ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 295 ج 5 ‌‌حكم سؤال السحرة والمشعوذين 

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 5 صفر 1447هـ | عدد الزيارات: 151 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

ردا على سؤال:يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها، ويدعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية، ويرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر أو قطع ألسنتهم، ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم، وهؤلاء منهم من يصلي، ومنهم من لا يصلي. وكذلك يحلون لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم، ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم وعند دعائهم للمرضى يقولون: (يا الله يا فلان) أحد أجدادهم.
وفي القديم كان الناس يكبرونهم ويعتبرونهم أناسا غير عاديين، وأنهم مقربون إلى الله، بل يسمونهم رجال الله، والآن انقسم الناس فيهم: فمنهم من يعارضهم، وهم فئة الشباب وبعض المتعلمين، ومنهم من لا يزال متمسكا بهم، وهم كبار السن وغير المتعلمين. نرجو من فضيلتكم بيان الحقيقة في هذا الموضوع؟
جـ: هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة، وهم أيضا من جملة العرافين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: « من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما "(قلت: ورد الحديث في صحيح مسلم ) وذلك بدعواهم علم الغيب وخدمتهم للجن، وعبادتهم إياهم، وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (الأعراف 116) فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف.
وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله، أو زعمهم أن أباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون، أو يشفون المرضى، أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم، فهذا كله من الكفر بالله - عز وجل - ومن الشرك الأكبر، فالواجب الإنكار عليهم، وعدم إتيانهم، وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم؛ لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله، والمستغيثين بغير الله، والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم، ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم، أو من أناس آخرون يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة، بل كل هذا من أعمال الشعوذة، ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر.
وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم، فكل هذا تمويه على الناس، وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، وهذا من جنس ما قاله الله - سبحانه وتعالى - عن سحرة فرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (طه: 66)
فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر، والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون وهذه أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح، ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله - عز وجل - ومن دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65)
فالواجب على جميع المسلمين العارفين بحالهم الإنكار عليهم، وبيان سوء تصرفاتهم، وأنها منكرة، ورفع أمرهم إلى ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعا؛ حسما لشرهم، وحماية للمسلمين من أباطيلهم وتلبيسهم.

* ‌‌ذبح الأبقار لغرض الاستسقاء
س: يقوم بعض الناس في منطقتنا قبل أن تنتشر الدعوة من جديد بعد حكم آل سعود بأخذ الأبقار، ويدورون بها حول الجبال وحول الأودية، وبعد ذلك يذبحون واحدة منها وهم بذلك يريدون الاستسقاء، فهل هذا جائز أم لا؟ .
جـ: هذا العمل لا أصل له في الشرع المطهر، وهو بدعة منكرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك، وإنما السنة عند الجدب ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من الاستغاثة في خطبة الجمعة أو غيرها؛ كخطبة العيد أو الخروج للصحراء، أو أداء صلاة الاستسقاء أو سؤال الله والضراعة إليه بطلب الغوث، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ويجب على المسلمين التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب؛ لأن الذنوب سبب كل شر في الدنيا والآخرة، والتوبة إلى الله سبحانه والاستقامة على الحق سبب كل خير في الدنيا والآخرة.
ويشرع للمسلمين أن يواسوا الفقراء ويتصدقوا عليهم؛ لأن الصدقة يدفع الله بها البلاء، ولأنها رحمة وإحسان، والله يرحم من عباده الرحماء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » (قلت: جاء الحديث في صحيح الترمذي للألباني)، وقال الله عز وجل: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف: 65).

والله ولي التوفيق.

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر