الدرس 186: اللحوم المحرمة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 17 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1756 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما دل الدليل الشرعي على تحريمه والحية من الدواب التي أمر بقتلها فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا" رواه مسلم

ولا يحل أكل القرد لأن له ناب يفترس به وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع

والإسراف ممنوع وإضاعة المال ممنوعة ويجب حفظ الطعام الباقي للمرة الثانية أو إطعامه المحتاجين فإن لم يوجدوا فالحيوانات ولو بعد تجفيفه لمن يتيسر له ذلك

ويحرم أكل القطة لأنها من ذوات الأنياب لما روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير

فلا يجوز أكل الفئران والثعابين والحنش السام والقردة

وورد النهي عن قتل الهدهد ومن النهي عن قتله أُخذ القول بتحريم أكله بناء على أن الأصل في النهي التحريم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد" رواه أحمد قال الحافظ ابن حجر في هذا الحديث رجاله رجال الصحيح وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في هذا الباب

فيحرم أكل لحم الهدهد والصردة لأنه منهي عن قتلهما وما نهي عن قتله حرم أكل لحمه

ويحرم أكل الطيور التي لا مخلب لها وهي تأكل الجيف للحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم وذكر منها الغراب" وهو يأكل الجيف وغيره مثله للاشتراك في العلة

ولا يجوز سقي الحيوانات الماء النجس لأن ذلك يجعلها في حكم الجلالة ولأنه مطلوب من المسلم اجتناب النجاسات في مأكله وملبسه ومركبه وجميع شؤونه

والمطاعم التي تقدم فيها الخمور إذا تيسر له الأكل في غيرها لم يجز له الأكل فيها لما في ذلك من التعاون معهم على الإثم والعدوان وقد نهى الله تعالى عن ذلك وإن لم يتيسر الأكل في غيرها جاز له الأكل فيها للضرورة لقوله تعالى "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حرج" وقوله "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" ولكن لا يأكل ولا يشرب إلا ما أحل الله

وإذا كان وجود الكحول في الحلوى أو الأدوية بنسبة ضئيلة جدا بحيث لا يسكر أكل أو شرب الكثير منها فإنه يجوز تناولها وبيعها لأنها لا يكون لها أي مؤثر في الطعم أو اللون أو الرائحة لاستحالتها إلى طاهر مباح لكن لا يجوز للمسلم أن يصنع شيئا من ذلك ولا يضعه في طعام المسلمين ولا أن يساعد عليه

النخيل الذي تتغذى على الصرف الصحي إذا لم يظهر أثر النجاسات في طعم ثمار هذه النخيل أو ريحها فإنه يباح أكلها لأن الأصل إباحة أكلها إلا إذا ظهر أثر النجاسة في طعمها أو ريحها فإنه يحرم تناولها

والغنم التي تشرب من الماء النجس وتأكل النجاسات إذا كان ذلك يغلب على شرابها وأكلها فلا يجوز شرب لبنها ولا أكل لحمها لنهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الجلالة وهي التي تتغذى من النجاسة حتى تحبس ثلاثة أيام وتطعم الطاهر

والجدي الذي غذي بلبن الكلب يحرم لحمه حتى يحبس ويغذى بطاهر ثلاثة أيام فأكثر لأنه في حكم الجلالة فعن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل المجثمة وهي المصبورة للقتل وعن أكل الجلالة وشرب لبنها" رواه أحمد

والمأكولات التي يدخل في تركيبها مواد محرمة كأجزاء الميتة ولحوم الحيوانات المحرمة تكون حراما لا يجوز أكلها لقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ

والكلب لا يجوز جعله في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة" ولقوله صلى الله عليه وسلم "من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان"

س: لاحظنا عند زيارتنا للفلبين أن أهل تلك البلاد ينتشر بينهم تناول وجبة غذائية يسمونها بالتوت وهي عبارة عن بيض دجاج يوضع في حاضنات البيض حتى تخلق على شكل فرخ صغير بكامل صورته وقبل أن يفقس البيض بثلاثة أيام يطبخون البيض في الماء حتى ينضج ثم يكسرون البيض ويأكلون الفرخ الذي بداخله

ج: إذا كان الواقع كما ذكر فإن الفرخ يعتبر ميتة لا يجوز أكله لأنه تخلق في البيضة وتحريم الميتة مما هو معلوم من الدين بالضرورة

أكل الضبع حلال لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمارة قال قلت لجابر الضبع أصيد هي ؟ قال نعم قلت آكلها قال نعم قلت أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم

لا يجوز أكل الثعلب لأنه مفترس بنابه

الأصل في الأطعمة الحل لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا" وقوله "قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ" ولا يخرج عن هذا الأصل إلا ما ورد النهي عن أكله كالنجس مثل الميتة والدم ولحم الخنزير وما فيه مضرة كالسم ونحوه وكل ذي ناب من السباع غير الضبع وكل ذي مخلب من الطير والحمر الأهلية وما يأكل الجيف

أما النعام فيجوز أكله لدخوله تحت هذا الأصل ولقضاء الصحابة رضي الله عنهم فيه بالفدية ولأنه مستطاب وليس له ناب وإذا جاز ذلك جاز أيضا الاستفادة من جلده

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك وعلمنا ما جهلنا واحفظنا من الوقوع في الشبهات

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-3-17 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر