الدرس 94 باب بيان شيء من أنواع السحر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 16 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 1968 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قال المصنف : " قال أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن حيان بن العلا، حدثنا قطن بن قبيصة، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال
: إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت قال عوف العيافة زجر الطير، والطرق الخط يخط بالأرض ، والجبتُ قال الحسن: رنة الشيطان. إسناده جيد. ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه. "


أراد المؤلف أن يبين شيئا مما يسمى سحرا ؛ لينتبه المؤمن ويجتنبها ويبتعد عنها .

قوله " قال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر، ...أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العيافة، والطرق، والطيرة من الجبت "

الحديث رواه أبو داود ، وأحمد ، وابن حبان ، والطبراني ، والنسائي ،والبيهقي في (السنن الكبرى) ، والحديث سكت عنه أبو داود ، وضعفه الألباني في (ضعيف الجامع) ؛ وحيث إنه لم يثبت لديَّ صحةُ الحديث فقد صرفتُ النظرَ عن شرحه .

قوله :" وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد " ، رواه أبو داود وإسناده صحيح "

الحديث رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، وصححه الألباني ، ولكن بلفظة (عِلْماً) بدلا من (شُعبةً) و(اقتبس) بدلا من (فقد اقتبس) ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" منِ اقتبسَ عِلمًا منَ النُّجوم، اقتبسَ شعبةً منَ السِّحرِ زادَ ما زادَ".

قوله صلى الله عليه وسلم :"مَنِ اقتبسَ عِلْماً " ، قبست العلم واقتبسته إذا تعلمته ، وعلى هذا فالمعنى : من تعلم علماً.

قوله صلى الله عليه وسلم " اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد " ، الشعبة الطائفة من الشيء ، والقطعة منه ، ومنه الحديث " الحياء شعبة من الإيمان " متفق عليه . أي جزء منه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله ، :" فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأن علم النجوم من السحر" .

وقوله صلى الله عليه وسلم " زاد ما زاد " أي كلما زاد علما من النجوم ازداد شعبة من السحر، ووجه ذلك أن الشيء إذا كان من الشيء فإنه يزداد بزيادته ".

قول المصنف :" وللنسائي من حديث أبي هريرة : من عقد عقدةً ثم نفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، و"من تعلق شيئا وكل إليه ".

الحديث رواه النسائي ، والطبراني في (الأوسط) ، قال ابن عدي في (الكامل في الضعفاء): فيه عباد المنقري هو ممن يكتب حديثه ، وقال المزي في (تهذيب الكمال) : فيه عباد بن ميسرة ، وقال أبو داود ليس بالقوي ، وقال الذهبي في(ميزان الاعتدال): لا يصح ؛ للين عباد بن ميسرة وانقطاعه، وقال الألباني في(ضعيف النسائي): ضعيف ، لكن جملة التعليق ثبتت في الحديث ا.هـ ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم :"مَنْ تعلَّقَ شيئاً وُكِلَ إليه " رواه الترمذي عن عبدالله بن عكيم الجهني ، وصححه الألباني .

قوله صلى الله عليه وسلم :"مَنْ تعلَّقَ شيئاً وُكِلَ إليه" أي من تعلق قلبه شيئا بحيث يتوكل عليه ويرجوه وكله اللهُ إلى ذلك الشيء ، فإن تعلق العبدُ على ربه وكله إليه وكفاه ، ووقاه وحفظه وتولاه ، ونعم المولى ونعم النصير ، كما قال تعالى:" أليس الله بكاف عبده " (الزمر 63)،.

قوله :" وعن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أَلا أُنَبِّئُكُمْ ما العَضْهُ ؟ هي النَّمِيمَةُ القالَةُ بيْنَ النَّاسِ. " أخرجه مسلم .

قوله "ألا أنبئكم" (ألا): أداة استفتاح، والغرض تنبيه المخاطب والاعتناء بما يلقى إليه لأهميته ، ومعنى "أنبئكم " أخبركم .
قوله "العضْهُ" بمعنى الكذب.
قوله "هي النميمة" فسرها بقوله " القالة بين الناس " أي نقل القول بين الناس، ويترتب عليها شحن القلوب.

قوله :" ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إنَّ من البيانِ لَسِحْراً " .

قوله "ولهما" أي البخاري ومسلم ، واللفظ للبخاري .

قوله صلى الله عليه وسلم :" إن من البيان لسحرا " ، البيان هو الفصاحة والبلاغة ؛ لأن صاحب البيان قد يسحر الناس بأسلوبه وفصاحته ، و البيان إذا كان في الحق والدعوة للكتاب والسنة فهو ممدوح ، والكتاب والسنة قد جاءا بأوضح البيان وأفصحه. أما إذا كان مؤديا للخداع والتعمية على الناس وتضليل مجرى العدالة فتكون محرمةً، واصل الحديث أنه للمدح قاله الجمهور، والدلالة على مكانة الببان إذا كان في الحق.

قوله :" فيه مسائل :

الأولى : أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت ، سبق وأن ذكرت تضعيف الألباني لهذا الحديث .

الثانية تفسير العيافة والطرق والطيرة ، سبق وأن صرفت النظر عن تفسيرها لضعف الحديث

الثالثة : أن علم النجوم نوع من السحر، لقوله صلى الله عليه وسلم :"من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر " ، سبق شرح الحديث.

الرابعة : العقد مع النفث من ذلك ؛ وهذا بناه الشيخ على حديث أبي هريرة :" من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر "، وقد سبق تضعيف الألباني لهذا الحديث.

الخامسة : أن النميمة من ذلك ؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه ، :" أَلا أُنَبِّئُكُمْ ما العَضْهُ؟ هي النَّمِيمَةُ القالَةُ بيْنَ النَّاسِ" .

السادسة : أن من ذلك بعض الفصاحة ؛ أي من السحر بعض الفصاحة لقوله صلى الله عليه وسلم :"إن من البيان لسحرا"

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434/3/15 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر