الدرس 199: النذر 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 17 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 1615 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: والدي أصابه مرض قبل عدة سنوات ماضية ونذر لله نذرا إن عافاه الله من هذا المرض أن يصوم لله سنتين متتاليين ؟

ج: نذر والدك نذر مكروه ويكفي عن ذلك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام

س: نذرت على نفسها صيام عشرة أيام في شهر رجب من كل سنة ؟

ج: نذر إفراد شيء من أيامه بالصوم أمر مكروه لأن ذلك من أمور الجاهلية وعلى السائل كفارة يمين

س: نذرت أن تصوم سنة إن ولدت سليمة وبالفعل ولدت سليمة ؟

ج: لا شك أن نذر الطاعة عبادة من العبادات وقد مدح الله تعالى الموفين به فقال تعالى "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"(الإنسان 7) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" "ونذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل هل فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد فقيل له: لا فقال: وهل فيها عيد من أعيادهم قيل: لا فقال: أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم" وحيث إن المستفتية ذكرت أنها نذرت أن تصوم سنة وصيام سنة متواصلة من قبيل صيام الدهر وصيام الدهر مكروه لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من صام الدهر فلا صام ولا أفطر" ولا شك أن العبادة المكروهة منهي عنها فلا وفاء بالنذر بها قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لو نذر عبادة مكروهة مثل قيام الليل كله وصيام النهار كله لم يجب الوفاء بهذا النذر. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 25/276

وعليه فيلزم السائلة كفارة يمين

س: نذرت إن رزقني الله ولداً أن أصوم حولاً كاملاً فرزقت ؟

ج: يستحب لك أن تكفري كفارة يمين لأنه يكره صوم الحول كاملا بنذر أو بغير نذر

س: نذرت إن رزقت مولوداً أن لا أخرج من بيتي لمدة سنة فرزقت ؟

ج: كفري عن النذر كفارة يمين

س: نذرت والدتي أن تصوم شهر ذي الحجة وعجزت لكبر سنها ؟

ج: لا يجوز نذر صوم شهر ذي الحجة كله لأن فيه أياما لا يجوز صيامها وهي يوم العيد "عيد الأضحى" وأيام التشريق ولكون أمك عجزت عن صيام ذي الحجة حتى لو استثنت الأيام الممنوع صيامها فإنها تكفر كفارة يمين

س: نذرت إن أصبحت معلمة يكون راتبي كله في سبيل الله فصرت ؟

ج: يكفيك التصدق بثلث الراتب لأن الذي نذر أن يتصدق بماله كله قال له النبي صلى الله عليه وسلم "يجزئ عنك الثلث" رواه أبو داود

س: هل يجوز توزيع طعام على الناس من الأشياء المنذورة للأولياء والصالحين وهل يجوز الاحتفال بذلك ورفع العلم ؟

ج: أولا: نذر الطاعة عبادة أثنى الله على من وفى به ووعده سبحانه بحسن جزائه قال تعالى "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ" وقال "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ" سورة الإنسان آية 7

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" وإذا كان نذر الطاعة عبادة وجب صرفه إلى الله وحده والإخلاص له فيه وإن كان صرفه لغير الله من نبي أو ولي أو جني أو صنم أو غير ذلك من المخلوقات شركا وعلى هذا تكون الذبائح المنذورة لغير الله ميتة يحرم الأكل منها وتوزيعها على الناس ولو ذكر ذابحها اسم الله عليها حين ذبحها لأن تسميته عليها عبادة لا تصح معه ولا تؤثر على حل الذبيحة ويجب طرحها أو إطعامها للحيوانات

وأما إن كان المنذور للأولياء والصالحين غير الذبائح من خبز وتمر وحمص وحلوى ونحو ذلك مما لا يتوقف حل أكله على الذبح أو نحر فينبغي ترك توزيعه على الناس لما في ذلك من ترويج البدع والتعاون على انتشارها والمشاركة في مظاهر الشرك وإقرارها لكنها في حكم الأموال التي أعرض عنها أهلها وتركوها لمن شاء أخذها فمن أخذ شيئا منها فلا حرج عليه

ثانيا: لا يجوز الاحتفال بمن مات من الأنبياء والأولياء الصالحين ولا إحياء ذكراهم بالموالد ورفع الأعلام ولا بوضع السرج والشموع على قبورهم ولا ببناء القباب والمساجد على أضرحتهم أو كسوتها أو نحو ذلك لأن جميع ما ذكر من البدع المحدثة في الدين ومن وسائل الشرك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بمن سبقه من الأنبياء والصالحين ولا فعله الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أئمة المسلمين في القرون الثلاثة التي شهد لها صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون من بعده بأحد من الأولياء والصالحين أو الملوك أو الحكام وكل خير في اتباعه صلى الله عليه وسلم واتباع خلفائه الراشدين المهديين ومن اهتدى بهديهم وسلك طريقهم وكل شر في اتباع المبتدعة والعمل بما أحدثوا من بدع في شؤون الدين قال تعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"(الأحزاب 21) وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق على صحته وعنه أيضا أنه قال عليه الصلاة والسلام "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" وثبت عنه أيضا أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" رواه مسلم

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله: كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور وإن كل بدعة ضلالة" رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح

س: شخص نذر أن يذبح نعجة عند أحد الأضرحة ؟

ج: الذبح عند القبور بدعة ووسيلة من وسائل الشرك الأكبر فلا يجوز لمن نذر أن يذبح عند قبر أن يفي بنذره لأن نذره نذر معصية ونذر المعصية لا يجوز الوفاء به لما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" أما إن كانت الذبيحة لصاحب القبر فإن ذلك من الشرك الأكبر لقول الله سبحانه "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" (الأنعام 162)وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن من ذبح لغير الله

قلت: اللجنة الدائمة لم توجب عليه الكفارة لأنه نذر فيه شرك والشرك لا تكفره الكفارة

س: كانت زوجتي مريضة وقد طلب بعض أهل الخير أن أنذر نذراً لسيدي إبراهيم الدسوقي في مدينة دسوق بمصر ففعلت ؟

ج: النذر الذي نذرته حرام بل من الشرك الأكبر لكون النذر عبادة لله فلا يجوز صرفه لغيره وبناء على ذلك لا يجوز الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم

س: نذرت أن أقيم حفلة طرب حين يرزقني الله بمولود ذكر ؟

ج: يحرم عليك أن تقيم ذلك الحفل وعليك عن ذلك كفارة يمين ويسن لك أن تذبح شاتين عن المولود إذا كان ذكرا وشاه واحدة إذا كان أنثى وذلك في اليوم السابع من تاريخ الولادة والسنة أن تتصدق وتأكل وتهدي ولك أن توزعه لحما نيئا على هؤلاء على أن يكون ما يذبح من الشياه مما يجزئ أضحية

وبالله التوفيق

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-4-17 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي