الدرس121 باب ما جاء في الرياء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 18 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1543 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

قول الشيخ رحمه الله:"باب ما جاء في الرياء" أي ما جاء فيه من الوعيد. وهذا الباب عقده المؤلف للتحذير من الرياء ، والرياء: مصدر راءى يرائي أي عمل عملا ليراه الناس ويثنوا عليه وهو يضمر في قلبه أمراً آخر، أو يسمِّع بقراءته وتسبيحه ؛ ولهذا جاء في الحديث :"مَن يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ به، ومَن يُرائِي يُرائِي اللَّهُ بهِ "رواه مسلم عن جندب بن عبد الله.

والرياء خلق ذميم، وهو من صفات المنافقين، قال تعالى: "وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً" (النساء 142)

والرياء إذا خالط العبادة يكون على وجهين :

الوجه الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل، كمن قام يصلي من أجل مراءاة الناس ولم يقصد وجه الله فهذا شرك والعبادة باطلة
الوجه الثاني: أن يكون مشاركا للعبادة في أثنائها، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة
فإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها فأولها صحيح بكل حال، والباطل آخرها. مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال قد أعدها للصدقة فتصدق بخمسين مخلصا وراءى في الخمسين الباقية فالأولى حكمها صحيح، والثانية باطلة.

وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة.

قول المؤلف : قوله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً". (الكهف آية 110)

يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: إنما أنا بشر مثلكم،، وأكد هذه البشرية بقوله: "مثلكم"، أي مثلكم في أمور البشرية فهو بشر يجوع ويمرض ويتعب فتجري عليه العوارض البشرية كما تجري على بقية البشر.
قوله تعالى:"يُوحَى إِلَيَّ":من الله بواسطة جبريل عليه السلام ، فكل ما جاء به من الشرع وحي من الله . والوحي: هو الفرق بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم فهو متميز بالوحي كغيره من الأنبياء والرسل.
قوله:" إنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد": أي ما إلهكم إلا إله واحد، وهو الله، فإذا ثبت ذلك فإنه لا يليق بك أن تشرك معه غيره في العبادة التي هي خالصُ حَقِّهِ، ولذلك قال تعالى بعد هذا:" فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً"
فقوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ" قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يؤمل رؤية الله يوم القيامة؛ لأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ويتنعمون برؤيته جل وعلا أعظم مما يتنعمون بنعيم الجنة
فقوله: "فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً": الفاء رابطة لجواب الشرط، والأمر للإرشاد، أي: من كان يريد أن يلقى الله على الوجه الذي يرضاه سبحانه فليعمل عملا صالحا ،والعمل الصالح: ما كان خالصا صوابا، وهذا وجه الشاهد من الآية ، والعمل لا يكون صالحا إلا إذا توفر فيه شرطان:

الأول: الإخلاص لله جلَّ وعلا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات"رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

الثاني : الموافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". أخرجه مسلم.

قوله:" وَلَا يُشْرِكْ": لا: ناهية
قوله:" بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا": خصَّ العبادَةَ؛ لأنها خالص حق الله فيجب أن تكون العبادة له وحدَه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/18هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي