الدرس الحادي والأربعون : التخلف عن الإمام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 6 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 2098 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "وإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمداً بطلت" أي إن ركع ورفع قبل ركوع إمامه بطلت صلاته لأنه سبق الإمام بركن الركوع ولا يعد سابقاً بالركن حتى ينتقل منه إلى الركن الذي يليه فلو ركع ولحقه الإمام بالركوع فلا يعد سابقاً للإمام بركن بل نقول أنه سبق الإمام إلى الركن فإن الركن الذي يدركه فيه الإمام لا يعد سابقاً به بل سابقاً إليه قوله "وإن كان جاهلا أو ناسيا بطلت الركعة فقط" أي إذا ركع ورفع قبل إمامه جاهلا أو ناسيا بطلت الركعة التي حصل فيها هذا السبق فقط فيلزمه قضاؤها بعد سلام الإمام

قوله "وإن ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت إلا الجاهل والناسي ويصلي تلك الركعة قضاءً" أي إن ركع ورفع قبل ركوع إمامه ثم سجد قبل رفعه بطلت صلاته لأنه سبق الإمام بركنين و التخلف عن الإمام نوعان: لعذر ولغير عذر

الأول: أن يكون لعذر فإنه يأتي بما تخلف به ويتابع الإمام ولا حرج عليه حتى وإن كان ركناً كاملاً أو ركنين فلو أن شخصاً سها وغفل أو لم يسمع إمامه حتى سبقه الإمام بركن أو ركنين فإنه يأتي بما تخلف به ويتابع إمامه إلا أن يصل الإمام إلى المكان الذي هو فيه فإنه لا يأتي به ويبقى مع الإمام وتصح له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه الركعة التي تخلف فيها والركعة التي وصل إليها الإمام وهو في مكانه مثال ذلك: رجل يصلي مع الإمام والإمام ركع ورفع وسجد وجلس وسجد الثانية ورفع حتى وقف والمأموم لم يسمع المكبر إلا في الركعة الثانية لانقطاع الكهرباء مثلاً ولنفرض أنه في الجمعة وكان يسمع الإمام يقرأ الفاتحة ثم انقطع الكهرباء فأتم الإمام الركعة الأولى وقام وهو يظن أن الإمام لم يركع في الأولى فسمعه يقرأ "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" الغاشية (1) فيبقى مع الإمام وتكون ركعة الإمام الثانية له ركعة أولى فإذا سلم الإمام فيقضي الركعة الثانية قال أهل العلم وبذلك يكون للمأموم ركعة ملفقة من ركعتي إمامه لأنه ائتم بإمامه في الأولى وفي الثانية فإن علم بتخلفه قبل أن يصل الإمام إلى مكانه فإنه يقضيه ويتابع إمامه مثاله: رجل قائم مع الإمام فركع الإمام وهو لم يسمع الركوع فلما قال الإمام سمع الله لمن حمده سمع التسميع فعليه أن يركع ويرفع ويتابع إمامه ويكون مدركاً للركعة لأن التخلف هنا لعذر

النوع الثاني: التخلف لغير عذر إما يكون تخلفاً في الركن أو تخلفاً بركن فالتخلف في الركن معناه أن تتأخر عن المتابعة لكن تدرك الإمام في الركن الذي انتقل إليه

مثل أن يركع الإمام وقد بقي عليك آية أو آيتان من السورة وبقيت قائماً تكمل ما بقي عليك من الآيات لكنك ركعت وأدركت الإمام في الركوع فالركعة هنا صحيحة لكن الفعل مخالف للسنة لأن المشروع أن تشرع في الركوع من حين أن يصل إمامك إلى الركوع ولا تتخلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا..." رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه والتخلف بالركن معناه أن الإمام يسبقك بركن أي أن يركع ويرفع قبل أن تركع والحكم أنه إذا تخلف عنه بركن لغير عذر فصلاته باطلة سواء كان الركن ركوعاً أم غير ركوع وعلى هذا لو أن الإمام رفع من السجدة الأولى وكان هذا المأموم يدعوا الله في السجود فبقي يدعو الله حتى سجد الإمام السجدة الثانية فصلاته باطلة لأنه تخلف بركن وإذا سبقه الإمام بركن فأين المتابعة

النوع الثالث: الموافقة والموافقة إما في الأقوال وإما في الأفعال فهي قسمان

القسم الأول : الموافقة في الأقوال فلا تضر إلا في تكبيرة الإحرام والسلام أما في تكبيرة الإحرام فإنك لو كبرت قبل أن يتم الإمام تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاتك أصلاً لأنه لا بد أن تأتي بتكبيرة الإحرام بعد انتهاء الإمام منها نهائياً وأما الموافقة بالسلام فقال العلماء إنه يكره أن تسلم مع إمامك التسليمة الأولى والتسليمة الثانية والواجب أن لا تسلم إلا بعد التسليمتين وأما بقية الأقوال فلا يؤثر أن توافق الإمام أو تتقدم عليه أو تتأخر عنه فلو فرض أنك تسمع الإمام يتشهد وسبقته أنت بالتشهد فهذا لا يضر لأن السبق بالأقوال ما عدا التحريمة والتسليم ليس بمؤثر ولا يضر وكذلك أيضاً لو سبقته بالفاتحة فقرأت "وَلَا الضَّالِّينَ" الفاتحة (7) وهو يقرأ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" الفاتحة (5) في صلاة الظهر مثلاً فلا بأس لأنه يشرع للإمام في صلاة الظهر والعصر أن يسمع الناس الآية أحياناً كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه قال "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وسُورَةٍ سُورَةٍ، ويُسْمِعُنَا الآيَةَ أحْيَانًا" رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري

القسم الثاني : الموافقة في الأفعال وهي مكروهة

مثال الموافقة لما قال الإمام الله أكبر للركوع وشرع في الهوى هويت أنت والإمام سواء فهذا مكروه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا..." وفي السجود لما كبر للسجود سجدت ووصلت إلى الأرض أنت وهو سواء فهذا مكروه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فعن البراء بن عازب "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حتَّى يَقَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ" أخرجه البخاري ومسلم

رابعاً : المتابعة وهي السنة

ومعناها أن يشرع الإنسان في أفعال الصلاة فور شروع إمامه لكن بدون موافقه فمثلاُ: إذا ركع تركع وإن لم تكمل القراءة المستحبة ولو بقي عليك آية لكونها توجب التخلف فلا تكملها وفي السجود إذا رفع من السجود تابع الإمام فكونك تتابعه أفضل من كونك تبقى ساجداً تدعو الله لأن صلاتك ارتبطت بالإمام وأنت الآن مأمور بمتابعة إمامك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/6 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر