الدرس 51 البدعة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 3 جمادى الأولى 1442هـ | عدد الزيارات: 494 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

أما بعدُ :

ذكر جماعة من أهل العلم أن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة : واجبة ومستحبة ، ومباحة ، ومحرمة ، ومكروهة ، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن البدعة كلَّها ضلالة وليس فيها تقسيم بل كلُّها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كل بدعة ضلالة " ، رواه مسلم ، هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول في خطبته " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " .

وهذا هو الصواب ، أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكرها النووي وغيرُه بل كلُّها ضلالة ، والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة ، كالتنوع في الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول ، فهذا لا يسمى بدعة من حيث الشرع المطهر وإن كان بدعة من حيث اللغة ، فالبدعة في اللغة هي الشيء المحدث على غير مثال سابق ، كما قال عز وجل " بديع السماوات والأرض " البقرة 117 ، يعني مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق ، لكن لا يقال في شيء أنه في الشرع المطهر بدعة إلا إذا كان محدثاً لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على شرعيته ، وهذا هو الحق الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك .

أما تأليف الكتب وتنظيم الأدلة في الرد على الملحدين وخصوم الإسلام فلا يسمى بدعة ، لأن ذلك مما أمر به الله ورسوله وليست هذه بدعة ، فالقرآن الكريم جاء بالرد على أعداء الله وكشف شبههم بالآيات الواضحات ، وجاءت السنة بذلك أيضاً بالرد على خصوم الإسلام ، وهكذا المسلمون من عهد الصحابة إلى عهدنا هذا ، فهذا كله لا يسمى بدعة بل هو قيام بالواجب وجهاد في سبيل الله وليس ببدعة ، وهكذا بناء المدارس والقناطر وغير هذا مما ينفع المسلمين لا يسمى بدعة من حيث الشرع لأن الشرع أمر بالتعليم ، فالمدارس تعين على التعليم ، وكذلك الربط للفقراء لأن الله أمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ، فإذا بني لهم مساكن وسميت ربطاً فهذا مما أمر الله به ، وهكذا القناطر على الأنهار ، كل هذا مما ينفع الناس وليس ببدعة ، بل هو أمر مشروع ، وتسميته بدعة إنما يكون من حيث اللغة ، كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد وقال " نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه " رواه البخاري ، مع أن التراويح سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وحثَّ عليها ورغب فيها ، فليست بدعة بل هي سنة ، ولكن سمَّاها عمر بدعة من حيث اللغة لأنها فُعلت على غير مثال سابق لأنهم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يصلون أوزاعاً في المسجد ليسوا على إمام واحد ، هذا يصلي مع اثنين وهذا يصلي مع ثلاثة ، وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال " لَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم "رواه البخاري ، فتركها خوفاً على أمته أن تفرض عليهم ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك ، ولذا أمر بها عمر رضي الله عنه .

فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة وليست بدعة من حيث الشرع ، وبذلك يُعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة وهي بدعة ضلالة ، ولا يجوز فعلها ، ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب وإلى سنة وإلى مباح لأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
* أهل الفترة ليس في القرآن ما يدل على أنهم ناجون أو هالكون ، إنما قال الله جل وعلا " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " الإسراء 15 ، فالله جل وعلا من كمال عدله لا يعذب أحداً إلا بعد أن يبعث إليه رسولاً ، فمن لم تبلغه الدعوة فليس بمعذب حتى تقام عليه الحجة ، وقد أخبر سبحانه أنه لا يعذبهم إلا بعد إقامة الحجة ، والحجة قد تقوم عليهم يوم القيامة ، كما جاءت السنة بأن أهل الفترات يمتحنون ذلك اليوم ، فمن أجاب وامتثل نجا ومن عصى دخل النار ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أبي وأباك في النار " ، لمَّا سأله رجلٌ عن أبيه قال " إن أباك في النار " ، فلما رأى ما في وجهه من التغير قال " إن أبي وأباك في النار " خرجه مسلم في صحيحه .

وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليتسلى به ويعلم أن الحكم ليس خاصاً بأبيه ، ولعل هذين بلغتهما الحجة ، أعني أبا الرجل وأبا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلهذا قال النبي عليه السلام " إن أبي وأباك في النار " ، قالهما عن علم عليه الصلاة والسلام لأنه لا ينطق عن الهوى ، قال الله سبحانه وتعالى " والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ( النجم 1 - 4) ، فلعل عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم قد قامت عليه الحجة لما قال في حقه النبي ، عليه الصلاة والسلام ، ما قال ، وكان علم ذلك مما عرفته قريش من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإنها كانت على ملة إبراهيم حتى أحدث ما أحدث عمرو بن لحي الخزاعي حين تولى مكة وسرى في الناس ما أحدثه عمرو المذكور من بث الأصنام والدعوة إلى عبادتها من دون الله ، فلعل عبد الله قد بلغه ما يدل على أن هذا باطل وهو ما سارت عليه قريش من عبادة الأصنام فتابعهم في باطلهم ، فلهذا قامت عليه الحجة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ عامِرٍ الخُزاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّارِ، كانَ أوَّلَ مَن سَيَّبَ السَّوائِبَ " .رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه .
ويمكن أن يقال إن أهل الجاهلية يعاملون معاملة الكفرة في الدنيا فلا يدعى لهم ولا يستغفر لهم لأنهم يعملون أعمال الكفرة فيعاملون معاملتهم وأمرهم إلى الله في الآخرة .

فالذي لم تقم عليه الحجة في الدنيا لا يعذب حتى يمتحن يوم القيامة لأن الله سبحانه قال " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " الإسراء 15 ، فكل من كان في فترة لم تبلغهم دعوة نبي فإنهم يمتحنون يوم القيامة ، فإن أجابوا صاروا إلى الجنة وإن عصوا صاروا إلى النار ، وهكذا الشيخ الهرم الذي ما بلغته الدعوة ، والمجانين الذين ما بلغتهم الدعوة وأشباههم كأطفال الكفار لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عنهم قال "اللَّهُ إذْ خَلَقَهُمْ أعْلَمُ بما كَانُوا عَامِلِينَ. " رواه البخاري ، فأولاد الكفار يمتحنون يوم القيامة كأهل الفترة ، فإن أجابوا جواباً صحيحاً نجوا وإلا صاروا مع الهالكين ، وقال جمع من أهل العلم : إن أطفال الكفار من الناجين لكونهم ماتوا على الفطرة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم حين دخل الجنة في روضة مع إبراهيم عليه السلام هم وأطفال المسلمين ، وهذا قول قوي لوضوح دليله ، أما أطفال المسلمين فهم من أهل الجنة بإجماع أهل السنة والجماعة .

* قراءة القرآن ؛ تقرباً إلى الله سبحانه فيها أجر عظيم ، وهكذا قراءة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظُها فيها أجرٌ عظيم ؛ لأن ذلك عبادة لله سبحانه وتعالى وطريق لطلب العلم والتفقه في الدين ، وقد دلت الأدلة الشرعية على وجوب التعلم والتفقه في الدين حتى يعبد المسلم ربه على بصيرة ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " رواه البخاري ، وجاء في قراءة القرآن أحاديث كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم " اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة " رواه مسلم ، وقال ذات يوم عليه الصلاة والسلام " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبل " أخرجه مسلم في الصحيح ، وهذا يدل على فضل قراءة القرآن وتعلمه .

ومن ذلك حديثُ ابنِ مسعود المشهور المخرج في جامع الترمذي بإسناد حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها " ، صححه الألباني ، وهكذا السنة إذا تعلمها المؤمن بقراءة الأحاديث ودراستها وحفظها ومعرفة الصحيح منها من غيره يكون له بذلك أجر عظيم .

* النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يعلموا الناس ذلك وأن يحذروا اتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم وإنما الدين ما يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه أهل العلم وعن الصحابة رضي الله عنهم ، هكذا يؤخذ الدين لا عن تقليد زيد أو عمرو ولا عن مشايخ الصوفية ولا غيرهم ، وقد دلَّت السنة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه لا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها ولا اتخاذ القباب ولا أي بناء كل ذلك محرم بنص أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ومن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى الله عليه وسلم " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " ، فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق .

وهكذا من يتخذ عليها الصور لأنها دعاية إلى الشرك ووسيلة له لأن العامة إذا رأوا هذا عظموا المدفونين واستغاثوا بهم ودعوهم من دون الله وطلبوا منهم المدد والعون ، وهذا هو الشرك الأكبر وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " رواه مسلم في الصحيح .
فدل ذلك على فضل الصديق رضي الله عنه وأنه أفضل الصحابة وخيرهم وأنه لو اتخذ النبي خليلاً لاتخذه خليلاً رضي الله عنه ، ولكنَّ الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تكون محبته لربه سبحانه وتعالى ، وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور واتخاذ مساجد عليها وعلى ذم من فعل ذلك من ثلاث جهات :

إحداها : ذمه مَنْ فَعَلَ ذلك .

والثانية : قوله :" فلا تتخذوا القبور مساجد ."

والثالثة : قوله :" فإني أنهاكم عن ذلك "، فحذَّر من البناء على القبور بهذه الجهات الثلاث فوجب على أمته أن يحذروا ما حذرهم منه وأن يبتعدوا عما ذم الله به من قبلهم من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من اتخاذ المساجد على القبور والبناء عليها .

والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم : الذريعة الموصلة إلى الشرك الأكبر ، فعبادة أهل القبور بدعائهم والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب المدد والعون منهم كما هو واقع الآن في بلدان كثيرة في السودان ومصر وفي الشام وفي العراق وفي بلدان أخرى - كل ذلك من الشرك الأكبر - ، يأتي الرجل العامي الجاهل فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلب منه المدد والعون كما يقع عند قبر البدوي والحسين وزينب والست نفيسة ، وكما يقع في السودان عند قبور كثيرة وكما يقع في بلدان أخرى ، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وعند قبور أهل البقيع وقبور أخرى يقع هذا من الجهال ، فهم يحتاجون إلى التعليم والبيان والعناية من أهل العلم حتى يعرفوا دينهم على بصيرة .

فالواجب على أهل العلم جميعاً الذين منَّ الله عليهم بمعرفة دينهم على بصيرة أن يتقوا الله وأن ينصحوا عباد الله وأن يعلموهم دينهم وأن يحذروهم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب أو غير ذلك من أنواع البناء وأن يحذروهم من الاستغاثة بالموتى ودعائهم فالدعاء عبادة يجب صرفها لله وحده ، كما قال الله سبحانه " فلا تدعوا مع الله أحدا " الجن 18 ، وقال سبحانه " ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين " يونس 106 ، يعني من المشركين ، وقال عليه الصلاة والسلام " الدعاء هو العبادة "رواه الترمذي وصححه الألباني ، وقال صلى الله عليه وسلم " إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " ،رواه الترمذي وصححه الألباني ، فالميت قد انقطع عمله وعلمه بالناس وهو في حاجة أن يُدعى له ويُستغفر له ويُترحم عليه لا أن يُدعى من دون الله ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام " إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له. " رواه مسلم ، ، فكيف يدعى من دون الله ؟ وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه يقول رضي الله عنه " نهى رسول الله عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها " ، وما ذاك إلا لأن تجصيصها والبناء عليها وسيلة إلى الشرك بأهلها والغلو فيهم .

أما القعود عليها فهو امتهان لها ، فلا يجوز ذلك ، كما لا يجوز البول عليها والتغوط عليها ، ونحو ذلك من أنواع الإهانة لأن المسلم محترم حياً وميتاً لا يجوز أن يُداس قبره ولا أن تُكسر عظامه ولا أن يُقعد على قبره ولا أن يُبال عليه ولا أن توضع عليه القمائم فكل هذا ممنوع .

وبهذا يعلم المؤمن ويعلم طالب الحق أن الشريعة جاءت بالوسط لا بالشرك ولا بالإيذاء . فالميت المسلم يُدعى له ويُستغفر له ويُسلم عليه عند زيارته أما أن يُدعى من دون الله أو يُطاف بقبره أو يُصلى إليه فلا ، أما الحي الحاضر فلا بأس بالتعاون معه فيما أباح الله لأن له قدرة على ذلك ، فيجوز شرعاً التعاون معه بالأسباب الحسية ، وهكذا الإنسان مع إخوانه ومع أقاربه يتعاونون في مزارعهم وفي إصلاح بيوتهم وفي إصلاح سياراتهم ونحو ذلك يتعاونون بالأسباب الحسية المباحة المقدور عليها فلا بأس بذلك ، وهكذا مع الغائب الحي عن طريق الهاتف أو عن طريق المكاتبة ونحو ذلك كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة المباحة ، كما أن الإنسان القادر الحي يتصرف بالأسباب الحسية فيعينك بيده ويبني معك أو يعطيك مالاً هدية أو قرضاً ، فالتعاون مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة أما الاستغاثة بالأموات أو بالغائبين بغير الأسباب الحسية فشرك أكبر بإجماع أهل العلم ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة .
والله ولي التوفيق .

2 - 5 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر