الدرس 78 رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 12 رجب 1442هـ | عدد الزيارات: 473 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

من رأى النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، على صورته المعروفة الواردة في الأحاديث الصحيحة فقد رآه ، لقوله صلى الله عليه وسلم " مَن رَآنِي في المَنامِ فقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ في صُورَتِي، " متفق على صحته.

* اتِّقاءُ مكر الله يكون بطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده وملازمة التوبة مما يقع من الذنوب مع الاستكثار من الأعمال الصالحات والذكر والاستغفار وقراءة القرآن الكريم وسؤاله سبحانه كثيراً أن يثبتك على الحق وأن لا يزيغ قلبك عن الهدى وقد قال الله سبحانه " ادعوني أستجب لكم " غافر 60 ، وقال سبحانه " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب " الطلاق 2 ، 3 ، وقال عز وجل " ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً " الطلاق 5 ، وقال عز وجل " إن المتقين في جنات وعيون " الذاريات 15 ، وقال سبحانه " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور 31 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
* لا يجوز العلاج عند طبيب شعبي يستخدم الجن ومن ذهب إلى طبيب فطلب منه كتابة اسمه واسم والدته ثم مراجعته في الغد فهذا دليل على أنه يستخدم الجن ويدعي علم المغيبات ، فلا يجوز العلاج عنده ، ولا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجنس من الناس " مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً. " أخرجه مسلم في صحيحه .
وثبت عنه في عدة أحاديث النهي عن إتيان الكهان والعرافين والسحرة والنهي عن سؤالهم وتصديقهم ، وقال " من أتى كاهنًا فصدَّقَه بما يقولُ فقد كفرَ بما أُنزلَ علَى محمَّدٍ " (قلت:رواه ابن ماجه وصححه الألباني) ، وكل من يدَّعي علمَ الغيب باستعمال ضرب الحصى أو الودع أو التخطيط في الأرض أو سؤال المريض عن اسمه واسم أمه أو اسم أقاربه فكلُّ ذلك دليلٌ على أنَّه من العرافين والكهان الذين نهى النبيُّ عن سؤالهم وتصديقهم ، فالواجب الحذر منهم ومن سؤالهم ومن العلاج عندهم وإن زعموا أنهم يعالجون بالقرآن لأن من عادة أهل الباطل التدليس والخداع فلا يجوز تصديقهم فيما يقولون والواجب على من عرف أحداً منهم أن يرفع أمره إلى ولاة الأمر من القضاة والأمراء ومراكز الهيئات في كل بلد حتى يحكم عليهم بحكم الله وحتى يسلم المسلمون من شرهم وفسادهم وأكلهم أموال الناس بالباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله .

* الْغِيبَةُ محرمةٌ بإجماع المسلمين وهي من الكبائر سواء كان العيب موجوداً في الشخص أم غير موجود ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن الغيبة قال " ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول ؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته "(قلت: ورد الحديث في مسلم بهذا اللفظ " أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ:ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ قيلَ أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ.") .

وثبت عنه أنه رأى ليلة أسري به قوماً لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فسأل عنهم فقيل له هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم .(قلت: رواه أبو داود وصححه الألباني ، بهذا النص "لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم ، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ ، ويقعون في أعراضِهم.") ، وقد قال الله سبحانه " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم " الحجرات 12 ، فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الغيبة والتواصي بتركها طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحرصاً من المسلم على ستر إخوانه وعدم إظهار عوراتهم ولأن الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة وتفريق المجتمع .

* لا شك أن فعل اللواط جريمة عظيمة ، ولكن دواؤها ميسر بحمد الله وهو البدار بالتوبة النصوح ، وذلك بالندم على ما مضى والإقلاع من هذه الجريمة والعزم الصادق على عدم العودة إليها مع صحبة الأخيار والبعد عن الأشرار والمبادرة بالزواج ، وأبشر بالخير والفلاح والعاقبة الحميدة إذا صدقت في التوبة ، لقول الله سبحانه وتعالى " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور 31 ، وقوله عز وجل في سورة التحريم " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً " التحريم 8 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " التوبة تهدم ما كان قبلها " ،(قلت: أخرج الإمام مسلم في صحيحه في حديث إسلام عمرو بن العاص أن رسول الله قال له: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ ")

وقوله عليه الصلاة والسلام " التائبُ من الذنبِ كمن لا ذنبَ لهُ " (قلت:رواه ابن ماجه وصححه الألباني).
* ما يقع في نفس الإنسان من الأفكار السيئة كأن يفكر في الزنا أو السرقة أو شرب المسكر أو نحو ذلك ، ولا يفعل شيئاً من ذلك فإنه يُعفى عنه ولا يلحقه بذلك ذنب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ بهِ. " متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم " من همَّ بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه " (قلت: ورد الحديث في مسلم بهذا اللفظ" ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، لَمْ تُكْتَبْ، وإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ. ") ، وفي لفظ " كتبت له حسنة لأنه تركها من جرائي " متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .(قلت : ورد الحديث في مسلم بهذا اللفظ "وإنْ تَرَكَها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، إنَّما تَرَكَها مِن جَرَّايَ")

والمعنى أنه من ترك السيئة التي همَّ بها من أجل الله كتبها الله له حسنة ، وإن تركها لأسباب أخرى لم تكتب عليه سيئة ولم تكتب له حسنة ، وهذا فضل من الله سبحانه ورحمة لعباده ، فله الحمد والشكر لا إله غيره ولا رب سواه .

* لا نعلم حرجاً في حِرَف الطباخة والحلاقة وصناعة الأحذية والعمل في النظافة وأشباهها من الحِرَف المباحة إذا اتقى صاحبها ربه ونصح ولم يغش معامليه لعموم الأدلة الشرعية في ذلك ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لما سُئل أي الكسب أطيب قال " عملُ الرجلِ بيدِهِ وكلُّ بيعٍ مبرورٍ " رواه البزار وصححه الحاكم ، (قلت: صححه الألباني في صحيح الترغيب )، وقوله صلى الله عليه وسلم " ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده " رواه البخاري في صحيحه ،(قلت: ورد في البخاري بهذا اللفظ "ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ ") ولأن الناس في حاجة إلى هذه الحِرَف وأشباهها فتعطيلها والتنزه عنها يضر المسلمين ويحوجهم إلى أن يقوم بها أعداؤهم . وعلى من يعمل في النظافة أن يجتهد في سلامة بدنه وثيابه من النجاسة والعناية بتطهير ما أصابه منها .

* كل من نحكم بإسلامه يصح أن نصلي خلفه ومَنْ لا فلا ، وهذا قول جماعة من أهل العلم وهو الأصوب ، وأما من قال أنها لا تصح خلف العاصي فقوله هذا مرجوح ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في الصلاة خلف الأمراء ، والأمراء منهم الكثير من العصاة ، وابن عمر وأنس وجماعة صلوا خلف الحجاج وهو من أظلم الناس .
والحاصل أن الصلاة تصح خلف مبتدع بدعة لا تخرجه عن الإسلام ، أو فاسق فسفاً ظاهراً لا يخرجه من الإسلام ، لكن ينبغي أن يُولَّى صاحب السنة ، وهكذا الجماعة إذا كانوا مجتمعين في محل يقدمون أفضلهم .

وفق الله المسلمين لما يحب ويرضى

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

10 - 7 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر