الدرس 167: باب ما جاء في منكري القدر (5)

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 23 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2200 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

- الإيمان بالقدر : وهو: أن تؤمن بقضاء الله وقدره، وأنه لا يجري في هذا الكون شيء إلا وقد علمه الله في الأزل، وكتبه في اللوح المحفوظ، وشاءه وأراده، ثم خلقه وأوجده. قال سبحانه :"مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ "(الحديد22)، والإيمان بالقضاء والقدر يتضمن أربع مراتب:

المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله الأزليّ بكل شيء، وأنه يعلم ما كان وما يكون، لا يخفى عليه شيء قال تعالى"أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ۗ "(الحج 70). ، وقال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ "(المجادلة 7)، وقال تعالى :"إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ" (آل عمران5)، وقال تعالى "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "(الحديد 3)، فمن جحد علم الله فهو كافر.

المرتبة الثانية:كتابتها، أي أن الله كتب في اللوح المحفوظ كلَّ شيء ، فالذي ينكر الكتابة في اللوح المحفوظ لم يكن مؤمنا بالقدر.

المرتبة الثالثة: أن ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فكل شيء يقع هو بإرادة الله.

المرتبة الرابعة: أنه خالق كل شيء فكل شيء في هذا الكون فهو من خلق الله، قال تعالى:"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ "(الصافات 96)،وقال تعالى :"اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ "(الزمر 62) .

قوله صلى الله عليه وسلم :"خَيْرِهِ وشَرِّهِ"، أي خير القدر وشره، أي أنه تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق ، وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره وإرادته ، قال تعالى "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" (الفرقان 2) ، وقال تعالى :"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر 49)، والإيمان بالقدر خيره وشره لا يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم "وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ" رواه مسلم ؛ لأن إثبات الشر في القضاء والقدر إنما هو بالإضافة إلى العبد، والمفعول إن كان مقدرا عليه فهو بسبب جهله وظلمه وذنوبه لا إلى الخالق، فله في ذلك من الحكم ما تقصر عنه أفهام البشر، لأن الشر إنما هو بالذنوب، فهو شر بالإضافة إلى العبد ، أما بالإضافة إلى الله سبحانه فكله خير وحكمة ، فلا يضاف الشر إلى ذاته وصفاته ولا إلى أسمائه ولا إلى أفعاله، فإن ذاته منزهة عن كل شر وصفاته كذلك كلها صفات كمال ، وأسماؤه كلها حسنى ليس فيها اسم ذم ولا عيب ، وأفعاله حكمة ورحمة ومصلحة وإحسان وعدل ، وهو المحمود على ذلك كله ، وتستحيل إضافة الشر إليه. فالحاصل أن كل ما يقع في هذا الكون فهو عدل ورحمة وخير من الله ، فإن كان ضررا وعقوبة وشرا بالنسبة لمن وقع عليه ذلك

وبالله التوفيق

1435/4/24 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر