الدرس 274: أحكام الصلاة 1

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 29 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 1767 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

التورك في تشهد الصلاة الثنائية فريضة كانت أم نافلة أو افتراش اليسرى والجلوس عليها فيه، من المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها الفقهاء، فمنهم من قال: يفترش اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى، عملا بحديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه (رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فسجد ثم قعد فافترش رجله اليسرى) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح، وبحديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي (إذا سجدت فمكن لسجودك فإذا جلست فاجلس على رجلك اليسرى) رواه الإمام أحمد. وبحديث أبي حميد رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يعني للتشهد وافترش رجله اليسرى وأقبل بصدور اليمنى على قبلته) الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح من حديث أبي حميد. وبحديث أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين) إلى أن قالت (وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى) الحديث رواه مسلم وأعل ابن عبد البر هذا الحديث بالإرسال، قال: إن أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، ومعنى حديث مرسل أي رواه تابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسقوط الصحابي، وهذه الأحاديث وإن كانت مطلقة إلا أن حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قيد هذا الإطلاق فإنه فرق بين الجلوس للتشهد في الركعة الأخيرة من الرباعية، وبين الجلوس له في الثانية، فذكر التورك في جلوس الرابعة، وافتراش اليسرى ونصب اليمنى في جلوس الثانية، ونص حديث أبي حميد الساعدي قال (وهو في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا كان في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته) رواه البخاري، وجاء في رواية عنه رواها الخمسة إلا النسائي وصححها الترمذي (حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها الصلاة أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركًا، ثم سلم) قالوا: صدقت هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فدل ذلك على التورك في الجلوس للتشهد في الرابعة، وفي حكمها الثالثة من المغرب، وما سوى ذلك من الجلوس فهو على ما قضت به النصوص من افتراش اليسرى والجلوس عليها ونصب اليمنى، سواء في ذلك الجلوس في الثانية للتشهد في الثنائية وفي التشهد الوسط من الثلاثية والرباعية وبين السجدتين

المشروع في التكبيرات في الصلاة عند الانتقال من ركن إلى ركن أن يكون التكبير بينهما

من الأفعال المكروهة في الصلاة لمنافاتها الخشوع

أولاً: رفع البصر وتغميض العينين

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة وتوعد عليه، ففي صحيح البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم) فاشتد قوله في ذلك حتى قال (لينتهين أو لتخطفن أبصارهم) فهذا وعيد شديد يدل على التحريم ولكنه لا يبطل الصلاة، أما الحركة في الصلاة بأن يعبث بيده أو رجله أو لحيته أو ثوبه أو غير ذلك فمنهي عنه، لما روي في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يعبث في صلاته فقال (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) أخرجه ابن المبارك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة، كلهم رووه موقوفا على سعيد بن المسيب

وإذا كثر الفعل الذي من غير جنس الصلاة عرفا وتوالى أبطلها

ينظر المصلي في حال ركوعه إلى مكان سجوده، أما في حال التشهد فينظر إلى محل الإشارة وأما في حال سجوده فينظر إلى مقابل عينيه من الأرض

الخشوع في الصلاة مطلوب من المصلي بل هو صفة من صفات المؤمنين التي مدحهم الله بها فأثنى عليهم سبحانه بأنهم في صلاتهم خاشعون، وأما التغميض فمكروه

ثانياً: مدافعة الأخبثين

لا يجوز للمسلم أن يصلي وهو يدافع البول أو الغائط لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في الصلاة، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة لكنها ناقصة غير كاملة للحديث المذكور ولا إعادة عليه. وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع للأخبثين وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة

ثالثاً: الالتفات في الصلاة

ورد النهي عن الالتفات في الصلاة وأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، ففي صحيح البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) فعلم من ذلك أن الالتفات مكروه في الصلاة وينقص ثوابها، لكن لا تجب الإعادة على من التفت في صلاته لأنه قد ثبت في أحاديث أخرى ما يدل على جواز الالتفات إذا دعت إليه الحاجة، فعلم بذلك أنه لا يبطل الصلاة

قتل الحية

يقطع صلاته ويقتل الثعبان أو العقرب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب) أخرجه أهل السنن وصححه ابن حبان، وإن أمكن قتلهما وهو في صلاته من دون عمل كثير عرفا فلا بأس وصلاته صحيحة

الرد على الهاتف أثناء الصلاة

إذا أشغل المصلي الهاتف بالرنين جاز له أن يرفع السماعة ولو تقدم قليلا أو تأخر أو أخذ عن يمينه أو شماله بشرط أن يكون مستقبل القبلة وأن يقول سبحان الله تنبيهًا للمتكلم بالهاتف لما ثبت في الصحيحين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها) وفي رواية مسلم (وهو يؤم الناس في المسجد) أخرجه البخاري ومسلم، ولما روى أحمد وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه ووصفت أن الباب في القبلة) ولما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء

إذا عطس هل يحمد الله

من عطس أو تثاءب في الصلاة يحمد الله للعطاس، ولا يستعيذ بالله من الشيطان لتثاؤبه، لعدم ورود ذلك، ولا يجيب من شمته لعطاسه حال كونه في صلاته ولا يرد السلام على من سلم عليه وهو في الصلاة إلا بالإشارة، لعموم ما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم (إن في الصلاة لشغلا) أخرجه البخاري ومسلم، ولحديث معاوية بن الحكم السلمي لما شمت رجلا في الصلاة قال له النبي صلى الله عليه وسلم (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أخرجه مسلم

السلام على المصلي

يشرع للمسلم أن يبدأ بالسلام أخاه المسلم وهو يصلي ولكنه لا يرد عليه وهو في صلاته إلا بالإشارة محافظة على صلاته، لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (قلت لبلال كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة قال: يشير بيده) رواه الخمسة، وثبت عن صهيب رضي الله عنه أنه قال (مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت فرد إلي إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بأصبعه) أخرجه البخاري ومسلم، وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الركعتين بعد العصر، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، قالت دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، فإنه أتاني أناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان) رواه البخاري ومسلم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/6/29 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة