الدرس 70 الرؤى

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 21 جمادى الآخرة 1442هـ | عدد الزيارات: 455 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

مَنْ رأَتْ أنها تجمعُ غَنَماً وكُلَّما جمعتْ قِسْماً انفلتَ منها قسمٌ آخر وتعبت من ذلك ، مثلُ هذه الرؤيا تعتبر رؤيا مكروهة ، والمشروعُ في ذلك لمن رأى مثلَ هذه الرؤيا أن ينفثَ عن يساره ثلاثاً إذا استيقظ ويتعوذَ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثمَّ ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الرؤيا الصالحة من الله والحُلُمُ من الشيطان فإذا رأى أحدُكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليستعذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً " متفق على صحته .

قلت : رواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلُمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا حَلَمَ أحَدُكُمْ حُلُمًا يَخافُهُ فَلْيَبْصُقْ عن يَسارِهِ، ولْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّها، فإنَّها لا تَضُرُّهُ." ، ورواه مسلم بهذا اللفظ " الرؤيا الصالحة من الله ، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدّثُ بها إلا من يحب وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها ولا يحدث بها أحدا فإنها لا تضره "

* ومن ترى أمَّهَا مرات كثيرةً وهي مريضة في حياتها وبعد موتها فهذه الرؤيا كالتي قبلها لأنها رؤيا مكروهة وهي من الشيطان والمشروع في ذلك لمن رأى رؤيا مكروهة هو ما ذكرنا في جواب السؤال الأول.

* ومن أخذ شيئاً من الغنم التي اختلطت بغنمه ولم يخبر به صاحبَه ثم ذبحه وأكله فإن عليه التوبة من ذلك وعليه قيمتُه لصاحبه ذلك الوقت ، فإن لم تعرفْ صاحبَه تصدقتَ به عنه على بعض الفقراء

* لا يجزيءُ صومُ الإنسانِ عن غيره إذا كان المصومُ عنه حيّاً ، وقد ماتت جدتُكَ ، رحمها الله ، فيشرع للوالدة أن تصوم عنها الأيامَ التي صامت عنها في حياتها ؛ لأنَّ صومَها عنها في حياتها غيرُ مجزيء ، فإنْ لم يتيسرْ لها الصومُ فالمشروعُ لها أن تتصدقَ عنها عن كلِّ يومٍ بنصف صاعٍ من التمر أو غيرِه من قوت البلد ، ومقدارُه (كيلو ونصف) تقريباً مع الدعاء لها بالمغفرةِ والرحمة .

*ذهابُ الناس للصلاة خَلْفَ قارئ جيد يخشع في صلاته ، وقدومُهم إليه من مدن بعيدة كالرياض والمنطقة الشرقية والباحة وغيرِها ، لا نعلم حرجاً في ذلك ، بل ذلك داخل في الرحلة لطلب العلم والتفقهِ في القرآن الكريم واستماعه ممنَّ حسَّن الصوتَ به ، وليس السفرُ لذلك من شد الرحال المنهي عنه ، وقد ارتحل موسى عليه الصلاة والسلام رحلة عظيمة إلى الخضر عليه السلام في مجمع البحرين لطلب العلم ، ولم يزلْ أهلُ العلم من الصحابة ومن بعدهم يرتحلون من إقليم إلى إقليم ومن بلاد إلى بلاد لطلب العلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ سَلَكَ طريقاً يلتمسُ فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " خرجه مسلم في صحيحه .قلت رواه مسلم عن أبي هريرة.

* الواجب على من أخذ كتباً من مكتبة المدرسة ردُّها إلى المكتبة ؛ لأنها في حكم الوقف على المكتبة ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المكتبات العامة ولا من المكتبات المدرسية شيئاً إلا بإذن المسئول عنها على وجه العارية لمدة محدودة ، ومن أخذ شيئاً من مكتبة المدرسة ولم يردَّهُ فعليه التوبة إلى الله مما فعل ونسأل الله أن يتوب عليه ويغفر له إنه خير مسئول .
* بالنسبة للأخ الذي يصدر من والده أعمالٌ تخالف الشريعة وآدابها ، نسأل الله لوالدك الهداية وأن يمنَّ عليه بالتوبة ، ونوصيك بالرفق به ونصيحته بالأسلوب الحسن وعدم اليأس من هدايته لقول الله سبحانه " ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليَّ " لقمان 14 ، 15 ، فأوصى سبحانه بشكر الوالدين مع شكره ، وأمر الولدَ أن يصاحبَهما في الدنيا معروفاً وإن جاهداه على الكفر بالله ، وبذلك تعلم أن المشروع لك أن تصحب والدك بالمعروف وأن تحسن إليه وإن أساء إليك وأن تجتهد في دعوته إلى الحق لعل الله يهديه بأسبابك ، ولا يجوز لك أن تطيعه في معصية ، ونوصيك أيضاً بأن تستعين على هدايته بالله عز وجل ثم بأهل الخير من أقاربك كأعمامك وغيرهم ممن يقدرهم ويحترمهم أبوك لعله يقبل نصيحتهم .
* الحُكْمُ بغير ما أنزل الله فيه تفصيل ، فمن حكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم أنه يجب عليه الحكم بما أنزل الله وأنه خالف الشرع ولكن استباح هذا الأمر ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهو كافر كفراً أكبر عند جميع العلماء كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرِهم ممن زعم أنه يجوز الحكم بها أو زعم أنها أفضل من حكم الله أو زعم أنها تساوي حكم الله وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية فمن اعتقد هذا كفر بإجماع العلماء كما تقدم .

أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لحظٍ عاجل وهو يعلم أنه عاصٍ لله ولرسوله وأنه فعل منكراً عظيماً وأن الواجبَ عليه الحكم بشرع الله فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر لكنه قد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة وكفراً أصغر كما قال ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم ، وقد ارتكب بذلك كفراً دون كفر وظلماً دون ظلم وفسقاً دون فسق وليس هو الكفر الأكبر وهذا قول أهل السنة والجماعة ، وقد قال الله سبحانه " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " المائدة 49 ، وقال تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " المائدة 44 ، وقال تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " المائدة 45 ، وقال سبحانه " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " المائدة 47 ، وقال عز وجل " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " النساء 65 ، وقال عز وجل " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " المائدة 50 ، فحكم الله هو أحسن الأحكام وهو الواجب الاتباع وبه صلاح الأمة وسعادتُها في العاجل والآجل وصلاحُ العالمِ كُلِّه ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا ، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
* إذا شهد الكافر أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عن صدق بذلك ويقين وعلم بما دلَّت عليه وعمل بذلك دخل في الإسلام ثم يطالب بالصلاة وباقي الأحكام ، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له " ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا الله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خَمْسَ صلوات في اليوم والليلة فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم " قلت : ورد في البخاري بهذا اللفظ " فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ"، فلم يأمرهم بالصلاة والزكاة إلا بعد التوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا فعل الكافر ذلك صار له حكمُ المسلمين ، ثم يطالب بالصلاة وبقية أمور الدين ، فإذا امتنع عن ذلك صارت له أحكام أخرى ، فإن ترك الصلاة استتابه ولي الأمر فإن تاب وإلا قُتِل ، وهكذا بقية الأحكام يعامل فيها بما يستحق.

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

21 - 6 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر