الدرس 278: سجود السهو

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 27 رجب 1437هـ | عدد الزيارات: 1635 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

إذا تيقن الإمام صواب نفسه فليس عليه سجود سهو ولا يجوز له الرجوع إلى قول من سبح به لاعتقاده خطأهم، وأما المأموم الذي تيقن أن الإمام زاد ركعة مثلا فلا يجوز له أن يتابعه عليها، وإن تابعه عالمًا بالزيادة، وعالمًا بأنه لا تجوز المتابعة بطلت صلاته

سجود السهو سجدتان بعد التشهد الأخير وقبل السلام، مثل السجود في الصلاة ويقال فيهما من الذكر والدعاء ما يقال في السجود، إلا إذا كان السهو عن نقص ركعة فأكثر فإن الأفضل أن يكون سجود السهو بعد السلام، وهكذا إذا بنى المصلي على غالب ظنه فإن الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك

من علم من المأمومين أن إمامه قام ليأتي بركعة زائدة كخامسة في الصلاة الرباعية سبح له، فإن رجع فيها، وإلا جلس وانتظر الإمام حتى يسلم بسلامه.

إذا صلى الرباعية خمسًا سهوًا ولم يعلم إلا بعد السلام فإنه يسجد سجدتين للسهو مستقبلا القبلة لزيادته ركعة في الصلاة ثم يسلم

إذا سلم في صلاة الظهر مثلا عن نقص ركعة وجب عليه أن يأتي بها وأن يسجد سجود السهو، وذلك إذا لم يطل الفصل، فإن طال الفصل قبل أن يأتي بالركعة الناقصة وجب عليه الإعادة

من نسي التشهد الأول حتى اعتدل قائماً الأفضل عدم العودة وإن عاد صحت صلاته ما لم يشرع في القراءة مع سجود السهو

من كان من المأمومين مسبوقا بركعة وتابع الإمام لا يَعْتَبِرْ الركعة التي تابع فيها الإمام وهي زائدة بالنسبة للإمام بل يأتي بركعة بعد سلام الإمام

من سجد سجدة واحدة وأعلم بعد الصلاة فإنه يأتي بركعة كاملة ويسجد للسهو

الشك بعد الانتهاء من الطواف أو السعي أو الصلاة لا يلتفت إليه لأن الظاهر سلامة العبادة

من سها فجلس عن نقص في الصلاة لا يلزمه تكبير للقيام إذا ذكر أو ذُكِر، ولو كبر عند قيامه لتكميل صلاته فإن تكبيره لا يؤثر على صحة صلاته؛ لأنه إشعار للمأمومين لاستجابته لهم في القيام لتكميل الصلاة، والتكبير ذكر من جنس المشروع فيها، فلا يبطلها

الجهر بالتلاوة في الصلاة الجهرية والإسرار بالسرية سنة ولا يجب سجود السهو لمن ترك ذلك، وإن سجد فهو أفضل لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية سجود السهو على من زاد أو نقص

من نسي السورة بعد الفاتحة في الصلاة فلا شيء عليه سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، وسواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا وذلك في أصح قولي العلماء

يقول في سجدتي السهو وسجود التلاوة ما يقوله في سجود الصلاة، ومن ذلك قول (سبحان ربي الأعلى) يكررها ثلاثاً أو أكثر والواجب مرة ويستحب أن يقول فيهما (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) أخرجه مسلم، ويشرع له أيضًا أن يقول (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) ويدعو فيهما أيضًا بما أحب من الدعوات الطيبة كما يدعو في سجود الصلاة

يسجد المأموم المسبوق مع الإمام إذا سجد للسهو قبل السلام، أما إذا سجد الإمام بعد السلام فإن المأموم المسبوق يسجد للسهو بعد قضاء ما عليه من الركعة أو الركعات قبل السلام أو بعده

إذا سلم المأموم قبل إمامه سهواً فيلزمه أن يعود إلى نية الصلاة ثم يسلم بعد إمامه، وليس عليه سجود سهو إن كان قد دخل مع الإمام من أول الصلاة، أما إن كان مسبوقا بركعة أو أكثر فإنه يعود إلى نية الصلاة فإذا سلم إمامه قام فقضى ما عليه ثم سجد للسهو الذي حصل منه قبل السلام أو بعده

من نسي سجود السهو لترك واجب فصلاته صحيحة

إذا أتى المصلي إلى المسجد والإمام ساجد سجدة تلاوة فإنه يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يتابعه في سجود التلاوة وما بعده

يشرع للمصلي إذا كان إماما أو منفردا ومر بآية سجدة أن يكبر ويسجد سجود التلاوة، ثم يكبر عندما ينهض من السجدة؛ لأن التكبير يكون في كل خفض ورفع، أما إن كان القارئ خارج الصلاة ومر بالسجدة فإنه يشرع له أن يكبر ويسجد، ولا يشرع له بعد ذلك تكبير ولا سلام؛ لعدم ورود الدليل على ذلك

صلاة الوتر

أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بواحدة، وعلّم من سأله عن صلاة الليل أن يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة قبل الفجر، فإن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة) أخرجه البخاري ومسلم، وكان يوتر صلى الله عليه وسلم أحيانا بثلاث لا يفصل بينهن أحيانا بسلام، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في الوتر في الركعة الأولى بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي الركعة الثانية بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثالثة بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ولا يسلم إلا في آخرهن) رواه النسائي

وروى أبو أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) رواه الخمسة إلا الترمذي، إلا أن الأفضل أن يوتر بواحدة مستقلة؛ لكثرة إيتار الرسول صلى الله عليه وسلم بها، ولصحة الأحاديث الواردة في ذلك وكثرتها، أما القنوت في الوتر فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله وأنه علمه الحسن بن علي رضي الله عنه، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه الخمسة، والمراد بالخمسة أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد

وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت) وقد عمل بذلك الحنفية والحنابلة، وضعف بعض المحدثين هذين الحديثين، والأمر في هذا واسع، ولكن الأفضل القنوت في الوتر؛ لهذين الحديثين، فإنهما لا ينزلان عن درجة الحديث الحسن، أما أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر حتى فارق الدنيا فلا نعلم في ذلك حديثا ثابتا يدل على ذلك

فصلاة الوتر سنة مؤكدة، ينبغي أن يحافظ المؤمن عليها، ومن يصليها يوما ويتركها يوما لا يؤاخذ، لكن ينصح بالمحافظة على صلاة الوتر ثم يشرع له أن يصلي بدلها من النهار ما فاته شفعا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) خرجه مسلم في صحيحه، فأقل الوتر ركعة ولا حد لأكثره، فإذا أوترت بركعة واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو أكثر من ذلك فالأمر فيه سعة كما دلت على ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وقد فصل العلامة ابن القيم الكلام في الوتر في كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد) فنوصي بمراجعته لمزيد الفائدة

فمن أوتر أول الليل فإنه يصلي ما شاء آخر الليل شفعا شفعا ولا يوتر بعدها، ومن أخر الوتر إلى آخر الليل صلاه بعد صلاة الليل، والأصل في ذلك ما رواه طلق بن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا وتران في ليلة) رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وروى سعيد بن المسيب (أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما أنا فأصلي ثم أنام على وتر فإذا استيقظت صليت شفعا شفعا حتى الصباح، وقال عمر: لكني أنام على شفع ثم أوتر من آخر السحر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر حذر هذا وقال لعمر قوي هذا) رواه أبو سليمان الخطابي، ويجوز أن تصلي صلاة الوتر بعد أن تجمع صلاة المغرب والعشاء جمع تقديم، عند وجود مسوغ للجمع، من مرض أو مطر أو سفر، لا مجرد البرودة

ومن كان يخشى أن يغلبه النوم فلا يؤخر الوتر إلى آخر الليل، بل المشروع له أن يقدمه في أول الليل، ولا يعيده إذا صلى من آخر الليل

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/7/27 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة