الدرس120 باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 17 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1654 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف" ولهما عن ابن مسعود مرفوعا: " ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ."

قوله :"ولهما "أي صحيح البخاري ومسلم

قوله"عن ابن مسعود: مرفوعا": أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله "ليسَ مِنَّا " هذا من نصوص الوعيد ، وقد جاء عن سفيان الثوري وأحمد كراهيةُ تأويلها ليكونَ أوقعَ في النفوس ، وليس المراد إخراجه من الإسلام بل المراد المبالغة في الردع عن الوقوع في ذلك ، ثمَّ إن هذه الكلمة تأتي من الرسول على معاصٍ تصدر من الناس من باب التحذير منها ، مثل قوله "مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
قوله "منْ ضَرَبَ الخُدُود": ضَرْبُ الخدودِ جزعا من المصيبة كفعل الجاهلية ؛ لأن المشروع الصبر وهذا عكسه ، وهذا من باب الغالب وإلا فضرب بقية الوجه مثله إذ الكلُ جزعٌ منافٍ للصبر فيحرم
قوله:"وشق الجيوب": جمع جيب ، وهو الذي يدخل فيه الرأس من الثوب ، وكانوا يشقونه حزناً على الميت
وقوله "ودَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" :أي نادى عند المصيبة بالألفاظ التي تقولها الجاهلية، وهو الدعاء بالويل والثبور والمراد بالجاهلية ماكان قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت الفترة .

قول المصنف، رحمه الله، :"وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له بالعقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. قلت: رواه الترمذي وحسنه الألباني بهذا اللفظ"إذا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الخيرَ عجَّلَ لَه العقوبةَ في الدُّنيا ، وإذَا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَك عنهُ بذنبِه حتَّى يوافيَ بِه يومَ القيامة".

قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الخيرَ"أي من علامة إرادة الله بعبده الخير أن يعجل له العقوبة على هذه المعاصي في الدنيا حتى يطهره.

وقوله صلى الله عليه وسلم:"وإذَا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَك عنهُ بذنبِه" فلا تنزل به عقوبة مع أنه يعصيه ، وهذه علامة شر من أجل أن تبقي عليه ذنوبه.

قوله :"حتَّى يوافيَ بِه يومَ القيامة" يعني يرجع إلى الله في الدار الآخرة وذنوبه عليه لم يحط عنه شيء فيعذب بها يوم القيامة .

قول المصنف : وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ، فمَن رَضي فله الرِّضَى ، ومَن سخِط فله السُّخطُ " حسنه الترمذي ، قلتُ: الحديث رواه الترمذي عن أنس بن مالك وحسنه الألباني وقد ورد الحديث دون لفظ (تعالى) في (وإنَّ اللهَ تعالى ..).

قوله :"إنَّ عِظَمَ الجزاءِ " أي عند الله "مع عِظَمِ البلاءِ" وذلك أن المبتلى إذا صبر ورضي بقضاء الله وقدره فإن الله تعالى يجزيه على ذلك الخير الآجل والعاجل ، والمراد بالبلاء هنا الابتلاء والامتحان فيصاب الإنسان بالشدة والمرض وضياع المال وبموت القريب.

قوله"وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم"أي إن وجود الابتلاء والامتحان الذي يصيب المسلمين دليل على محبة الله لهم، فلما أحبهم ابتلاهم من أجل أن ينتقلوا إليه وهم مخلصون من الذنوب ، ولما كان الأنبياء عليهم السلام أفضل الأحباب كانوا أشد الناس بلاء ، وأصابهم من البلاء في الله مالم يصب أحدا لينالوا بذلك الثواب العظيم ويتأسى بهم من بعدهم ، قال صلى الله عليه وسلم "إنَّ من أشدِّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونَهم".حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.

قوله "فمَن رَضي فله الرِّضَى" أي من رضي بما قضاه الله وقدره عليه من الابتلاء فله الرضى من الله جزاءً وفاقاً.

قوله "ومَن سخِط " السُّخطُ الكراهيةُ للشيء ، وعدم الرضى به،"فله السُّخطُ" أي من الله ، وكفى بذلك عقوبة .

قول المصنف : فيه مسائل :

الأولى: تفسير آية التغابن ، وهي قوله تعالى"ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه" (التغابن 1)

الثانية : أن هذا من الإيمان بالله ، المشار إليه بقوله (هذا) هو الصبر على أقدار الله

الثالثة : الطعن في النسب ، وهي عيبه أو نفيه.

الرابعة : شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه.

الخامسة : علامة إرادة الله بعبده الخير، وهو أن يُعجِّلَ الله له العقوبة في الدنيا.

السادسة :علامة إرادة الله بعبده الشر، وهو أن يؤخر له العقوبة في الآخرة.

السابعة : علامة حب الله للعبد ،وهي الابتلاء.

الثامنة : تحريم السخط ، يعني مما يبتلى به العبد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"ومَن سخِط فله السُّخطُ". وهذا وعيد

التاسعة : ثواب الرضا في البلاء ، وهو رضا الله عن العبد لقوله صلى الله عليه وسلم "فمَن رَضي فله الرِّضَى"

وبالله التوفيق

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/17هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي