الدرس311 الغزو الفكري

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1420 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد؛

الحديث في رحلة الإسلام منذ أيامه الأولى حتى وصوله إلينا وما صادفه من عوامل عداء راسخة في نفوس فسدت فطرتها، وانطمست بصيرتها، لهو حديث شديد متعب، وطويل متشعب، تقصر عن الوفاء به المجلدات والكتب، ولا تسعف معالجة الأحاديث والخطب
ذلك أن سنة الله في خلقه، قد قضت أن يكيد للحق الأكثرون، وأن يتألب عليه المعادون مجتمعين، في مواجهة العزل المستضعفين، فتكون كرة وكرة، يخرج الحق بعدهما أبلج ناصعا مبينا، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون

أيها الإخوة

هل سمعتم بحرب ضروس لا تضع أوزارها حتى تترك ضحاياها بين قتيل وأسير، وتخلو مع ذلك من عتاد الحروب المألوفة وأدوات التقتيل والتدمير المعروفة، تدور بغير طائرة ولا مدفع وحتى سيف أو عصا، لكنها تبيد الشعوب وتذيب الأمم
وهي حرب دائمة دائبة لا يحصرها ميدان، بل تمتد إلى شعب الحياة الإنسانية جميعا، فتسبق حروب السلاح وتواكبها ثم تستمر بعدها، لتكسب ما عجز السلاح عن تحقيقه، فتشل إرادة المهزوم وعزيمته حين يلين ويستكين وتنقض تماسكه النفسي حتى يذوب كيانه ويفنى في بوتقة أعدائه
أما سلاح هذه الحرب فهو الفكرة والكلمة والرأي والحيلة والنظرية والشبهة، وخلابة المنطق وبراعة العرض وشدة الجدل، ولدادة الخصومة وتحريف الكلم عن مواضعه
أخي

إن نظرة سريعة إلى واقع مليار من المسلمين أو يزيد تكشف آثارا تراكمت وتفاعلت في جسد هذه الأمة من جراء هذا "الغزو الفكري" الذي تكاتف على تسليطه، وتظاهر على النفاذ به إلى عقل الأمة المسلمة وقلبها كل أعداء الإسلام على اختلاف مللهم وعقائدهم ونحلهم
لقد بدأت تلك الحرب مواكبة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان هناك المنافقون والمشركون واليهود، ثم تنامى الإسلام، فكثر أعداؤه من فرس وروم وغيرهم
أما المنافقون، فقد كان دأبهم التخذيل والإرجاف والشائعات الكاذبة والتسخط على كل ما لا يرضي أهواءهم، والعمل على تفريق المؤمنين وتسريب الشبهات إلى داخل صفوف الموحدين
ولا ريب أنه كان لهذا اللون من الحرب نتائج وغايات وآثار هي أخبث وأشد وأنكى من فعل السيوف قال تعالى: والفتنة أكبر من القتل
وحين امتدت الفتوحات الإسلامية في الشرق وفي الغرب، وساد نفوذ الإسلام السياسي على فارس والروم، ودع الروم جزيرة العرب، وبقي فيها اليهود، وقد فقدوا سلطانهم الروحي على الأميين، ودالت دولة الفرس فخمدت نيران المجوس، وانمحت ظلمة الشرك، فحقد أحبار اليهود وكهان الفرس لزوال عزتهم ومجدهم وقامت من بينهم طوائف وجمعيات تكيد للفاتحين، ولدين الفاتحين، متفرقين أحيانا، ومجتمعين في أكثر الأحايين، وأول هذه الجمعيات تلك التي اغتالت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم تلك التي أشعلت نار الفتنة الظالمة التي قضت على عثمان وفرقت المسلمين إلى فئتين متقاتلتين، ثم انتهت بقتل علي رضي الله عنه "ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود"(المائدة 82)، فاليهود بلاء الدنيا وطاعون الكون وجماع كل إثم وشر.
ثم تكاثرت تلك الجمعيات السرية الهدامة، تظهر حينا وتختفي حينا آخر، متخذة لهذا الظهور وهذا الاختفاء مختلف الأسماء والغايات، فتارة تنادي باسم الدين، وتارة باسم الخلافة، تلبس لكل حالة زيها، ولكن الهدف واحد، طمس الإسلام وخنق صوته وإطفاء نوره.
وقد كانت فارس (إيران اليوم) أعظم مهد لهذه الجمعيات، هذه البلاد المليئة بالعجائب، كان لها في كل عصر مولود جديد من هذه الجمعيات اللعينة، من أراد الاستزادة فليقرأ كتاب: (وجاء دور المجوس) لعبد الله محمد الغريب .

ثم فتح الباب على مصراعيه لخلايا وأجهزة الفرق الضالة والمارقة عن الإسلام باسم الإسلام، تجتمع معاولها على ضرب هذا الدين فكانت الباطنية والقاديانية والبهائية وغيرها، تستمد العون والتأييد من أعداء الله عز وجل
فالبهائيون، كمثال لذلك، قد تزلفوا إلى اليهود، ومالؤوهم على المسلمين، وبشروهم بأن بيت المقدس وما حوله سيكون وطنا لهم، وقال طاغيتهم عبد البهاء والمسمى عباسا أنه يريد أن يوحد بين المسلمين والنصارى واليهود على أصول نواميس موسى الذي يؤمنون به جميعا، فهو يريد صراحة تهويد المسلمين، وجعل اليهودية الزائفة هي الدين السائد في الأرض حتى يكون السلطان في العالم كله للقردة والخنازير وعبدة الطاغوت.
فاحذروا يا أحبتي كل هذه الدعوات المسمومة المارقة، وكونوا على يقظة من شراكها وحبائلها، وتسلحوا بالعلم على مقاومتها ودحرها وتنبهوا إلى قطرات السم القاتلة يصبها أعداء الله من اليهود والنصارى في كئوس من العسل إلى المسلمين على اختلاف أوطانهم، باسم التبشير وجمعياته ومؤسساته، وظاهر الأعمال الإنسانية والخيرية، والنوادي الاجتماعية كالروتاري والليونز والبناي برث وشهود يهوه، كلها قلاع يهودية تحمل الدمار بين أنيابها وتتكاتف على غزو المسلمين في عقر دارهم
أسأل الله لي ولكم النجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يبصرنا سبحانه بمواقع أقدامنا، وأن يهيئ لأمة المسلمين من أمرها رشدا

اللهم بصر أمة الإسلام بأعدائها حتى لا يطعنوها من الخلف وما ذلك على الله بعزيز

وبالله التوفيق

1435-5-2 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي