الدرس 62 الشباب ومجالات الإعلام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 2 جمادى الآخرة 1442هـ | عدد الزيارات: 428 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمدُ لله والصلاةُ والسلام على رسول الله.

وبعد

ينبغي للشبابِ ألَّا يَتركوا مجالاتِ الإعلامِ للجهلة والمنحرفين عن الحقِّ ، فلا شكَّ أن المسلمين في كل مكان في أشدِ الحاجة إلى الإفتاء بما يدل عليه كتابُ الله الكريم وسنةُ نبيه الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليم وهم في أشد الحاجة للفتاوى الشرعية المستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه .
وإن من الواجب على أهل العلم في كل مكان في العالم الإسلامي ، وفي كل مكان يقطنه مسلمون الاهتمامَ بهذا الواجب ، والحرصَ على توضيح أحكام الله وسنة رسوله التي جاء بها للعباد في مسائل التوحيد والإخلاص لله ، وبيانِ ما وقع فيه أكثرُ الناس من الشرك وما وقع فيه كثيرٌ منهم من الإلحاد ، والبدعِ المضلةِ حتى يكونَ المسلمون على بصيرة وحتى يعلمَ غيرُهم حقيقةَ ما بعث اللهُ به نبيَّه من الهدى ودين الحق .

والعلماءُ ورثةُ الأنبياءِ فالواجبُ عليهم عظيمٌ في بيان شرع الله لعباده وبيانِ الأحكامِ والأدلةِ الشرعية من الكتاب والسنة لا بالآراءِ المجردةِ ، كما أن على العلماء أن يبينوا محاسنَ الإسلامِ وما دعا إليه من مكارم الأخلاقِ حتى يدخلَ في الإسلام من عَرَفَهُ ويشتاقَ إليه من سمع ما فيه من الخير والأعمال الصالحات ، وهذا كلُّه سيعودُ بالخير على البلاد والعباد.
وأنصح لجميع العلماء بأن يَعْنوا بمراجعة الكتبِ الإسلامية المعروفة حتى يستفيدوا منها ، وكتبِ السنة مثلِ الصحيحين وبقيةِ الكتب الستة ومسندِ الإمامِ أحمد وموطأ الإمامِ مالك وغيرِها من كتب الحديث المعتمدة وكتبِ التفسير المعتمدةِ كتفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي ونحوهم من أهل السنة ، كما أُوصي بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابنِ القيم ، وغيرِها من كتب علماء السنة ، كما أوصي إخواني قبل ذلك كلِّه بقراءة كتاب الله وتدبره فهو أصدق كتاب وأشرفُ كتاب ، كما قال الله سبحانه وتعالى " إنَّ هذا القرآنَ يَهدي للتي هي أقومُ " الإسراء 9 ، وأوصيهم أيضا بسنة النبي لما فيها من الهدى والعلم ، وقد صح عن الرسول قوله " مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ".قلت : رواه البخاري عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما .
* إن الفتوى ينبغي أن تتركزَ على الأدلة الشرعية وإذا صدرت الفتوى عن جماعة كانت أكملَ وأفضلَ للوصول إلى الحق لكن هذا لا يمنعُ العالمَ أن يُفتي بما يعلمه من الشرعِ المطهرِ .
وعلى المسئولين عن الإعلام في الدول الإسلامية أن يتقوا اللهَ في المسلمين وأن يُولُّوا هذه الأمورَ لعلماء الخيرِ والهُدَى والحقِ ، كما أن على علمائنا أن لا يمتنعوا من إيضاح الحقائقِ بالوسائل الإعلامية ، وألا يدعوا هذه الوسائل للجهلة والمتهمين وأهل الإلحاد ، بل يتولاها أهلُ الصلاح والإيمان والبصيرة وأن يوجهوها على الطريقة الإسلامية حتى لا يكونَ فيها ما يضر المسلمين شِيباً أو شباناً ، رجالاً أو نساءً ، كما وأن على العلماء أن يقدموا للناس إجاباتٍ وافيةً حولَ ما يبثه التلفاز ريثما يتولاها الصالحون ، وإن على الدول الإسلامية أن تُولي الصالحين حتى يبثوا الخيرَ ويزرعوا الفضائلَ.
وينبغي للعلماءِ وأبناءِ المسلمين أن يهتموا بدراسة مجالاتِ الإعلامِ لئلا يتركوا هذه الأمورَ للجهلة وأن يتولوا بثَّ الخيرِ والفضيلةِ في كافة المجالاتِ ، ولكن هناك مسألةُ التمثيل ، فأنا لا أنصح بممارسة التمثيل ، وإنما على العلماء أن يبينوا للناس أحكامَ اللهِ ورسولِهِ ، أما أن يتقمص المرءُ شخصيةَ فلانٍ واسمَ فلانٍ فيقول أنا عمر أو أنا عثمان أو نحو ذلك فهذا كذبٌ لا يجوزُ فعله.

وجودُ الجماعاتِ الإسلاميةِ فيه خيرٌ للمسلمين ، ولكن عليها أن تجتهدَ في إيضاح الحقِ مع دليله وأن لا تتنافرَ مع بعضِها ، وأن تجتهدَ بالتعاون فيما بينها ، وأن تحبَّ إحداهما الأخرى ، وتنصحَ لها وتنشرَ محاسنَها ، وتحرصَ على ترك ما يشوشُ بينها وبين غيرِها ، ولا مانعَ أن تكون هناك جماعاتٌ إذا كانت تدعو إلى كتاب الله وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم.

وأنصحُ الشبابَ داخلَ هذه الجماعاتِ أن يترسموا طريقَ الحقِّ ويطلبوه ، وأن يسألوا أهلَ العلمِ فيما أُشْكِلَ عليهم ، وأن يتعاونوا مع الجماعات فيما ينفعُ المسلمين بالأدلة الشرعية ، لا بالعنف ولا بالسخرية ، ولكن بالكلمة الطيبة والأسلوبِ الحسن وأن يكون السلفُ الصالحُ قدوتَهم ، والحقُ دليلَهم ، وأن يهتموا بالعقيدة الصحيحة التي سار عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وصحابتُه رضي الله عنهم .
* الواجبُ على العلماء البدء بما بدأ به الرسلُ عليهم الصلاةُ والسلامُ فيما يتعلق بالمجامع الكافرة والبلدان غيرِ الإسلامية وذلك بالدعوة إلى توحيدِ الله ، وتركِ عبادةِ ما سواه ، والإيمانِ به وبأسمائه وصفاتِه ، وإثباتِها له على الوجه اللائق به عز وجل ، مع الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم ومحبته واتباعه ، كما أن عليهم دعوةَ المسلمين في كل مكانٍ إلى التمسك بشريعة اللهِ والاستقامة عليها ونصحَ ولاةِ الأمورِ ومساعدةَ المحتاجين ومواساتِهم ، كما أن على العلماء أن يستمروا في الدعوة إلى الله والحرصِ على الأعمال الخيرية وزيارةِ ولاة الأمور وتشجيعِهم على الأعمال الحسنة وحثهِم على تحكيم الشريعة وإلزام ِالشعوبِ بها عملاً بقول الله عز وجل " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " النساء 65 ، وقوله عز وجل "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " المائدة 50 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
* يجب على الشباب وغيرِهم الحذرُ من العنف والتطرف والغلو لقول الله سبحانه وتعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ " النساء 171 ، وقولِه عزَّ وجلَّ " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ " آل عمران 159 ، وقولِه ، عزَّ وجلَّ ، لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ " طه 44 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ قالَها ثَلاثًا. "، رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم " إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين، فإنَّما أَهلَكَ من كان قبلَكمُ الغلوُّ في الدِّينِ " رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن بإسناد حسن . قلت : رواه الترمذي عن عبدالله بن عباس وصححه الألباني

فلهذا أوصي جميعَ الدعاة بأن لا يقعوا في الإسراف والغلو وإنما عليهم التوسطُ وهو السيرُ على نهج الله وعلى حكم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
* أنصح الشبابَ المسلمَ في فلسطينَ المحتلةِ بتقوى الله والتعاون على الخير والاستقامة في العمل فالله ينصر مَن ينصره ، فقد قال سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " محمد 7 ، وقال سبحانه في مكان آخر من كتابه الكريم " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ " النور 55 .
وأنصح كلَّ إخواني بالتعاون معهم وأنصحُ الأغنياءَ وولاةَ الأمورِ بأن يمدوا يدَ العون لإخوانهم في فلسطين المجاهدة لاسترداد بلادهم والنصرِ على الأعداء إن شاء الله .
أيدهم الله بالحق وجزاهم عن المسلمين كل خير ، وما عليهم إلا أن يصبروا ويصابروا فإن وعد الله حقٌ وإن الله ناصرٌ مَن ينصرُه ، وفقهُم الله ونصرَهم على عدوهم ، ووفق المسلمين لمساعدتهم والوقوفِ بصفهم حتى ينصرَهم الله على عدوهم وهو سبحانه خير الناصرين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

2 - 6 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر