في ثمر النخيل ظهور الصلاح في الثمرة، بأن تحمر أو تصفر، فإن باعه قبل ذلك فلا زكاة عليه.

قوله:" فلا تجبُ فيما يكتسبُه الَّلقَّاطُ أو يأخذُه بحصاده " (الَّلقَّاطُ) هو الذي يتتبع المَزارعَ ويلقط منها التمرَ المتساقطَ من النخل، فإذا كسب هذا الَّلقَّاطُ نصابا من التمر فلا زكاة عليه فيه؛ لأنه حين وجوب الزكاة لم يكن في ملكه.وكذلك أيضا لا زكاة فيما يأخذه بحصاده، أي إذا قيل لرجل: أحصد هذا الزرع بربعه، فلا زكاة عليه في الربع؛ لأنه لم يملكه حين وجوب الزكاه.

قوله:"ولا فيما يجتنيه من المباح، كالبُطْمِ والزَّعْبَلِ ، وبِزْرِ قُطُونًا ولو نبتَ في أرضهِ".

(البُطْم) الحبة الخضراء، أو شجرها.(المباح) أي الذي يخرج في الفلاة مما يخرجه الله تعالي، فلو جنى الإنسان منه شيئا كثيرا فإنه لازكاة عليه فيه.(والزَّعْبَلِ) شعير الجبل،(وبِزْرِ قُطُونًا) سنبلة الحشيش، قوله:" ولو نبت في أرضه " أي: لا زكاة فيه، والصحيح أنه لا يملكه، وهو أحق به من غيره، وهو قول أحمد وهو الصحيح.

قول المصنف:" فصلٌ، يجب عُشْرُ ما سُقِيَ بلا مؤونة ونصفُه معها ، وثلاثةُ أرباعه بهما، فإن تفاوتا فبأكثرهما نفعًا، ومع الجهل العشر. " لأن نفقته أقل والذي يسقى بلا مؤونة يشمل ثلاثة أشياء:

أولاً: ما يشرب بعروقه أي لا يحتاج إلى ماء

ثانياً: ما يكون من الأنهار والعيون

ثالثاً: ما يكون من الأمطار

وإذا احتاج إلى شق الساقي أو حفر البئر وخرج الماء نبعًا، فيعتبر بلا مؤونة لأن المؤونة تكون في نفس السقي بمكائن أو بسواقي

ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ. ". أخرجه البخاري

العثري هو الذي يشرب بعروقه

وما يشرب بمؤونة وبغير مؤنة نصفين يجب فيه ثلاثة أرباع العشر

مثال ذلك هذا النخل يسقى نصف العام بمؤونة ونصف العام بغير مؤونة أي في الصيف يسقى بمؤونة وفي الشتاء يشرب من الأمطار فيه ثلاثة أرباع العشر وإن تفاوتا فبأكثرهما نفعاً أي الذي أكثر نفعاً للنخل فهو المعتبر وإذا تفاوتا وجهلنا أيهما أكثر نفعاً فالمعتبر العشر لأنه أحوط وأبرأ للذمة ولأن الأصل وجوب الزكاة.

قول المصنف:"وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر فإن تلفت قبله بغير تعدٍ منه سقطت، ".

قوله:"وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة" أي: قوي الحب ."وبدا صلاح الثمر" وذلك في ثمر النخيل أن يحمر أو يصفر، فإذا اشتد الحب ، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة. قوله"ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر فإن تلفت قبله بغير تعدٍ منه سقطت" أي لا يستقر وجوب الزكاة إلا بجعلها في البيدر، و(البيدر) المخازن التي يجمع فيها الثمار والزروع. فإن تلفت بعد بدو الصلاح واشتداد الحب وقبل جعلها في البيدر تسقط، ما لم يكن بتعد منه أوتفريط، وإذا جعلها في البيدر فإنها تجب عليه ولو تلفت بغير تعد ولا تفريط؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته.

قول المصنف "ويجب العشرُ على مستأجرِ الأرض، وإذا أخذ من مُلْكِهِ أو مواتٍ من العسل مائةً وستين رطلًا عراقيًا ففيه عشرُه ".

قوله:"ويجب العشرُ على مستأجرِ الأرض" أي: أن زكاة الثمر والحبوب تجب على المستأجر دون المالك.

قوله:"وإذا أخذ من مُلْكِهِ أو مواتٍ من العسل مائةً وستين رطلًا عراقيًا ففيه عشرُه".

على قول المصنف وجوب الزكاة في العسل، والصحيح عدم الوجوب ؛ لأن العسل ليس مما يخرج من الأرض، وإنما من بطون النحل كما قال تعالى :{يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل 69] ، ولأنه ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل على وجوب ذلك. وهذا ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ، والشافعي ومالك إلى عدم وجوب الزكاة في العسل.واختار هذا صاحب الفروع ابن مفلح من الحنابلة.

قول المصنف:" والركاز ما وجد من دِفْنِ الجاهلية ففيه الخمسُ في قليله وكثيره".

وذلك بأن نجد في الأرض كنزاً مدفوناً فإذا استخرجناه ووجدنا علامات الجاهلية فيه مثل أن يكون نقوداً قد علم أنها قبل الإٍسلام أو يكون عليها تاريخ قبل الإسلام

ففيه الخمس في قليله وكثيره فلا يشترط فيه النصاب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس . أخرجه البخاري

فيصرف مصرف الفيء يصرف في مصالح المسلمين .

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر