الدرس 114 معنى القاسطين والمقسطين في القرآن الكريم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 14 ذو القعدة 1442هـ | عدد الزيارات: 499 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

القسط الذي أمر الله بالحكم به هو العدل ، والمقسطون هم أهل العدل في حكمهم وفي أهليهم وفيما ولاهم الله عليهم ، وأقسطَ أي عدَلَ في الحكم وأدَّى الحقَّ ولم يَجُرْ ، أما القاسط فهو الجائر الظالم ، يقال : قسط يقسط قسطاً فهو قاسط إذا جار وظلم ، ولهذا قال تعالى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً " الجن 15 ، يعني الظالمين الجائرين المعتدين المتعدين لحدود الله ، وهم الذين توعدهم الله بأن يكونوا حطباً لجهنم ، أما المقسطون بالميم من أقسطوا فهؤلاء هم : أهل العدل الموفقون المهديون الذين يعدلون في حكمهم وفي أهليهم وفيمن ولاهم الله عليهم ، ولهذا قال تعالى " إن الله يحب المقسطين " الحجرات 9 ، يعني يحب أهل العدل والاستقامة والإنصاف ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " المقسطون على منابر من نور يوم القيامة الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " .(قلت: الحديث جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بهذا اللفظ"إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما ولوا."

* اختلف العلماء رحمة الله عليهم في قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم : فذهب جماعة من أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوهما بالجنب ، وقالوا : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ القرآن ، لأن الجنابة حدث أكبر ، والحيض مثل ذلك ، والنفاس مثل ذلك فقالوا : لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا ، واحتجوا أيضاً بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ".
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن عن ظهر قلب ، لأن مدتهما تطول أياماً كثيرة فلا يصح قياسهما على الجنب لأن مدته قصيرة ، ولأن في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ ، أما الحائض والنفساء فليس في إمكانهما ذلك ، وقالوا في الحديث السابق الذي احتج به المانعون إنه حديث ضعيف ، ضعفه أهل العلم لكونه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، وهذا القول هو الصواب .
فعلى هذا لا بأس أن تقرأ الطالبة القرآن ، وهكذا المدرسة في الامتحان وغير الامتحان عن ظهر قلب لا من المصحف.
أما إن احتاجت إحداهن إلى القراءة من المصحف فلا حرج عليها بشرط أن يكون ذلك من وراء حائل كالقفازين ونحوهما .

* يجب أن يُعلم أنه لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة لا من النصارى ولا من غير النصارى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة وأوصى عند موته صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من هذه الجزيرة وهي المملكة العربية السعودية واليمن ودول الخليج ، كل هذه الدول داخلة في الجزيرة العربية فالواجب ألا يقر فيها الكفرة من اليهود ، والنصارى ، والبوذيين ، والشيوعيين ، والوثنيين ، وجميع من يحكم الإسلام بأنه كافر لا يجوز بقاؤه ولا إقراره في هذه الجزيرة ولا استقدامه إليها إلا عند الضرورة القصوى التي يراها ولي الأمر كالضرورة لأمر عارض ثم يرجع إلى بلده .
أما استقدامهم ليقيموا بها فلا يجوز بل يجب أن يكتفي بالمسلمين في كل مكان وأن تكون المادة التي تصرف لهؤلاء الكفار تصرف للمسلمين ، وأن ينتقي من المسلمين من يُعرف بالاستقامة والقوة على القيام بالأعمال حسب الطاقة والإمكان ، وأن يختار أيضاً من المسلمين من هم أبعد عن البدع والمعاصي الظاهرة ، وأن لا يستقدم إلا من هو طيب ينفع البلاد ولا يضرها ، هذا هو الواجب .

لكن من ابتلي باستقدام أحد من هؤلاء الكفرة كالنصارى وغيرهم فإن عليه أن يبادر بالتخلص منهم وردهم إلى بلادهم بأسرع وقت .

*لا يجب على المرأة المسلمة أن تتحجب عن المرأة الكافرة في أصح قولي العلماء ، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب احتجاب المرأة المسلمة عن المرأة الكافرة مستدلين بقوله سبحانه في سورة النور لما نهى الله سبحانه المؤمنات عن إبداء الزينة إلا لبعولتهن ، قال تعالى " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن " إلى أن قال تعالى " أو نسائهن " النور 31 .

قال بعض أهل العلم : يعني بنسائهن المؤمنات ، فإذا كانت النساء كافرات فإن المؤمنة لا تبدي زينتها لهن وقال آخرون : بنسائهن جنس النساء مؤمنات أو غير مؤمنات وهذا هو الأصح فليس على المرأة المؤمنة أن تحتجب عن المرأة الكافرة لما ثبت أن اليهوديات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهكذا الوثنيات يدخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أنهن كن يحتجبن عنهن ولو كان هذا واقعاً من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهن لنقل ، لأن الصحابة لم يتركوا شيئاً إلا نقلوه رضي الله عنهم وهذا هو المختار والأرجح .
* الدخان محرم لكونه خبيثاً ومشتملاً على أضرار كثيرة والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها وحرَّم عليهم الخبائث .
قال الله سبحانه وتعالى " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات " المائدة 4 ، وقال سبحانه في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " الأعراف 157 ، والدخان بأنواعه كلها ليس من الطيبات بل هو من الخبائث وهكذا جميع المسكرات كلها من الخبائث ، والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه لما في ذلك من المضار العظيمة والعواقب الوخيمة .

والواجب على من كان يشربه أو يتجر فيه البدار بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والندم على ما مضى والعزم على ألا يعود في ذلك ، ومن تاب صادقاً تاب الله عليه كما قال عز وجل " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور 31 ، وقال سبحانه " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى " طه 82 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " التوبة تجب ما كان قبلها " (قلت : الحديث ورد في مسلم بهذا اللفظ عن عبد اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: "أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإِسْلامَ يهدِمُ ما كان قَبْلَه، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبْلَها، وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبله")، وقال عليه الصلاة والسلام " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " .صححه الألباني في صحيح ابن ماجه ، والحديث عن عبد الله بن مسعود
ونسأل الله أن يصلح حال المسلمين وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرعه إنه سميع مجيب

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

13 - 11 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر