الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ،
قوله :" عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ " رواه أبو داود بإسناد حسن ورواته ثقات." الحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود
قوله "لا تجعلوا" (لا) ناهية، والفعل مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل.
قوله "بيوتكم" جمع بيت، وهو مقر الإنسان وسكنه.
قوله "قبورا" مفعول ثان لتجعلوا.
"لا تجعلوا بيوتكم قبورا" أي مثل القبور ، لا يُصلى فيها ولا يُقْرَأ عندها .
والحديث يدل على أن الأفضل أن المرء يجعل من صلاته في بيته إلا الفريضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ في بُيُوتِكُمْ، فإنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوبَةَ "من حديث زيد بن ثابت الذي رواه البخاري .
لذا يكاد المسجد يخلو من الصحابة بعد صلاة المغرب ؛ لأنهم يؤدون النافلة في بيوتهم ، إلا ما ورد الشرع أن يفعل في المسجد، مثل صلاة الكسوف والخسوف، وصلاة التراويح والقيام في رمضان
قوله صلى الله عليه وسلم "ولا تجعلوا قبري عيداً"، بتكرار المجيئ إليه للدعاء عنده أو للصلاة عنده أو للاستغاثة به ونحو ذلك ، والعيد هو ما يتكرر ويعود كل مرة ، ولا يدخل في هذا زيارته عليه الصلاة والسلام دون شد الرحل ودون الغلو فيها .
قوله صلى الله عليه وسلم "وصلوا عليَّ" هذا أمر، أي قولوا اللهمَّ صلِّ على محمد، وقد أمر الله بذلك في قوله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب 56)
وفضلُ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم معروفٌ، ومنه أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، قال صلى الله عليه وسلم :" من صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشْراً " أخرجه مسلم عن أبي هريرة ، وصلاةُ الله على المرء ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وتبعه على ذلك المحققون من أهل العلم.
قوله صلى الله عليه وسلم "فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" (حيثُ) ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب
كيف تبلغه الصلاة عليه؟
الجواب: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " إنَّ للَّهِ ملائِكةً سيَّاحينَ في الأرضِ ، يُبلِّغوني من أُمَّتي السَّلامَ "رواه النسائي من حديث ابن مسعود، وصححه الألباني .
وبالله التوفيق
وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
1434/3/14هـ