الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الأنبياء والمرسلين         
  أما بعد:
قول المصنف "يسن القيام عند "قد" من إقامتها" أي يسن للمأموم أن يقوم إذا قال المقيم "قد قامت الصلاة" لأن "قد" تفيد التحقيق و "قامت" تفيد الواقع وهذا أحد الأقوال في المذهب والمشهور من المذهب أنهم لا يقومون عند إقامتها إلا إذا رأوا الإمام والسنة لم ترد محددة لموضع القيام إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تقوموا حتى تروني" أخرجه البخاري
قوله "وتسوية الصف" يعني تسن تسوية الصف والراجح وجوب تسوية الصف وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك فيقول "سووا صفوفكم" أخرجه البخاري ويرشد أصحابه لهذا حتى فهموا ذلك عنه وعقلوه جيداً وفي يوم من الأيام خرج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأقيمت الصلاة فالتفت فإذا رجل قد بدا صدره فقال"عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" أخرجه البخاري
 فقوله "لتسون صفوفكم" تقدير الكلام والله لتسون صفوفكم وهذا خبر فيه تحذير
وتسوية الصف تكون بالتساوي بحيث لا يتقدم أحد على أحد والمعتبر المناكب في أعلى البدن والأكعب في اسفله وهذا عند الاعتدال
ومن قال إن الإمام يتقدم على المأموم يسيرا لتمييز الإمام عن المأموم فإن هذا خلاف ظاهر النص فابن عباس رضي الله عنهما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه وجعله عن يمينه ولم ينقل أنه أخره قليلا ثم إن الإمام والمأموم يعتبران صفاً
فإذا اعتبرناهما صفاً كان المشروع تسوية الصف وهناك تسوية أخرى بمعنى الكمال قال تعالى "ولما بلغ أشده واستوى..." القصص(14) أي كمل فإذا قلنا إستواء الصف بمعنى كماله لم يكن ذلك مقتصراً على تسوية المحاذاة بل يشمل عدة أشياء
أولاً : تسوية المحاذاة وهذا على القول الراجح واجب
ثانياً : التراص في الصف فإن هذا من كماله وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك وندب أمته أن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربها يتراصون ويكملون الأول فالأول رواه مسلم 
فالمراد بالتراص ألا يدعوا فرجاً للشياطين وليس المراد بالتراص التزاحم
ثالثاً : إكمال الأول فالأول فإن هذا من استواء الصفوف فلا يشرع في الصف الثاني حتى يكتمل الصف الأول وهكذا ، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تكميل الصف الأول فقال "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا" رواه البخاري ومسلم الإستهام هو الاقتراع 
رابعاً : ومن تسوية الصفوف التقارب فيما بينها وفيما بينهما وبين الإمام لأنهم جماعة والجماعة مأخوذة من الاجتماع ولا اجتماع مع التباعد ، وكلما قربت الصفوف بعضها إلى بعض وقربت إلى الإمام كان أفضل
خامساً : ومن استواء الصفوف وكمالها أن يدنوا الإنسان من الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى" رواه مسلم وكلما كان أقرب كان أولى
سادساً : تفضيل اليمين يمين الإمام على شماله يعني أيمن الصف أفضل من أيسره
سابعاً : ومن استواء الصف أن تفرد النساء وحدهن بمعنى أن يكون النساء خلف الرجال
لقوله صلى الله عليه وسلم "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" رواه مسلم خوفاً من الفتنة ومع انتفاء الفتنة خلاف الأولى
ثامناً : هل من استواء الصفوف أن يتقدم الرجال ويتأخر الصبيان ؟
الجواب : تأخيرهم يؤدي إلى محذورين
الأول : كراهة الصبي للمسجد
الثا ني : كراهيته للرجل الذي أخره عن الصف
أما قوله صلى الله عليه وسلم "ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى..." فمراده حث هؤلاء على التقدم لا تأخير الصغار عن أماكنهم
تاسعاً : اقتداء كل صف بمن أمامه عند الحاجة إذا كان صوت الإمام خفي 
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين