الدرس 74 استعمال العطور التي تحتوي على الكحول

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 29 جمادى الآخرة 1442هـ | عدد الزيارات: 673 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الأصل حِلُّ العطور والأطياب التي بين الناس إلا ما عُلِم أن به ما يمنع استعمالَه ؛ لكونه مسكراً أو يُسكر كثيرُه أو به نجاسةٌ ونحو ذلك ، وإلا فالأصلُ حِلُ العطور التي بين الناس كالعود والعنبر والمسك وغيرها .
فإذا علم الإنسان أن هناك عطراً فيه ما يمنع استعماله من مسكر أو نجاسة ترك ذلك ، ومن ذلك الكولونيا ، فإنه ثبت عندنا بشهادة الأطباء أنها لا تخلو من المسكر ، ففيها شيء كبير من الاسبيرتو وهو مسكر ، فالواجب تركها إلا إذا وجد منها أنواع سليمة ، وفيما أحلَّ الله من الأطياب ما يغني عنها والحمد لله ، وهكذا كل شراب أو طعام فيه مُسكر يجب تركه ، والقاعدة أن ما أسكر كثيره فقليله حرام ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أسْكَرَ كثيرُه، فقليلُه حرامٌ. " قلت : رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، وصححه شعيب الأرناؤوط .

* خروج المرأة بالطيب إلى الأسواق أمر ممنوع وليس لها أن تخرج بذلك ولا أن تعين الزائرات والضيوف بذلك ، بل عليها أن تنصح وأن تقول : نود أن نطيبكم ولكن خروج المرأة بالطيب إلى الأسواق أمر ممنوع وبذلك تجمع بين النصيحة وترك ما حرم الله فعله .
* يذكر السائل أن لديهم مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ ، والجواب أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذه ولا اعتقاده ، وهذا واقع فيه كثير من الصوفية ، يرون أن مشايخهم هم القادة وأن الواجب اتباعهم مطلقاً ، وهذا غلط عظيم وجهل كبير وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه والأخذ بقوله سوى رسول الله عليه الصلاة والسلام فهو المتبع عليه الصلاة والسلام .

أما العلماء فكل واحد يخطئ ويصيب ، فلا يجوز اتباع قول أحد من الناس كائناً من كان إلا إذا وافق شريعة الله ، وإن كان عالماً كبيراً فقوله لا يجب اتباعه إلا إذا كان موافقاً لشرع الله الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام ، لا الصوفية ولا غير الصوفية ، واعتقاد الصوفية في هؤلاء المشايخ أمر باطل وغلط ، فالواجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك وأن يتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى قال تعالى " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " آل عمران 31 ، والمعنى : قل يا أيها الرسول للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ، والمراد هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى قل يا محمد لهؤلاء الناس المدعين لمحبة الله : إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ، وقال تعالى "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ " الحشر 7 ، وقال سبحانه " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" النور 56 .

فالطاعة الواجبة هي طاعة الله ورسوله ، ولا يجوز طاعة أحد من الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا وافق قوله شريعة الله فكل واحد يخطئ ويصيب ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عصمه وحفظه فيما يبلغه للناس من شرع الله عز وجل قال تعالى "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " النجم 1 - 4 ، فعلينا جميعاً أن نتبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام وأن نعتصم بدين الله ونحافظ عليه وأن لا نغتر بقول الرجال وأن لا نأخذ بأخطائهم ، بل يجب أن تعرض أقوال الناس وآراؤهم على كتاب الله وسنة رسوله فما وافق الكتاب والسنة أو أحدهما قبل وإلا فلا قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " النساء 59 ، وقال تعالى " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ۚ " الشورى 10 ، وقال عز وجل " وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " الأنعام 153 ، فتقليد المشايخ واتباع آرائهم بغير علم وبصيرة ذلك أمر لا يجوز عند جميع العلماء بل منكر بإجماع أهل السنة والجماعة ، لكن ما وافق الحق من أقوال العلماء أُخذ به لأنه وافق الحق ، لا لأنه قول فلان وما خالف الحق من أقوال العلماء أو مشايخ الصوفية أو غيرهم وجب ردَّه ، وعدم الأخذ به لكونه خالف الحق لا لكونه قول فلان أو فلان .

* الإسلام شرع الله فيه القصاص من القاتل والمعنى أن من قتل غيره بغير حق فلورثته القصاص من القاتل بشروطه المعتبرة شرعاً عن طريق ولاة الأمور ، وللورثة أن يعفو عن القصاص إلى الدية إذا كانوا مكلفين مرشدين ، ولهم أن يعفو عن القصاص والدية جميعاً ، لقول الله عز وجل " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " البقرة 179 ، ولقول النبي " من قتل في قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا وإما أن يأخذوا الدية " ، قلت : ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ "ومَن قُتِلَ له قَتِيلٌ فَهو بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا يُودَى وإمَّا يُقَادُ "، ولقول الله عز وجل " وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " الشورى 40 .
أما أن يتعدى هذا على هذا أو هذا على هذا بغير الطرق الشرعية فذلك لا يجوز ، لأنه يفضي إلى الفساد والفتن وسفك الدماء بغير حق وإنما يطلب القصاص بالطرق الشرعية بشروطه المعتبرة شرعاً

* قيامك بتعليم قراءة القرآن الكريم لوجه الله تعالى بعد صلاة العشاء من كل يوم لجنسيات مسلمة غير عربية من باكستانيين وهنود وصومالية وغير ذلك في موقع السكن ، فأنت على كل حال مشكور على هذا العمل الطيب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ، قلت : رواه البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فأنت مشكور على عملك وأنت على أجر عظيم ولا حرج عليك ما دمت مخلصاً لله في عملك هذا ، ولا يضرك ثناؤهم عليك ، وعليك أن تنصحهم وتوصيهم بعدم المبالغة في الثناء أو يكفي الدعاء لك بدلاً من الثناء.
أما الوعيد الوارد في الحديث فهو لمن قرأ ليقال : هو قارئ ، وتعلَّم ليقال : عالم ، أما من علَّم الناس يريد ثواب الله ويطلب الأجر منه سبحانه وتعالى فإنه لا يضره ثناء الناس ما دام مخلصاً لله سبحانه في عمله.

* الذبح عند انتصاف البناء أو اكتماله فيه تفصيل فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاءَ الجن أو مقصداً آخر يقصد به صاحبُ البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا وكذا كسلامته وسلامةِ ساكنيه فهذا لا يجوز ، فهو من البدع ، وإن كان للجن فهو شرك أكبر لأنه عبادة لغير الله .
أما إن كان من باب الشكر على ما أنعم الله به عليه من الوصول إلى السقف أو عند إكمال البيت فيجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه الوليمة فهذه لا بأس بها ، وهذا يفعله كثير من الناس من باب الشكر لنعم الله حيث منَّ عليهم بتعمير البيت والسكن فيه بدلاً من الاستئجار ، ومثل ذلك ما يفعله بعض الناس عند القدوم من السفر يدعو أقاربه وجيرانه شكراً لله على السلامة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر نحر جزوراً ودعا الناس لذلك عليه الصلاة والسلام .

والله ولي التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

29 - 6 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر