الدرس 310 الجهاد

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1466 القسم: الفوائد الكتابية

أيها الإخوة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا بد للإسلام من قوة تحميه ولا بد لدعوة الإصلاح والخير من درع واقية تصد عنها هجمات المغيرين الحاقدين دعاة الفوضى والفساد وإذا جرد الشر سلاحه يريد أن يسيطر على أرض الله وجبت مقاومته بكل قوة وتعين الوقوف في وجهه بكل حزم وشدة:

والشَّرُّ إنْ تَلْقَهُ بِالخيرِ ضِقْتَ بِهِ ذَرْعًا، وإنْ تَلْقَهُ بِالشَّرِّ يَنْحَسِمِ

ولا شيء بعد الإيمان بالله يعدل الجهاد في سبيله فهو ذروة سنام الإسلام وهو حمى الحق وسياج العقيدة والحفيظ على المبادئ الإنسانية قال سبحانه " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)" (الحج) وقد ضمن الله لمن خرج مجاهداً في سبيله يدفعه إيمان بالله وتصديق بكتبه ورسله ورغبة فيما أعد للمجاهدين الصابرين من جزيل الثواب وعلو المنزلة في دار الكرامة ضمن الله إحدى الحسنيين إما أن يلقى ربه شهيداً فيدخله الله الجنة أو يرجعه إلى أهله سالماً بما نال من أجر قال تعالى "قل هل تربصون بنا إلا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون" والشهداء ينزلون في الجنة مع النبيين والصديقين فهم إذاً في مكان عال في الجنة لا مع عامة المسلمين ممن لم يكونوا أنبياء ولا صديقين والشهداء يدخلون في ضمان الله وهذا يعني أن دخولهم فيها محقق وغير الشهداء لا ضمان لهم في دخول الجنة ولكنهم يدخلونها بمحض فضل الله كما جاء في الحديث " لَنْ يُدْخِلَ أحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ قالوا: ولا أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: لا، ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بفَضْلٍ ورَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وقارِبُوا "صحيح البخاري، وكل ما يلقاه المجاهد في طريق الجهاد من غربة أو مشقة وما يتعرض له من ضمأ أو نصب وكل ما يعانيه على أرض المعركة من حر أو برد أو عرق أو سهر فهو مدخر له عند الله يوفى جزاءه " يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)"(الشعراء)، " ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)(التوبة) وكل مسافة يقطعونها في القتال هجوماً على الأعداء أو دفاعاً عن بلاد المسلمين وحرمات الوطن كل ذلك سيكتب لهم ضمن أعمالهم الصالحة ومن هذا كله يخلص لنا أن للجهاد في سبيله الله مكانة لا تعدلها مكانة وأنه في ميزان الله يرجح رجحاناً عظيماً ولقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الجرح الذي يصيب بدن المجاهد في سبيل الله يجئ يوم القيامة كهيئته شاهد صدق على حسن بلاء صاحبه لونه لون دم وريحه ريح مسك ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشجع الشجعان وبطل الأبطال يتعشق الجهاد في سبيله ويود أن يباشر بنفسه قيادة الجيوش في كل معركة ولولا مخافته أن يشق على المسلمين ما تخلف عن سرية قط فهو بالمؤمنين رؤف رحيم فلو أنه خرج مع كل سرية لوقع المسلمون في حرج شديد والجهاد في نظر الإسلام ضرورة لدفع العدوان وإقرار السلام وتثبيت دعائم الإسلام في الأرض فالباعث على الجهاد ليس طمعاً في استعباد الشعوب وقهر النفوس يقول الله تعالى "لا اكره في الدين قد تبين الرشد من الغي"فالإسلام لا يطلب من غير المسلمين إلا أن يكفوا شرهم عن دعوته وألا يثيروا الفتن ويضعوا العوائق في طريق الدعوة الإسلامية فإن تمردوا وبغوا فقد أذن الله لأهل الإسلام أن يردوا العدوان بالقوة إقرار للسلم وإقامة للقسط "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ "(البقرة 190) فالسلم هو القاعدة وهو العلاقة الأصلية بين البشر هكذا يريد الإسلام أن يعيش الناس اخوة يتعارفون على الحق ويتعاونون على البر والجهاد ليس إلا علاجاً لشذوذ من لم تنفع فيه الحكمة وقمعاً لشر من لم تجد فيه الموعظة الحسنة وإذا لم يكن من الحرب بد فالإسلام يحذر أن تكون الحرب حرب تنكيل أو تخريب فلا يبيح قتل الأطفال والرهبان والضعفاء والعجزة والمدنيين الذين لم يشتركوا في القتالومن الأدلة على هذا ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: "وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي، فنهى رسول الله عن قتل النساء والصبيان"رواه البخاري ومسلم، قال النووي بعد إيراد حديث ابن عمر: " أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان، إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا، قال جماهير العلماء: يقتلون "

هذه شريعة الإسلام في الجهاد تنطق بأن القتال شرع في الإسلام لدفع الاعتداء وأن القتل فيه ألجئت إليه الضرورة التي لا تكون إلا في اضيق حدودها والإسلام يفتح باب الأمان لحقن الدماء وحماية الأنفس "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "(الأنفال61) فما أجدرنا في هذه الفترة الحاسمة من تاريخنا ونحن نرى قوى الشر والبغي تتجمع من حولنا تريد أن تحتل بلادنا وتستغل مواردنا وتنهب خيراتنا وتتحكم في مستقبلنا ومصيرنا ما أجدرنا أن نهب جميعاً للدفاع عن ديننا وبلادنا ونحن على ثقة من أن النصر بيد الله وأنه سبحانه قد جعله حقاً على نفسه بمحض فضله للمؤمنين فقال عز من قائل: وكان حقاً علينا نصر المؤمنين

اللهم انصر المجاهدين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعادي من عاداهم ووالي من والاهم اللهم من أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له.

وصلى الله على نبينا محمد.

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 4 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي