الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف :" عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ ؛ رضِيَ اللهُ عنه ، وأرْضى عنه الناسَ ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ ، سخِط اللهُ عليه ، وأسخَط عليه الناسَ " رواه ابن حبــان في صحيحه ".
بهذا اللفظ أورده الألباني في صحيح الترغيب ، قال عنه : صحيح لغيره ، أما رواية ابن حبان في صحيحه فجاءت بهذا اللفظ " عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الِلَّهِ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ الِلَّهِ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ "
قوله صلى الله عليه وسلم : في حديث عائشة رضي الله عنها: مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، "التمس": طلب، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: " التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ " من حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري
قوله: "رِضَا اللهِ": أي: أسباب رضاه
وقوله: "بِسَخَطِ النَّاسِ": الباء للعوض أي: إنه طلب ما يرضي الله ولو سخط الناس ، وجواب الشرط: "رَضِيَ الِلَّهِ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ"
وقوله: "رَضِيَ الِلَّهِ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ،": هذا ظاهر، فإذا التمس العبد رضا ربه بنية صادقة رضي الله عنه؛ لأنه أكرم من عبده، وأرضى عنه الناس، وذلك بما يلقي في قلوبهم من الرضا عنه ومحبته ؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
قوله: " وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ"، "التمس": طلب أي: طلب ما يرضي الناس، ولو كان يسخط الله فنتيجة ذلك أن يعامل بنقيض قصده، لهذا قال: "سَخَطَ الِلَّهِ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ" فألقى في قلوبهم سخطه وكراهيته.
قول المصنف "فيه مسائل :
الأولى: تفسير آية آل عمران ، وهي قوله تعالى :"إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران:175)
الثانية : تفسير آية براءة ، وهي قوله تعالى "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْاخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ" (التوبة 18)
الثالثة " تفسير آية العنكبوت ، وهي قوله تعالى :"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ " (العنكبوت 10)
الرابعة : أن اليقين يضعف ويقوى ، تؤخذ من حديث :" إنما ضعف اليقين " وسبق أن ذكرنا ضعف الحديث .
الخامسة : علامة ضعفه ، ومن ذلك هذه الثلاث ، سبق تضعيف الحديث .
السادسة : أن إخلاص الخوف لله من الفرائض ، تؤخذ من قوله في حديث :"من التمس .. ".
السابعة : ذكر ثواب من فعله ، وهورضا الله عنه وأنه يرضي عنه الناس ، وهو العاقبة الحميدة .
الثامنة : ذكر عقاب من تركه ، وهو أن يسخط الله عليه ويسخط عليه الناس ، ولا ينال مقصوده
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/4/15 هـ