الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
قول المصنف: قوله تعالى:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ". (البقرة آية 11)
الإفساد في الأرض نوعان:
الأول: إفساد حسي مادي، وذلك مثل قطع الأشجار، وإفساد الطرق وما أشبه ذلك.
الثاني: إفساد معنوي، وذلك بالمعاصي.
فقوله تعالى:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ "
هذه الآية في سياق الآيات التي ذكرها الله في مطلع سورة البقرة في المنافقين ، أي إذا قيل للمنافقين: لا تفسدوا في الأرض بالمعاصي ومن أشد المعاصي التحاكم إلى غير ما أنزل الله ،وهذا وجه إراد الآية في هذا الباب ، وهو أن تحكيم غير شريعة الله من الإفساد في الأرض، فالمعاصي تحدث فسادا في الأرض من نضوب المياه وانحباس الأمطار وغلاء الأسعار
قوله: "إنما نحن مصلحون":يزعمون أنهم مصلحون مع إفسادهم ؛ لجهلهم وضلالهم ونفاقهم، انقلبت عليهم الأمور حتى صار الفساد صلاحاً؛ ولهذا قال تعالى :"ولكن لا يشعرون" (البقرة 12)
ومناسبة الآية للباب ظاهرة، وذلك أن التحاكم إلى غير ما أنزل الله من أكبر أسباب الفساد في الأرض
قوله تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا" (الأعراف 56)
أي لا تفسدوا في الأرض بالمعاصي والشرك بالله وتحكيم غير ما أنزل الله
قوله: "بعد إصلاحها" بإرسال الرسل وإنزال الكتب
قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ،(المائدة 50) الاستفهام للتوبيخ، فهؤلاء المنافقون الذين ادعوا الإسلام يريدون حكم الجاهلية ولا يريدون حكم الله ، وهذا مذهب المنافقين دائما ومن سار في ركبهم.
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/4/21هـ