الدرس 71 يأجوج ومأجوج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 24 جمادى الآخرة 1442هـ | عدد الزيارات: 512 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

يأجوج ومأجوج هم من بني آدم ، ويخرجون في آخر الزمان ، وهم في جهة الشرق ، وكان الترك منهم فتركوا دون السد وبقي يأجوج ومأجوج وراء السد ، والأتراك كانوا خارج السد ، ويأجوج ومأجوج من الشعوب الشرقية (الشرق الأقصى) ، وهم يخرجون في آخر الزمان من الصين الشعبية وما حولها بعد خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لأنهم تركوا هناك حين بنى ذو القرنين السد وصاروا من ورائه من الداخل وصار الأتراك والتتر من الخارج ، والله جل وعلا إذا شاء خروجهم على الناس خرجوا من محلهم وانتشروا في الأرض وعثوا فيها فساداً ثم يرسل الله عليهم نغفاً في رقابهم فيموتون موتة نفس واحدة في الحال ، كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحصن منهم نبي الله عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم والمسلمون لأن خروجهم في وقت عيسى بعد خروج الدجال .

* الواجب عليكِ أن ترفقي بالوالدة وأن تحسني إليها وأن تخاطبيها بالتي هي أحسن ، لأن الوالدة حقها عظيم ، ولكن ليس لكِ طاعتها في غير المعروف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ " قلت : رواه البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقوله عليه الصلاة والسلام " لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ " قلت: صححه الألباني عن النواس بن سمعان الأنصاري في تخريج مشكاة المصابيح، وهكذا الأب والزوج وغيرُهما لا يطاعون في معاصي الله للحديث المذكور ، ولكن ينبغي للزوجة والولد ونحوِهما أن يستعملوا الرفق والأسلوب الحسن في حل المشاكل وذلك ببيان الأدلة الشرعية ووجوب طاعة الله ورسوله والحذرِ من معصية الله ورسوله مع الثبات على الحق وعدم طاعة من أمر بمخالفته من زوج أو أب أو أم أو غيرهم ، ولا مانع من مشاهدة ما لا منكر فيه من التلفاز والفيديو وسماع الندوات العلمية والدروس المفيدة والحذر من مشاهدة ما يعرض فيهما من المنكر ، كما لا يجوز مشاهدة السينما لما فيها من أنواع الباطل .

* التعبيد لا يجوز إلا لله سبحانه ، قال أبو محمد بن حزم الإمام المشهور : اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك ، حاشا عبد المطلب . انتهى .
ولا يجوز التسمية بالتعبيد لغير الله كعبد النبي وعبد الكعبة وعبد علي وعبد الحسن وعبد الحسين ونحو ذلك ، أما عبد المحسن فلا بأس به لأن المحسن من أسماء الله سبحانه وتعالى .
وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام ، كما رُوي عن ابن عمر مرفوعا " أحبُّ الأسماءِ إلى اللهِ تعالى عبدُ اللهِ ،وعبدُ الرحمنِ" رواه مسلم ، قلت : رواه مسلم بهذا اللفظ "إنَّ أحَبَّ أسْمائِكُمْ إلى اللهِ عبدُ اللهِ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ."

* ننصح الجميع بأن يتقوا الله عز وجل ويعلموا أن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة في عبادة الله وحده واتباع النبي صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه فهو سيد الأولياء وأفضل الأولياء ، فالرسل والأنبياء هم أفضل الناس وهم أفضل الأولياء والصالحين ، ثم يليهم بعد ذلك في الفضل أصحاب الأنبياء رضي الله عنهم ومن بعدهم ، وأفضل هذه الأمة أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم من بعدهم سائر المؤمنين على اختلاف درجاتهم ومراتبهم في التقوى.
وحبُّهم في الله والتأسي بهم في الخير وعمل الصالحات أمٌر مطلوبٌ ولكن لا يجوز التعلقُ بهم وعبادتُهم من دون الله ولا دعاؤهم مع الله ولا أن يستعانَ بهم أو يطلبَ منهم المدد كأن يقول : يا رسولَ الله أغثني أو يا عليُّ أغثني أو يا الحسنُ أغثني أو انصرني أو يا سيدي الحسين أو يا شيخ عبد القادر أو غيرهم ، كلُّ ذلك لا يجوز ؛ لأن العبادة حقُّ الله وحدَه ، كما قال عز وجل " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " البقرة 21 ، وقال تعالى " ادعوني أستجب لكم " غافر 60 ، وقال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " البينة 5 ، وقال سبحانه " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " النمل 62 ، وقال عز وجل " ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون " المؤمنون 117 ، فسماهم كفرة بدعائهم غير الله وقال سبحانه " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " الجن 18 ، وقال تعالى " ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " فاطر 13 ، 14 .
فبيَّن سبحانه أن مدعويهم من دون الله من الرسل أو الأولياء أو غيرِهم لا يسمعون ؛ لأنهم ما بين ميت أو مشغول بطاعة ربه كالملائكة أو غائب لا يسمع دعاءهم أو جماد لا يسمع ولا يعي ، ثم أخبر سبحانه أنهم لو سمعوا لم يستجيبوا لدعائهم وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم فعُلِم بذلك أن الله عز وجل هو الذي يسمع الدعاء ويجيب الداعي إذا شاء ، وهو النافع الضار المالك لكل شيء والقادر على كل شيء .

فالواجبُ الحذرُ من عبادة غيره والتعلقِ بغيره من الأموات والغائبين والجماد وغيرهم من المخلوقات التي لا تسمع الداعي ولا تستطيع نفعه أو ضره ، أما الحي الحاضر القادر فلا بأس أن يستعان به فيما يقدر عليه كما قال عز وجل في قصة موسى " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " القصص 15 ، كما يستعين المسلم في الجهاد وقتال الأعداء بإخوانه المجاهدين.
* لم يرد في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة عن رسول الله ولا عن صحابته الكرام ما يدل على شرعية إهداء تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما ، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع به والاستفادة منه وتدبر معانيه والعمل بذلك قال تعالى " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب " ص 29 ، وقال تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " الإسراء 9 ، وقال سبحانه " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " فصلت 44 ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام " اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة " قلت : ورد في مسلم بهذا للفظ " اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ "، ويقول صلى الله عليه وسلم " إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما " ورد الحديث في مسلم بلفظ "يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ، وضَرَبَ لهما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَةَ أمْثالٍ ما نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قالَ: كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بيْنَهُما شَرْقٌ، أوْ كَأنَّهُما حِزْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما."، المقصود أنه أُنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم ، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهم أصل يعتمد عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم "مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ " . قلت : رواه مسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا : لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات ، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم ، ولكن الصواب هو القول الأول للحديث المذكور وما جاء في معناه ، ولو كان إهداء التلاوة مشروعاً لفعله السلف الصالح ، والعبادةُ لا يجوز فيها القياس ؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بالنص من كلام الله عز وجل أو من سنة رسوله للحديث السابق وما جاء في معناه .
أما الصدقة عن الأموات وغيرهم والدعاء لهم والحج عن الغير ممن قد حج عن نفسه وهكذا العمرة عن الغير ممن قد اعتمر عن نفسه وهكذا قضاء الصوم عمن مات وعليه صيام فكل هذه العبادات قد صحت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
* قوله تعالى " فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ " هود 106 - 108 ، الآيتان ليستا منسوختين بل محكمتان ، وقوله عز وجل " إلا ما شاء ربك " اختلف أهل العلم في معنى ذلك مع إجماعهم على أن نعيم الجنة دائم أبداً لا ينقضي ولا يزول ولا يخرجون منها ولهذا قال تعالى " عطاء غير مجذوذ " لإزالة بعض ما قد يتوهم بعض الناس أن هناك خروجاً ، فهم خالدون فيها أبداً ، ولهذا قال سبحانه " إن المتقين في جنات وعيون * ادخلوها بسلام آمنين " الحجر 45 ، 46 ، يعني آمنين من الموت وآمنين من الخروج وآمنين من الأمراض ولهذا قال عز وجل بعد ذلك " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين * لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين " الحجر 47 ، 48 ، فهم فيها دائمون ولا يخرجون ولا يموتون وقال تعالى " إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين * كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة آمنين * لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم * فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم " الدخان 51 - 57 ، فأخبر سبحانه أن أهل الجنة في مقام أمين لا يعتريه خراب ولا زوال وأنهم آمنون أيضاً لا خطر عليهم من موت ولا مرض ولا خروج ولا يموتون أبدا .
فقوله " إلا ما شاء ربك " قال بعض أهل العلم معناه : مدة مقامهم في القبور ليسوا في الجنة وإن كان المؤمن في روضة من رياض الجنة لكنها ليست هي الجنة ولكنه شيء منها ، فإنه يفتح للمؤمن وهو في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها ونعيمها وينقل بعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء .

وقال بعضهم " إلا ما شاء ربك " يعني مدة إقامتهم في موقف القيامة للحساب والجزاء وذلك بعد خروجهم من القبور ، فإنهم بعد ذلك يُنقلون إلى الجنة .

وقال بعضهم : مجموع الأمرين مدة بقائهم في القبور ومدة بقائهم في الموقف ومرورهم على الصراط ، في كل هذه الأماكن ليسوا في الجنة لكنهم يُنقلون منها إلى الجنة .
ومن هذا يُعلم أن المقام مقام واضح ليس فيه شبهة ولا شك فأهل الجنة في الجنة أبد الآباد ولا موت ولا مرض ولا خروج ولا كدر ولا حزن ولا حيض ولا نفاس بل في نعيم دائم وخير دائم .

وهكذا أهل النار يخلدون فيها أبد الآباد ولا يخرجون منها كما قال عز وجل في حقهم " لا يُقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور " فاطر 36 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

أما قوله عز وجل في حقهم " إلا ما شاء ربك " فقيل : إن المراد بذلك مقامهم في القبور ، وقيل مقامهم في الموقف ، وهم بعد ذلك يُساقون إلى النار ويُخلدون فيها أبد الآباد ، كما قال تعالى في حقهم في سورة البقرة " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " البقرة 167 ، وقال سبحانه في سورة المائدة " يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم " المائدة 37 .

* الحكم بكون الأعجمي أفضل من العربي يرجع لقول الله سبحانه وتعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات 13 ، فإذا كان الأعجمي أتقى لله فهو أفضل ، وهكذا إذا كان العربي أتقى لله فهو أفضل ، فالفضل والكرم والمنزلة بالتقوى ، فمن كان أتقى لله فهو أفضل سواء كان عجمياً أو عربياً .

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

24 - 6 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر