الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف :"باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم"
أي باب ما جاء فيه من تعظيمهما، وهذا من باب تعظيم ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو من باب إكمال التوحيد ،ونقض العهود فيه نقص في التوحيد؛ لأنه يدل على عدم احترام عهد الله والذمة معناها العهد.
وقوله تعالى "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" (النحل آية 91) ، هذا امر من الله بالوفاء بالعهود، والوفاء ضد الغدر والخيانة، والمراد "بِعَهْدِ اللَّهِ" الميثاق الذي يعقد بين الناس ، وأضافه لنفسه إضافة تشريف مما يدل على تعظيم العهد؛ لأن الشيء إذا أضيف إلى الله فهذا دليل على تعظيمه، فقوله "إِذَا عَاهَدْتُمْ" أي عاهدتم طرفا آخر من الناس، وهذا يشمل الذي بين الله وبين خلقه والعهد الذي بين المسلمين وبين الكفار والذي بين ولي أمر المسلمين وبين الرعية والذي بين أفراد الناس بعضهم بعضا، فهذه العهود يجب الوفاء بها؛ لأن نقض العهود من علامات المنافقين ، فمن عاهد بذمة الله أو ذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فعليه أن يوفي ، وإن كان قد أخطأ في العهد في ذمة الله ورسوله لكن عليه أن يوفي بذلك، قال ابنُ كثير، رحمه الله،: وهذا مما يأمُر الله تعالى به، وهو الوفاء بالعهود والمواثيق، والمحافظة على الأيمان المؤكدة، ولهذا قال:"وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا" أي لا تنقضوا العهود بعد أن أكدتموها بالأيمان الشديدة ، بل أوفوا كما قال سبحانه:"وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا "(الإسراء34) ،
وبالله التوفيق
وصلى الله على نبينا
1435/6/10 هـ