الدرس 227: سب ذات الله

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 صفر 1436هـ | عدد الزيارات: 1804 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

سب ذات الله جل جلاله ردة وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع علماء المسلمين يستحق صاحبه القتل إذا لم يتب منه لقوله عليه الصلاة والسلام:" لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة"

والتوبة تجب ما قبلها لأن الصحابة رضي الله عنهم أقروا المرتدين على نكاحهم بعد أن عادوا للإسلام ولم يفرقوا بينهم وبين زوجاتهم ولم يجددوا لأحد منهم نكاحاً ولنا فيهم أسوة حسنة

فسب الذات الإلهية من أكبر الكبائر بل ردة عن الإسلام ويجب على من وقع منه ذلك المبادرة بالتوبة والاستغفار والإكثار من الحسنات فإذا تاب توبة نصوحًا تاب الله عليه وصارت زوجته في عصمته بذلك

فالردة هي الكفر بعد الإسلام وتكون بالقول والفعل والاعتقاد والشك وليس على المرتد إذا رجع إلى الإسلام أن يقضي ما ترك في حال الردة من صلاة وصوم وزكاة... إلخ. وما عمله في إسلامه قبل الردة من الأعمال الصالحة لم يبطل بالردة إذا رجع إلى الإسلام لأن الله سبحانه علق ذلك بموته على الكفر كما قال عز وجل "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ" (البقرة 161)الآية وقال سبحانه "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" (البقرة 217) أما نذره حال إسلامه فهو باق إذا كان النذر طاعة فعليه أن يوفي به بعد الرجوع إلى الإسلام

والإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا

والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره

والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

والإسلام هو الأعمال الظاهرة والإيمان: هو الأعمال الباطنة وهما متلازمان فلا يصح إسلام بدون إيمان ولا إيمان بدون إسلام
أما المكفرات فكثيرة وتسمى نواقض الإسلام وأعظمها الشرك بالله كدعاء الأموات والاستغاثة بهم ودعاء الأصنام والأشجار والكواكب ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل "أي الذنب أعظم قال "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك" متفق عليه

ومن ذلك سب الله ورسوله والاستهزاء بالدين ومن ذلك جحد ما علم من الدين بالضرورة أنه واجب كالصلاة والزكاة وجحد ما علم من الدين بالضرورة أنه محرم كالزنا والسرقة

وسب الدين والعياذ بالله كفر بواح بالنص والإجماع لقوله سبحانه "أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" (التوبة 65) وما ورد في معناها ويجب أن ينصح وينكر عليه ذلك فإن استجاب فالحمد لله وإلا فلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام ولا يرد عليه إن بدأ ولا تجاب دعوته ويجب هجره هجرًا كاملًا حتى يتوب أو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه" رواه البخاري

لا يعذر المكلف بعبادته غير الله إلا إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة فيعذر لعدم البلاغ لا لمجرد الجهل لما رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم

المخطئ المعذور من أخطأ في المسائل النظرية الاجتهادية لا من أخطأ فيما ثبت بنص صريح ولا فيما هو معلوم من الدين بالضرورة

لا ينبغي للمسلم أن يستخدم كافرًا كخادم أو سائق أو غير ذلك في الجزيرة العربية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج المشركين من هذه الجزيرة ولما في ذلك من تقريب من أبعده الله وائتمان من خونه الله ولما يترتب على الاستخدام من المفاسد الكثيرة

لا تجوز موادة الكفار ولا مخالطتهم مخالطة تنشأ عنها فتنة أما مؤاكلتهم ومخالطتهم والإحسان إليهم بما يرغبهم في الإسلام فلا بأس به مع الأمن من الفتنة وعدم المودة

الحد بين الكفر والإسلام: النطق بالشهادتين مع الصدق والإخلاص والعمل بمقتضاهما

موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين

لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة

يحرم على المسلم التجنس بالجنسية الكافرة

لا يجوز للمسلم الدخول على الكفار في معابدهم لما فيه من تكثير سوادهم ولما روى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه قال " ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ومعابدهم فإن السخطة تنزل عليهم"

س: حكم لبس الصليب ؟

ج: التفصيل في هذا الأمر وأمثاله هو الواجب فإذا بين له حكم لبس الصليب وأنه شعار النصارى ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك حكم بكفره لقوله عز وجل "ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" (المائدة 51)والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر
وفيه أيضا إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام والله سبحانه قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم حيث قال عز وجل: وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم

وشكل الصليب المدعى الذي هو اليوم شعار النصارى هو وضع خط ونحوه على خط أطول منه قليلا بحيث يقع الأعلى القصير على قرابة ثلث الأسفل الطويل من فوق على أن يشكل التقاطع زوايا قائمة

فلا يجوز للمسلم أن يرفع شعارات النصارى ولا أن يشاركهم في احتفالاتهم ولا أن يستقدمهم لغير ضرورة لبلاد المسلمين

حرف اليهود والنصارى الكلم عن مواضعه وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فغيروا بذلك أصول دينهم وشرائع ربهم من ذلك قول اليهود: عزير ابن الله وزعمهم أن الله مسه لغوب وأصابه تعب من خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فاستراح يوم السبت وزعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه ومن ذلك أنهم أحلوا الصيد يوم السبت بحيلة وقد حرمه الله عليهم وأنهم ألغوا حد الزنا في حق المحصن ومن ذلك قولهم "إن الله فقير ونحن أغنياء" (آل عمران 181)وقولهم "يد الله مغلولة" (المائدة 64)ومن ذلك زعم النصارى أن المسيح عيسى عليه السلام ابن الله وأنه إله مع الله وتصديقهم اليهود في زعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه وزعم كل من الفريقين أنهم أبناء الله وأحباؤه وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وحقدهم عليه من عند أنفسهم وقد أخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه وأقروا على أنفسهم بذلك

مما تقدم يتبين أن أصل الديانات التي شرعها الله لعباده واحد لا يحتاج إلى تقريب كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى صارت دياناتهم زورا وبهتانا وكفرا وضلالا ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة ليبين ما كانوا يخفون من الحق ويكشف لهم عما كتموه ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل

والدروز والنصيرية والإسماعيلية ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل إتباعا للهوى وتقليدا لزعيم الفتنة الأول عبد الله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين وقد عم شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلام

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-02-03هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي