الدرس 294 الاستنابة عن الغير في الحج

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1652 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير محمد صلى الله عليه وسلم وبعد

الحج من أفضل العبادات وأعظمها ثوابا ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وأنه قال "من حج فلم يرفث ، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" يعني نقيا من الذنوب

وأن الحج عبادة بدنية ، وإن كان فيها شيء من المال كالهدي ، فهي في ذاتها عبادة بدنية يطلب من العبد فعلها بنفسه ، وقد جاءت السنة بالاستنابة فيها في الفريضة حال اليأس من فعلها ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه قال نعم" وذلك في حجة الوداع "وأن امرأة أخرى قالت يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج ، فلم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها قال نعم حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم قال اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء"

ومن كان قادرا على الحج بنفسه ، فإنه لا يصح أن يوكل من يحج عنه

وقد منع الإمام أحمد رحمه الله في إحدى الروايتين عنه من توكيل القادر من يحج عنه في التطوع ، فلا ينبغي للمسلم أن يتساهل في ذلك بل يحج بنفسه إن شاء ، أو يعين الحجاج بشيء من المال ليشاركهم في الأجر من غير أن ينقص من أجورهم شيء

إخواني: الحج عبادة من العبادات يفعلها العبد تقربا إلى الله تعالى وابتغاء لثواب الآخرة ، فلا يجوز للعبد أن يصرفها إلى تكسب مادي يبتغي بها المال ، وإن من المؤسف أن البعض من الذين يحجون عن غيرهم إلا من عصم الله إنما يحجون من أجل كسب المال فقط ، وهذا حرام عليهم ، فإن العبادات لا يجوز للعبد أن يقصد بها الدنيا يقول الله تعالى "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يبخسون أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (هود 15، 16)فلا يقبل الله تعالى من عبد عبادة لا يبتغي بها وجهه ، ولقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أماكن العبادة من التكسب للدنيا ، فقال صلى الله عليه وسلم "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك" فإذا كان هذا فيمن جعل موضع العبادة مكانا للتكسب يدعى عليه أن لا يربح الله تجارته ، فكيف بمن جعل العبادة نفسها غرضا للتكسب الدنيوي كأن الحج سلعة ، أو عمل أو حرفة لبناء بيت ، أو إقامة جدار تجد الذي تعرض عليه النيابة يكاسر ويماكس هذه دراهم قليلة ، هذه لا تكفي زد أنا أعطاني فلان كذا ، أو أعطي فلان حجة بكذا ، أو نحو هذا الكلام مما يقلب العبادة إلى حرفة وصناعة

ولهذا صرح فقهاء الحنابلة رحمهم الله بأن تأجير الرجل ليحج عن غيره غير صحيح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ المال ، فليس له في الآخرة من خلاق لكن إذا أخذ النيابة لغرض ديني مثل أن يقصد نفع أخيه بالحج عنه ، أو يقصد زيادة الطاعة والدعاء والذكر في المشاعر ، فهذا لا بأس به وهي نية سليمة

اللهم يسر لنا الحج إلى بيتك على الوجه الذي يرضيك.

وبالله التوفيق

1435-5-3هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 3 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي