الدرس 174 الجزء الخامس إثبات اليد والقدرة  لله سبحانه

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 25 ربيع الأول 1446هـ | عدد الزيارات: 40 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد؛

القولُ بأن المراد باليد القدرةُ كلامٌ ناقصٌ مخالفٌ لما عليه أهلُ السنة والجماعة ، والصوابُ أن ما ورد في هذا من الأحاديث والآثار يراد به إثباتُ اليد والقدرةِ جميعاً فهي تدل على أن بيده كلَّ شيءٍ سبحانه وله القدرة الكاملة ، كما تدل على إثبات اليد له سبحانه على الوجه اللائقِ به من غيرِ أن يشابه خلقَه في شيء من صفاته ، وقد دلَّ على هذا المعنى قولُه تعالى في سورة المائدة " بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ " المائدة 64 ، وقوله سبحانه في سورة ص " مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " ص 75 ، وقوله صلى الله عليه وسلم " إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا." رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم "يَطْوِي اللهُ السماواتِ يومَ القيامةِ ، ثم يَأْخُذُهُنَّ بيدِه اليُمْنَى ، ثم يقولُ : أنا المَلِكُ أين الجَبَّارُونَ ؟ أين المُتَكَبِّرُونَ ؟ ثم يَطْوِي الْأَرَضِينَ ، ثم يَأْخُذُهن بشمالِه ، ثم يقولُ : أنا المَلِكُ أين الجَبَّارُونَ ؟ أين المُتَكَبِّرُونَ ؟ "( قلت: صححه الألباني في صحيح الجامع ، وحكم بنَكَارَةِ لفظة " بشمالِه ").

* حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه صحيحة ، وورد في النزول ما يصدقه وهو قوله " وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا" (الفجر 22) ، والقول بأن النزول والمجيء صفتان منفيتان عن الله من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال ، بل هما صفتان من صفات الله بلا تشبيه جلَّ عمَّا يقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوًا كبيرًا ، لا شك أن هذا القول باطل مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة ، فإن الله سبحانه قد أثبت لنفسه المجىء وكما أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بالنزول ، ولم يبين لنا سبحانه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم كيفية النزول ، ولا كيفية المجىء فوجب الكف عن ذلك ، كما وسع السلف الصالح رضي الله عنهم ذلك ، ولم يزيدوا على ما جاء في النصوص ، فالواجب السير على منهاجهم ولزوم طريقهم في إثبات الصفات الواردة في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة بلا كيف ، مع الإيمان بأنه سبحانه لا كفو له ولا شبيه له ولا مثيل له ، كما قال عز وجل " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " الصمد 4 ، " فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ " النحل 74 ، " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " الشورى 11 ، ومعلوم أن نفي الحركة والانتقال دخول في التكييف بغير علم ، ونحن ممنوعون من ذلك لعدم علمنا بكيفية صفاته سبحانه ، لأنه ، عَّز وجلَّ ، لم يخبرنا بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .

* ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة 12 ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي احتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام ، لأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه ولا أمر بذلك ، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه جميعا ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، فعلم أنه بدعة وقد قال صلى الله عليه وسلم "مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ " (قلت: رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم " مَنْ عملَ عَمَلاً ليس عليه أمْرِنَا فَهو رَدٌّ ") .

والاحتفال بالموالد ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردوداً ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه مسلم في صحيحه ، وزاد النسائي " وكل ضلالة في النار ".( قلت: صححه الألباني في صحيح الجامع) .
ويغني عن الاحتفال بمولده تدريسُ الأخبار المتعلقة بالمولد ضمن الدروس التي تتعلق بسيرته عليه الصلاة والسلام ، وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد وغيرِ ذلك ، من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعْه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقم عليه دليل شرعي .

* نوصيك بحمد الله كثيراً على ما منَّ به عليك من التوبة ، وأكثر من الأعمال الصالحات وأحسن ظنك بربك ، وأكثر من ذكر الله ، وقراءة القرآن بالتدبر ، واصْحب الأخيار وابْتعد عن الأشرار ، وأبشر بالخير وحسن العاقبة ، وستجد إن شاء اللهُ بعدَ العمل بما ذكرته لك حلاوةَ الإيمان ، ولذةَ الشهادتين وثمرةَ التوبة النصوح ، قال الله تعالى " أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " الرعد 28 ، وقال سبحانه " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور 31 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " ( قلت: رواه ابن ماجه وحسنه الألباني) ، فمن أكثر من ذكر الله وصدق في التوبة حصل له الفلاح والطمأنينة وراحة الضمير ومحيت عنه سيئاتُه .

وبالله التوفيق.

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 181 الجزء الخامس واجب الشباب  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 180 الجزء الخامس  أسباب ضعف المسلمين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 179 الجزء الخامس  أسباب سعادة الأمة الإسلامية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 178 الجزء الخامس وجوب التعاون على البر والتقوى - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 177 الجزء الخامس رسالة المسجد - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس  176 الجزء الخامس وصايا  للآمر  بالمعروف والناهي عن المنكر - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر