الدرس 174: باب ما جاء في المصورين 3

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف: ولهما عن ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كلُّ مُصوِّرٍ في النَّارِ ، يُجْعَلُ له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نفسٌ فتُعذِّبُه في جهنَّمَ".

جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس:"ومَن صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ،"وجاء في مسلم عنه بهذا اللفظ "كلُّ مُصوِّرٍ في النَّارِ ، يَجْعَلُ له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نفْسًا فتُعذِّبُه في جهنَّمَ"

هذا الحديث فيه وعيد شديد وهو يشمل جميع أنواع التصوير ، سواء كان نحتا وتمثالا وهو ما يسمونه مجسما ، أو كان رسما على ورق أو على لوحات أو على جدران.

قول المصنف :"ولهما عنه مرفوعا مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ"

جاء الحديث في صحيح البخاري عن ابن عباس بهذا اللفظ"مَن صَوَّرَ صُورَةً، فإنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وليسَ بنَافِخٍ فِيهَا أبَدًا."وجاءت رواية مسلم بهذا اللفظ "مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدنيا كُلِّفَ أن ينفخ فيها الرّوحَ يومَ القيامة وَليسَ بنافخٍ".

قوله :"ولهما عنه مرفوعا : مَن صَوَّرَ صُورَةً"، هذا نوع آخر من الوعيد.

قوله "فإنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وليسَ بنَافِخٍ فِيهَا أبَدًا" أي تحضر الصور التي صنعها ويؤمر بأن ينفخ فيها الأرواح ، وهذا من باب التعجيز والعذاب بأن يُحَمَّلَ ما لا يستطيع فيطول عذابُهُ.

قول المصنف : ولمسلم عن أبي الهياج قال لي عليٌّ : أَلَا أَبْعَثُكَ علَى ما بَعَثَنِي عليه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ أَلَّا تَدَعَ صُورَةً إلَّا طَمَسْتَهُا وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ.".

جاءت رواية مسلم بهذا اللفظ"قالَ لي عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا أَبْعَثُكَ علَى ما بَعَثَنِي عليه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ.وحدثنيه أبو بكر بن خلاد الباهلي حدثنا يحيى وهو القطان حدثنا سفيان حدثني حبيب بهذا الإسناد وقال :وَلَا صُورَةً إلَّا طَمَسْتَهَا".

قوله عن أبي الهَيَّاجِ "هو أَبُو الْهياج الْأَسدي حَيَّان بن حُصَيْن تابعي جليل روى عن علي بن أبي طالب وغيره ، رَوَى عَنه: أَبُو وائل شقيق بْن سلمة الأسدي وغيره، روى لَهُ مسلم، وأَبُو داود، والتِّرْمِذِيّ، والنَّسَائي.

في هذا الحديث التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا بذلك، أما الصور فلمضاهاتها لخلق الله وأما تسوية القبور فلما في تعليتها من الفتنة لأربابها وتعظيمها وهو من ذرائع الشرك ووسائله فصرف الهمم إلى هذا وامثاله من مصالح الدين ومقاصده وواجباته، ولما وقع التساهل في هذه الأمور وقع المحظور، وعظمت الفتنة لأرباب القبور وصارت محطا لِرُحّال العابدين المعظمين لها، فصرفوا لها جل العبادة من الدعاء والاستعانة والاستغاثة والتضرع والذبح والنذور وغير ذلك من كل شرك

قول المصنف : فيه مسائل:

الأولى: التغليظ الشديد في المصورين تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم "أشد الناس عذاباً " الحديث

الثانية: التنبيه على العلة وهو ترك الأدب مع الله لقوله "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" فمن ذهب يخلق كخلق الله فهو مسيء للأدب مع الله عز وجل لمحاولته أن يخلق مثل خلق الله

الثالثة: التنبيه على قدرته وعجزهم لقوله " فليخلقوا ذرة أو شعيرة" لأن الله خلق أكبر من ذلك وهم عجزوا عن خلق الذرة أو الشعيرة.

الرابعة : التصريح بأنهم أشد الناس عذابا، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أشد الناس عذابا"الحديث ،

الخامسة : أن الله يخلق بعدد كل صورة نفسا يعذب بها المصور في جهنم، لقوله صلى الله عليه وسلم :" يَجْعَلُ له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نفْسًا فتُعذِّبُه في جهنَّمَ".

السادسة : أنه يكلف أن ينفخ فيها الروح ، لقوله صلى الله عليه وسلم:"حتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وليسَ بنَافِخٍ فِيهَا أبَدًا"

السابعة : الأمر بطمسها إذا وجدت ، لقوله صلى الله عليه وسلم "وَلَا صُورَةً إلَّا طَمَسْتَهَا"

وبالله التوفيق

1435/4/26 هـ