الدرس 316 ج 5 ‌‌الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد؛

الغيبة محرمة بإجماع المسلمين، وهي من الكبائر سواء كان العيب موجودا في الشخص أم غير موجود؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن الغيبة قال: "ذكرك أخاك بما يكره. قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته »،(قلت: ورد الحديث في صحيح مسلم: البر والصلة والآداب )، وقد قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12) فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الغيبة والتواصي بتركها؛ طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحرصا من المسلم على ستر إخوانه وعدم إظهار عوراتهم، ولأن الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة وتفريق المجتمع وفق الله المسلمين لكل خير.

* ‌‌العلاج الشرعي لمن ابتلي بالمعاصي

لا شك أن المعاصي جريمة عظيمة، ولكن دواؤها ميسر بحمد الله؛ وهو البدار بالتوبة النصوح، وذلك بالندم على ما مضى والإقلاع من هذه الجريمة، والعزم الصادق على عدم العودة إليها مع صحبة الأخيار، والبعد عن الأشرار والمبادرة بالزواج، وأبشر بالخير والفلاح والعاقبة الحميدة إذا صدقت في التوبة؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31) وقوله عز وجل في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (التحريم: 8)، وقوله صلى الله عليه وسلم:"«التائب من الذنب كمن لا ذنب له " (قلت صححه الألباني في صحيح ابن ماجه).

* ‌‌حكم التفكير في الحرام دون عمل

ما يقع في نفس الإنسان من الأفكار السيئة كأن يفكر في الزنا أو السرقة أو شرب المسكر أو نحو ذلك، ولا يفعل شيئا من ذلك فإنه يعفى عنه ولا يلحقه بذلك ذنب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم » متفق على صحته، وقوله: صلى الله عليه وسلم: «من هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه » متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
والمعنى أنه من ترك السيئة التي هم بها من أجل الله كتبها الله له حسنة، وإن تركها لأسباب أخرى لم تكتب عليه سيئة، ولم تكتب له حسنة، وهذا فضل من الله سبحانه ورحمة لعباده، فله الحمد والشكر لا إله غيره ولا رب سواه .

‌‌* ‌‌حكم إمامة المخالف لأهل السنة كالأشعري ونحوه

الأقرب - والله أعلم - أن كل من نحكم بإسلامه يصح أن نصلي خلفه ومن لا فلا، وهذا قول جماعة من أهل العلم وهو الأصوب. وأما من قال: إنها لا تصح خلف العاصي، فقوله هذا مرجوح، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الصلاة خلف الأمراء، والأمراء منهم الكثير من العصاة.
والحاصل أن الصلاة تصح خلف مبتدع بدعة لا تخرجه عن الإسلام، أو فاسق فسقا ظاهرا لا يخرجه من الإسلام. لكن ينبغي أن يُولَّى صاحب السنة، وهكذا الجماعة إذا كانوا مجتمعين في محل يقدمون أفضلهم.

وبالله التوفيق