الدرس 48 من أهداف الحج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 27 ربيع الثاني 1442هـ | عدد الزيارات: 514 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد أما بعد :
إنَّ اللهَ جلَّ وعَلا شرعَ الحجَّ لعباده، وجعله الركنَ الخامسَ من أركان الإسلام ؛ لِحِكَمٍ كثيرةٍ وأسرار عظيمةٍ ومنافعَ لا تُحصى، وقد أشار اللهُ ، جل وعلا ، إلى ذلك في كتابه العظيم، حيثُ يقول: قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ۝ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (آل عمران:95-97).
فبيَّنَ سبحانه أن هذا البيتَ أولُ بيت وضع للناس؛ للعبادة والتقرب إلى الله بما يرضيه، كما ثبت في الصحيحين في حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عامًا، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فإنها مسجد.

وشرع الله جل وعلا الحج لعباده، لما في ذلك من المصالح العظيمة، وأخبرنا نبينا ﷺ أن الحج مفروض على العباد المكلفين المستطيعين السبيل إليه، كما دل عليه كتاب اللهفي قوله سبحانه: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (آل عمران:97).
وخطب النبي ﷺ في الناس، فقال: أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقيل: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فقال: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع. صححه شعيب الأرناؤوط في مسند الإمام أحمد ، فهو فرض مرة في العمر، فما زاد على ذلك فهو تطوع، على الرجال والنساء المكلفين المستطيعين السبيل إليه، ثم هو بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة، كما قال النبي الكريم ﷺ: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة متفق على صحته.
وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والحج. وقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ أتى هذا البيتَ فلم يرفثْ ولم يفسق رجع كيوم ولدتُه أمُّه .صححه الألباني في صحيح الجامع .

فجدير بأهل الإيمان أن يبادروا بحج بيت الله، وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا إذا استطاعوا السبيل إلى ذلك، وأما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة، ولكن فيه فضل عظيم، كما في الحديث : قيل: يا رسول الله، أي العمل افضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور متفق عليه.
وقد حج عليه الصلاة والسلام حجةَ الوداع، وشرع للناس المناسكَ بقوله وفعله، وخطبهم في حجة الوداع في يوم عرفة خطبةً عظيمةً، ذكَّرَهُم فيها بحقه سبحانه وتوحيدِه، وأخبرهم فيها أن أمور الجاهليةِ موضوعةٌ وأن الربا موضوعٌ وأن دماءَ الجاهلية موضوعةٌ، وأوصاهم فيها بكتاب الله وسنة رسوله والاعتصام بهما، وأخبر أنهم لن يضلوا ما اعتصموا بهما، وبين حق الرجل على زوجته وحقها عليه، وبين أمورًا كثيرة عليه الصلاة والسلام، ثم قال: «وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ،. فَقالَ: بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ اللَّهُمَّ، اشْهَدْ، اللَّهُمَّ، اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . رواه مسلم ، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.

وقد بين عليه الصلاة والسلام مناسك الحج وأعماله وأقواله وأفعاله، وكان خروجه من المدينة في آخر ذي القعدة من عام عشر، محرمًا بالحج والعمرة قارنًا بينهما، من ذي الحليفة، وساق الهدي عليه الصلاة والسلام، وأتى مكة في صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة، ولم يزل يلبي من الميقات من حين أحرم من ذي الحليفة بتلبيته المشهورة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
بعدما لبى بالحج والعمرة عليه الصلاة والسلام. وكان قد خير أصحابه في ذي الحليفة بين الأنساك الثلاثة، فمنهم من لبى بالعمرة ومنهم من لبى بالحج ومنهم من لبى بهما، وكان ﷺ يرفع صوته بالتلبية، وهكذا أصحابه ، ولم يزل يلبي حتى وصل إلى بيت الله العتيق، وبين للناس ما يقولونه من الأذكار والدعاء في طوافهم وسعيهم وفي عرفات ومزدلفة وفي منى، وبين الله جل وعلا ذلك في كتابه العظيم حيث قال جل وعلا: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ۝ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (البقرة:198-199) إلى أن قال: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ الآية (البقرة:203).
فالذكر من جملة المنافع المذكورة في قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ (الحج:28). وعطفه على المنافع من باب عطف الخاص على العام.
وشرع للناس كما جاء في كتاب الله ذكر الله عند الذبح، وشرع لهم ذكر الله عند رمي الجمار، فكل أنواع مناسك الحج ذكر لله قولًا وعملًا. فالحج بأعماله وأقواله كله ذكر لله ، كله دعوة إلى توحيده والاستقامة على دينه والثبات على ما بُعِثَ به رسولُه محمدٌ عليه الصلاة والسلام. فأعظمُ أهدافه توجيهُ الناس إلى توحيد الله والإخلاص له والاتباع لرسوله ﷺ فيما بعثه الله به من الحق والهدى في الحج وغيره. فالتلبية أول ما يأتي به الحاج والمعتمر، يقول: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ. رواه البخاري ، يعلن توحيده لله وإخلاصه لله، وأن الله سبحانه لا شريك له؛ وهكذا في طوافه يذكر الله ويعظمه ويعبده بالطواف وحده، ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل ما سواه، وهكذا بالتحليق والتقصير، وهكذا بذبح الهدايا والضحايا، كل ذلك لله وحده، وهكذا بأذكاره التي يقولها في عرفات ومزدلفة وفي منى، كلها ذكر لله وتوحيد له ودعوة إلى الحق وإرشاد للعباد وأن الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده وأن يتكاتفوا في ذلك ويتعاونوا وأن يتواصوا بذلك. وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، هذه المنافع كثيرة جدًا أجملها الله تعالى في الآية وفصلها في مواضع كثيرة، منها الطواف، وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفير الذنوب وحط الخطايا، وهكذا السعي، وما فيه من ذكر الله والدعاء، وهكذا ما في عرفات من ذكر الله والدعاء، وما في مزدلفة من ذكر الله والدعاء، وما في ذبح الهدايا من ذكر الله وتكبيره وتعظيمه، وما يقال عند رمي الجمار من تكبير الله وتعظيمه، وكل أعمال الحج تذكر بالله وحده وتدعو المسلمين جميعًا إلى أن يكونوا جسدًا واحدًا وبناءً واحدًا في اتباع الحق والثبات عليه والدعوة إليه والإخلاص لله سبحانه في جميع الأقوال والأعمال، وهم يتلاقون على هذه الأرضين المباركة يريدون التقرب إلى الله وعبادته سبحانه، وطلب غفرانه وعتقه لهم من النار، ولاشك أن هذا مما يوحد القلوب ويجمعها على طاعة الله والإخلاص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، ولهذا قال : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (آل عمران:96)، فأخبر سبحانه أنه مبارك بما يحصل لزواره والحاجين إليه من الخير العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه الله من أعمال الحج والعمرة، وهو مبارك تحط عنده الخطايا وتضاعف عنده الحسنات وترفع عنده الدرجات، ويرفع الله ذكر أهله المخلصين الصادقين ويغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم الجنة فضلًا منه وإحسانًا إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق، كما قال ﷺ: مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ.رواه البخاري ، والرفث: هو الجماع قبل التحلل، وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث.

والحج كله دعوة إلى طاعة الله ورسوله، دعوة إلى تعظيم الله وذكره، دعوة إلى ترك المعاصي والفسوق، دعوة إلى ترك الجدال الذي يجلب الشحناء والعداوة ويفرق بين المسلمين،
فالحج فيه منافع عظيمة، فيه خيرات كثيرة؛ فيه دعوة إلى الله، وتعليم وإرشاد، وتعارف، وتعاون على البر والتقوى، بالقول والفعل المعنوي والمادي؛ ولهذا يشرع لجميع الحجاج والعمار أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى، متناصحين حريصين على طاعة الله ورسوله، مجتهدين فيما يقربهم إلى الله، متباعدين عن كل ما حرم الله.
وأعظم ما أوجبه الله توحيدُه وإخلاصُ العبادة له في كل مكان وفي كل زمان، ولا سيَّما في هذه البقعة العظيمة المباركة، فإن من الواجب إخلاصَ العبادة لله وحدَه في كل مكان وفي كل زمان، وفي هذا المكان أعظمُ وأوجبُ، فيخلص الحاج لله عمله وقوله من طواف وسعي ودعاء وغير ذلك، وهكذا في بقية الأعمال كلِّها لله وحدَه جل وعلا مع الحذر من معاصي الله ، ومع الحذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول أو عمل. فالمؤمن يحرص كل الحرص على نفع إخوانه والإحسان إليهم وتوجيههم إلى الخير، وبيان ما قد يجهلون من أمر الله وشرعه، مع الحذر من إيذائهم وظلمهم: في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، بل يحب له كل خير ويكره له كل شر أينما كان، ولاسيما في بيت الله العتيق وفي حرمه الأمين وفي بلد رسوله ﷺ، فإن الله جعل هذا الحرم آمنًا، جعله آمنًا من كل ما يخافه الناس. فعلى المسلم أن يحرص على أن يكون مع أخيه في غاية من الأمانة، ينصحه ويرشده ولا يغشه ولا يخونه ولا يؤذيه، لا بقول ولا بعمل، فقد جعل الله هذا الحرم آمنًا، كما قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا (البقرة:125)، وقال جل وعلا: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (القصص:57).
فالمؤمنُ يحرصُ كلَّ الحرص على تحقيق هذا الأمن، وأن يكون بنفسه حريصًا على الإحسان لأخيه وإرشاده إلى ما ينفعه ومساعدته دنيًا و دينًا على كل ما فيه راحة ضميره، وإعانته على أداء المناسك، كما أنه يحرص كل الحرص على البعد عن كل ما حرم الله من سائر المعاصي، ومن جملة ذلك إيذاء العباد، فإن ذلك من أكبر المحرمات، وإذا كان مع حجاج بيت الله الحرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثمًا، وأشد عقوبة، وأسوأ عاقبة.
فالحجُّ والعمرةُ نُسُكان عظيمان من أعظم العبادة التي يترتب عليها خيرٌ عظيمٌ، ومنافعُ جَمَّةٌ، وعواقبُ حميدةٌ لسائر المسلمين في سائر أقطار الدنيا، فالصلوات الخمس يجتمع فيها العباد في كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على البر والتقوى، لكن الحج يجتمع فيه العالم من كل مكان. فإذا كانت الصلوات هي من الخير العظيم لاجتماعهم عليها في أوقات خمسة، فهكذا الحج في كل عام فيه خير عظيم، والأمر فيه أوجب وأعظم من جهة دعوة الناس إلى الخير؛ لأنهم يأتون من كل فج عميق، وقد لا تلقى أخاك الذي تراه في الحج بعد ذلك، وهكذا المرأة عليها أن تحرص وأن تبذل وسعها في إرشاد أخواتها في الله مما علمها الله، فالرجل يرشد إخوانه وأخواته في الله من حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله ﷺ، والمرأة كذلك ترشد إخوانها وأخواتها في الله – مما تعلم- من الحجاج والعمار.
هكذا يكون الحجُّ وهكذا تكون العمرةُ، فيهما التعاون والتواصي بالحق والتناصحُ وإرشادٌ إلى الخير وبذلُ المعروف وكفُّ الأذى أينما كان الحجاجُ والعُمَّار، في المسجد الحرام وفي خارج المسجد، في الطواف وفي السعي وفي رمي الجمار وفي غير ذلك، يحرص كل واحد على كل ما ينفع أخاه ويدرأ عنه الأذى في جميع أرجاء البلد الكريم، وفي جميع مشاعر الحج؛ يرجو من الله المثوبة ويحذر مغبة الظلم والأذى لإخوانه المسلمين، وهذا كله داخل في قوله سبحانه: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (آل عمران:96)، وإنما كان مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل لقاصديه من الخير العظيم في هذا البيت العتيق، من الطواف والسعي والتلبية والأذكار العظيمة، يهتدون بها إلى توحيد الله وطاعته، ويحصل لهم من التعارف والتلاقي والتواصي والتناصح ما يهتدون به إلى الحق، ولهذا سمى الله بيته مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل فيه من البركة والخير العظيم، من تلبية وأذكار وطاعة عظيمة، تُبصر العباد بربهم وتوحيده، وتذكرهم بما يجب عليهم نحوه سبحانه، ونحو رسوله عليه الصلاة والسلام، وتذكرهم بما يجب عليهم نحو إخوانهم الحجاج والعمار، من تناصح، وتعاون، وتواص بالحق، ومواساة للفقير، ونصر للمظلوم، وردع للظالم، وإعانة على كل وجوه الخير.

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يوفق حجاج بيته العتيق وعماره لما فيه صلاحهم ونجاتهم ولما فيه قبول حجهم وقبول عمرتهم ولكل ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم. كما أسأله سبحانه أن يرد جميع الحجاج إلى بلادهم سالمين موفقين مسترشدين، مستفيدين من حجهم ما يسبب نجاتهم من النار ودخولهم الجنة واستقامتهم على الحق أينما كانوا.
كما أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير، ولكل ما يعين الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه. وقد فعلت الدولة وفقها الله الشيء الكثير من المشاريع والأعمال التي تساعد الحجاج على أداء مناسكهم، وتؤمنهم في رحاب هذا البيت العتيق، فجزاها الله خيرًا وضاعف مثوبتها.
ولاشك أن الواجب على الحجاج أن يبتعدوا عن كل ما يسبب الأذى والتشويش من سائر الأعمال، كالمظاهرات والهتافات والدعوات المضللة والمسيرات التي تضايق الحجاج وتؤذيهم، إلى غير ذلك من أنواع الأذى التي يجب أن يحذرها الحجاج.
أسأله سبحانه أن يوفق الحكومة وأن يعينها على كل ما فيه نفع الحجيج وتسهيل أداء مناسكهم، وأن يبارك في جهودها وأعمالها، وأن يوفق القائمين على شئون الحج لكل ما فيه تيسير أمور الحجيج، ولكل ما فيه إعانتهم على أداء مناسكهم على خير حال. كما أسأله أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم. وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على تحكيم شريعة الله في عباد الله، وأن يعيذنا وإياهم من اتباع الهوى ومن مضلات الفتن، إنه جل وعلا جواد كريم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

1442/4/27هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر