الدرس 47 واجب الشباب

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 25 ربيع الثاني 1442هـ | عدد الزيارات: 457 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعدُ:
فمن المعلوم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلق الثقلين ليعبدوه وحدَه لا شريكَ له، وأرسل الرسلَ عليهم الصلاة والسلام لدعوة الناس إلى هذا الواجبِ وتوضيحِ هذا الأمرِ العظيمِ وتبصيرِهم في ذلك وتوجيهِهِم إلى الخير وتحذيرهم عما سواه، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (الذاريات: 56-58) فأبَانَ سبحانه وتعالى أنه خلق الثقلين ليعبدوه وحدَه لا شريكَ له وأن الرزقَ عليه سبحانه وتعالى وليس في حاجة إلى أحد من خلقه جل وعلا، بل هو الرزاقُ سبحانه وتعالى وإنما خُلِقُوا ليعبدوا ربَّهم، وعبادتُه تعظيمُه والخضوعُ له سبحانه وتعالى والذلُّ له بفعل أوامره وتركِ نواهيه عن محبة خاصةٍ وعن صدق وإخلاصٍ وعن رغبة ورهبةٍ، هكذا تكون العبادةُ، هي طاعةُ الربِّ عز وجل وطاعةُ الرسول ﷺ بفعل الأوامر وتركِ النواهي عن ذل وخضوع ومحبة لله عز وجل ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعن رغبة فيما عند الله من الثواب وعن حذر مما عنده من العقاب جل وعلا.
وهذه العبادةُ إنما تعرف بالتفصيل من طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهم الذين يشرحونها للناس ويبينونها بما أنزل الله عليهم من الكتاب وبما يوحي إليهم سبحانه من أنواع الوحي فيما يأمرهم وينهاهم عنه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (الحديد:25) وقال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (النحل:89) .فالواجب على جميع الثقلين أن يعبدوه وحده بطاعته سبحانه فيما أمر به وترك ما نهى عنه على حسب ما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام.
ومعلوم أن نصيب هذه الأمة من الرسل عليهم الصلاة والسلام محمد عليه الصلاة السلام، فإن الله أرسله إلى هذه الأمة عامة وجعله خاتم الأنبياء وكانت الرسل قبله كثيرين وكان كل واحد منهم يرسل إلى قومه خاصة، أما نبينا محمد ﷺ فأرسل إلى الناس عامة كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا (سبأ:28) وقال سبحانه وتعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (الأعراف:158) ، وتواتر عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: أنا خاتمُ النبيين لا نبيَّ بعدي ، رواه الترمذي ، وصححه الألباني ، وأجمع أهل العلم على أنه خاتم الأنبياء والرسل وأنه ليس بعده نبي ولا رسول. ولهذا جعل الله رسالته عامة لجميع الأمة عربها وعجمها وجنها وإنسها ذكورها وإناثها أسودها وأبيضها وأحمرها لا فرق في ذلك كما تقدم في قوله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (الأعراف:158) .
وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً ، رواه البخاري وقال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (الفرقان:1) نذير للعالمين كلهم، فالواجب على جميع الثقلين طاعة هذا الرسول عليه السلام والسير على منهاجه والاستقامة على طريقه، قولا وعملا وعقيدة ومحبته محبة خاصة صادقة فوق محبة النفس والأهل والأولاد والناس أجمعين، فبذلك يفلح العبد غاية الفلاح وينجو في الدنيا والآخرة، وتكون له السعادة والعاقبة الحميدة الأبدية كما قال تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الأعراف:157) فمن آمن به واتبع طريقه وانقاد لشرعه فهو المفلح وهو السعيد في الدنيا والآخرة وهو الصادق حقا في محبته لله عز وجل ولرسوله ﷺ كما قال عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ الآية (آل عمران:31).وقال عليه السلام: كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى خرجه الإمام البخاري في صحيحه.

فالواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء والذكور والإناث والشباب والشيب والجن والإنس أن يعبدوا الله وحده ويتبعوا شريعته وذلك بإخلاص العبادة له وحده واتباع رسوله ﷺ في ذلك.
والعبادة حق الله وحده ليس لأحد فيها شركة كما قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5) وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ (الإسراء:23) ، وهذه العبادة هي طاعته واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه وترك ما نهى عنه عن ذل وخضوع وعن محبة وانقياد وصدق ورهبة ورغبة.
والشباب لهم شأن؛ لأنهم عصب الأمة وقوتها بعد الله، ويرجى فيهم الخير العظيم والنصر لدين الله في مستقبل الزمان إذا استقاموا وتثقفوا في الدين كما يرجى فيهم النفع للأمة والرفع من شأنها وإعلاء دين الله وجهاد أعدائه. وعلى الشباب واجب كبير في نصر الحق وأهله ومكافحة الباطل والدعاة إليه.
فالواجب على كل شاب مكلف أن يهتم بدينه وأن يعتني به وأن يتفقه فيه من طريق الكتاب والسنة بواسطة العلماء المعروفين بالعلم والفضل وحسن العقيدة، حتى يستقيم على دينه على بصيرة ويدعو إليه على بصيرة، وحتى يدع ما حرم الله عليه على بصيرة. وطريق ذلك العناية بالقرآن الكريم حفظا وتدبرا وتعقلا والإكثار من تلاوته؛ لأنه صراط الله المستقيم وحبله المتين وذكره الحكيم ولأنه الهادي إلى كل الخير كما قال سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (الإسراء:9)، وقال جل وعلا: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ (ص:29).
وعلى الشباب أيضا وغيرِهم من المسلمين أن يعتنوا بسنة رسول الله ﷺ وهي أحاديثه وسيرته ويتفقهوا فيها ويحفظوا ما تيسر منها ويدعوا الناس إلى ذلك؛ لأنها الوحي الثاني والأصل الثاني من أصول الشريعة بإجماع أهل العلم كما قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى
۝ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى (النجم:1-4) وقال سبحانه: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (النور:54) وقال عز وجل معظما شأن الكتاب والسنة في آخر سورة الشورى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (الشورى:52، 53) فأخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة أن القرآن والسنة روح تحصل به الحياة للعباد ونور تحصل به الهداية لمن شاء الله منهم.
فجدير بأهل العلم من الشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ بالنواجذ وأن يتفقهوا فيهما وأن يهتدوا بهما إلى صراط الله المستقيم الموصل إليه وإلى دار كرامته وجنته وأن يسيروا على ذلك في المدارس والجامعات وفي الحلقات العلمية وغير ذلك من مجالس العلم مع سؤال علماء الحق عما أشكل عليهم في الأحكام، كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (النحل:43) ، وعلى الشباب أن يعتنوا بالكتب التي يوكل إليهم حفظها ودراستها مع عرضها على الكتاب والسنة، حتى يكونوا في ذلك على بينة وبصيرة مما يدل عليه كتاب ربهم عز وجل وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، ومما يوضح لهم أهل العلم في المدرسة والجامعة وحلقات العلم، ولا يتم هذا إلا بالله سبحانه وتعالى والاستعانة به والتوجه إليه وسؤاله التوفيق والهداية، ثم حفظ الوقت والعناية به حتى لا يصرف إلا فيما ينفع ويفيد ويلتحق بذلك العناية بالدروس والإقبال عليها، وسؤال الأساتذة عما يشكل فيها والمذاكرة مع الزملاء في ذلك حتى يكون الطالب قد حفظ وقته واستعد لما يقوله الأستاذ ويشرح له، ولا يجوز له أن يتكبر عن المذاكرة مع زميله والسؤال لأستاذه، كما لا ينبغي أن يستحي في طلب العلم والسؤال عن المشكلات، قال الله تعالى في سورة الأحزاب: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (الأحزاب:53) وقالت أم سليم الأنصارية رضي الله عنها: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال النبي ﷺ: نعم إذا هي رأت الماء متفق عليه. والمراد بالماء المني، وقال مجاهد بن جبر التابعي الجليل: (لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبرٌ) رواه البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به.
ومن الواجب على الشباب وغيرهم العمل بالعلم وذلك بأداء الواجبات والحذر من المحرمات؛ لأن هذا هو المقصود من العلم ومن أسباب رسوخه وثباته في القلوب ومن أسباب رضاء الله عن العبد وتوفيقه له. ومن المصائب العظيمة أن بعض الناس يتعلم ولكنه لا يعمل، ولا شك أن ذلك مصيبة كبيرة وتشبه بأعداء الله اليهود وأمثالهم من علماء السوء الذين غضب الله عليهم بسبب عدم عملهم بعلمهم. يقول بعض السلف رضي الله عنهم: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم" ويدل على هذا قوله سبحانه: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (محمد:17) فمن اهتدى زاده الله هدى وزاده علما وتوفيقا. قال تعالى في أعظم سورة وهي سورة الفاتحة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (الفاتحة:6، 7) وهم أهل العلم والعمل من الرسل وأتباعهم بإحسان. فالمنعم عليهم هم الذين عرفوا الله وعملوا بطاعته وشرعه وتفقهوا في الدين واستقاموا عليه كما قال الله جل وعلا: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (النساء:69) هؤلاء هم المنعم عليهم وهم أهل الصراط المستقيم وهم أهل العلم والعمل وأهل البصيرة. ثم حذر سبحانه من المغضوب عليهم والضالين، فقال سبحانه: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ فالمغضوب عليهم هم الذين يعلمون ولا يعملون كاليهود وأشباههم، والضالين هم النصارى وأشباههم من الجهلة يتعبدون على الجهالة. فالمؤمن يسأل ربه أن يهديه صراط المنعم عليهم من أهل العلم والعمل، وأن يجنبه طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين.
فالواجب على الشباب بصفة خاصة وعلى كل مسلم بصفة عامة أن يعتني بهذا الأمر ويكون في دراسته حريصا على العلم والفقه في الدين والعمل بذلك، حافظا لوقته معتنيا بالمذاكرة والدراسة والسؤال عما أشكل عليه ناصحا لله ولعباده، يقول ﷺ: مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ. رواه مسلم ، ويقول ﷺ: سبْعةٌ
يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، رواه البخاري

فالشابُ الناشئُ في العبادة له شأنٌ عظيمٌ في فقههِ وعلمِه ونصحه ؛ لكونه قد تربى على العلم والفضل والعمل والعبادة والخير فيكون بذلك نافعا لنفسه نافعا لعباد الله من أساس شبابه حتى يلقى ربه.
ومن أهم الأمور بل أهم الأمور بعد الشهادتين: الصلواتُ الخمسُ والمحافظةُ عليها، وهي عمادُ الدين من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
ووصيتي لكم أيها الإخوة ولجميع الشباب ولكل مسلم تقوى الله في كل شيء، والعناية بوجه خاص بالصلاة والمحافظة عليها في وقتها في الجماعة في المساجد مع المسلمين، وهذا من أهم واجبات الشباب وواجب كل مسلم ومسلمة، فالصلاة هي عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، وهي أول شيء يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صحت فقد أفلح ونجح وإن فسدت فقد خاب وخسر.
يقول ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ،رواه الترمذي وصححه الألباني ، ويقول ﷺ: بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ ، رواه البخاري ، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام .

وهكذا تجب العناية بأداء الزكاة لمن عنده مالٌ يبلغ النصاب.كما تجب العناية بصوم رمضان في وقته والحفاظ على ذلك. وكذلك يجب حج بيت الله الحرام مع الاستطاعة مرة في العمر.
ومن الواجبات العظيمة بر الوالدين والإحسان إليهما وصلة الرحم وإكرام الضيف وصدق الحديث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأداء الأمانة والنصح لكل مسلم مع الحذر من جميع ما حرم الله مثلِ الزنا والسرقة وشربِ المسكر وأكلِ الربا وسائرِ ما حرم اللهُ من الغيبة وشهادةِ الزور والكذبِ وغيرِ هذا ممَّا حرم اللهُ. فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك.
ومن واجب الشباب بصفة خاصة أن ينشئوا على ذلك وأن يوطنوا أنفسهم على الخير وأن يجاهدوها في هذا المقام حتى يؤدوا ما أوجب الله وحتى يبتعدوا عما حرم الله عليهم، ومن ذلك الحذر من المخدرات وسائر المسكرات فإن شرَها عظيم وفسادَها كبيرٌ، فيجب البعد عنها والحذر من مجالسة أهلها؛ لأن المجالسة تجر إلى أخلاق الجليس، فالواجب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار. وهكذا العناية ببر الوالدين والإحسانِ إليهما وعدمِ عقوقهما فإن حقَّهُما عظيمٌ.
ومن الأخلاق الكريمة العناية بالزميل والإخوان وعدم التكبر عليهم والعناية بالجار والإحسان إليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى أوصى بذلك، وهكذا رسول الله ﷺ. قال الله عز وجل: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ (النساء:36) وقال ﷺ: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، رواه الترمذي وصححه الألباني ، إلى غير ذلك من أخلاق المؤمنين. قال ﷺ: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.صححه الألباني في السلسلة الصحيحة .
ومن الأخلاق الكريمة العظيمة العناية بطاعة الله ورسوله في جميع الأوقات والمحافظة على ذلك والحفاظ على الوقت وأن يأمر بطاعة الله وترك ما نهى عنه والعناية بالأخلاق الكريمة من بر للوالدين وصلة الرحم وإيثار للمسلم وعدم الغيبة والنميمة والحرص على حفظ اللسان عما لا ينبغي والإكثار من ذكر الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير والتحذير من الشر.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وأن يسلك بنا جميعا صراطه المستقيم وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه والدعوة إليه على بصيرة إنه جل وعلا جواد كريم كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا إلى كل خير وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمتَه وأن ييسرَ لهم البطانة الصالحة وأن يجعلهم هداة مهتدين.
كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين وأن يعينهم على تنفيذ الحق والحكم به والحذر ممن يخالفه، وأن يصلح الله لهم البطانة، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يفقههم في الدين، وأن يَكْثُرَ بينهم دعاة الهدى، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

25 - 4 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر