الدرس 300: الصيام مع المشقة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 9 جمادى الأولى 1438هـ | عدد الزيارات: 1340 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لا يجوز الفطر في رمضان للمكلف بالصيام إلا إذا كان مسافراً أو كان مريضاً مرضاً لا يقوى معه على الصيام لقول الله تعالى (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وقوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)

لا يجوز للمكلف أن يفطر في نهار رمضان لمجرد كونه عاملاً، لكن إن لحق به مشقة عظيمة اضطرته إلى الإفطار في أثناء النهار فإنه يفطر بما يدفع المشقة ثم يمسك إلى الغروب ويفطر مع الناس ويقضي ذلك اليوم الذي أفطره

يجب تبييت نية صوم شهر رمضان ليلاً قبل الفجر، ولا يجزئ بدون نية صومه من النهار، فمن علم وقت الضحى أن هذا اليوم من رمضان فنوى الصوم وجب عليه الإمساك إلى الغروب، وعليه القضاء؛ لما رواه ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه أحمد وابن حبان وصححه مرفوعاً. هذا في الفرض، أما في النفل فتجوز نية صومه نهاراً إذا لم يكن أكل أو شرب أو جامع بعد الفجر؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه دخل عليها ذات يوم ضحى فقال (هل عندكم شيء؟ فقالت: لا، فقال: إني صائم) خرجه مسلم في صحيحه

من شرب في نهار رمضان متعمداً فسد صومه، ويجب عليه قضاء يوم بدل ذلك اليوم الذي شرب فيه من أجل التعب الشديد مع التوبة إلى الله سبحانه

وتقبل توبته إذا استوفت الشروط؛ وهي الندم على ما فعل، والإقلاع عن الذنب، والعزم الصادق ألا يعود فيه، وهناك شرط رابع يتعلق بحق الإنسان وهو استحلاله أو إعطاؤه حقه من قصاص أو غيره؛ لقوله سبحانه (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه: 82

الإبر غير المغذية لا تؤثر على صحة الصوم، ويستحسن جعل الإبر ليلاً إن تيسر ذلك فهو أحوط

قطرة العين لا تفسد الصوم على الصحيح من قولي العلماء

لا حرج في التطعيم نهاراً ضد الحمى المخية الشوكية، وإن تيسر التطعيم في الليل فهو أحوط

لا حرج في أخذ إبرة السكر نهار رمضان للعلاج، ولا قضاء عليه وإن تيسر أخذه ليلاً بدون مشقة عليه فهو أولى

يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حكم تناول الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلاً فهو أولى

من اكتحل في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه، إلا أن يرى أثره في حلقه فالأحوط له القضاء والأولى ألا يكتحل نهاراً حال الصوم

إذا تقيأ عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فلا يفسد صومه، وكذلك لا يفسد ببلعه ما دام غير متعمد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء) رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح

استعمال الطيب السائل بوضعه في يديه ووجهه وبدنه وملابسه لا يفطر الصائم

الاستمناء في رمضان وغيره حرام، لا يجوز فعله؛ لقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المعارج: 29-30

وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه، ولا كفارة؛ لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة

ولا يجوز نكاح اليد، وهذا يسمى العادة السرية، ومن فعل ذلك في يوم من أيام رمضان فهو أشد إثماً وأعظم جرماً ممن فعله في غير رمضان، وتجب عليه التوبة والاستغفار ويصوم يوماً عن اليوم الذي أفطره إذا كان قد نزل منه مني، وأما من أقسم ألا يفعله ففعله فقد حنث في يمينه، وعليه كفارة يمين واحدة، ولو كرره؛ لأنه يمين على شيء واحد، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يستطع صام ثلاثة أيام، وقدر الإطعام خمسة أصواع من البر أو الأرز أو نحو ذلك من قوت البلد لكل مسكين نصف صاع، ومقدار الكسوة لكل مسكين ثوب يستره في الصلاة

الحجامة تفسد الصوم لأن الحاجم يقوم بامتصاص الدم ممن يقوم بحجامته، قال في كشاف القناع (لا فطر بفصد وشرط)

إذا كان الدم الذي أخذه منه المستشفى يسيراً عرفاً فلا يجب عليه قضاء ذلك اليوم وإن كان ما أخذ كثيراً عرفاً فإنه يقضي ذلك اليوم خروجاً من الخلاف، وأخذاً بالاحتياط براءة لذمته

ومن لمس أنفه وخرج منه عدة قطرات دم، فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا حرج في ذلك؛ لأن الأصل الصيام وليس في عمله ما يفسده

الدم الذي يخرج من لثة الإنسان عند مسحها أو عند السواك لا يضر الصوم

خروج الدم من الفم أو الأنف فجأة لا يؤثر على صحة الصيام

الدم الذي يخرج من بين الأسنان لا يفطر، سواء خرج بنفسه أو بضربة إنسان له

إذا نزف من الشخص دم بغير اختياره وهو صائم فإن صيامه صحيح

خروج الدم بالرعاف لا يفطر الصائم؛ لأنه بغير اختياره، لكن إذا بلعه باختياره فعليه القضاء إذا كان ذاكراً أنه صائم

من أفطر ناسياً في نهار رمضان وهو صائم فلا إثم عليه، وعليه أن يتم صومه، ولا قضاء عليه على الصحيح من قولي العلماء، وهذا ما ذهب إليه الشافعي وأحمد؛ لما رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وفي لفظ (إذا أكل الصائم ناسياً أو شرب ناسياً فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه) رواه الدار قطني وقال: إسناده صحيح

ابتلاع الصائم ريقه لا يفسد صومه ولو كثر ذلك، ولكن إذا كان بلغماً غليظاً كالنخاعة فلا يبلعه، بل يبصقه في منديل ونحوه إذا كان في المسجد

الروائح مطلقاً عطرية وغير عطرية لا تفسد الصوم في رمضان وغيره فرضاً أو نفلاً

من احتلم في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه، وعليه الغسل إذا أنزل المني

من تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه، لكنه لا يستنشق البخور والطيب المسحوق كسحوق المسك

تبلل ثوب الرجل نتيجة مداعبة الزوجة وخروج نقط من الذكر لا يفسد الصوم إلا أن يثبت أن ذلك البلل مني فعليه الغسل والقضاء دون كفارة

اصطدام الصائم بمناظر العري في نهار رمضان ليس مبطلاً للصيام، وعليه أن يغض بصره قدر استطاعته

من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج أو العمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ولا يؤثر على صيامه وحجه وعمرته، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منياً

من اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه من غير اختياره لم يفسد صومه؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)

من يعمل في التحلية ويستنشق بخار الماء فصيامه صحيح

السواك لا يفسد الصوم

نزول المني بدون احتلام أو جماع أو ممارسة العادة السرية لا يفسد الصوم لأنه بدون لذة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/5/8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي