الدرس 185: قاتل نفسه

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 12 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 2632 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا يجوز لمن ابتلي بمرض أو شدة إيذاء عدو أو نحو ذلك أن يقتل نفسه لقوله تعالى "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا" وقوله عليه الصلاة والسلام "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة" متفق عليه

وقوله صلى الله عليه وسلم "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة" متفق عليه من حديث ثابت بن الضحاك الأنصاري وإنما الواجب عليه الصبر والتحمل واللجوء إلى الله سبحانه وسؤاله الفرج وهو القائل سبحانه "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ" والقائل: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا "

وتناول السم بقصد الانتحار من كبائر الذنوب وإن لم يمت منه ولكنه لا يدخل في عموم حديث "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة" لأنه لم يقتل نفسه بالفعل

ومن قتل نفسه بالبندقية في الوقت الذي حصل فيه معه الصرع فلا شيء عليه مطلقا ولا على ورثته لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة .... الحديث وذكر منهم المجنون حتى يفيق

ومن قتل نفسه من المسلمين خطأ فهو معذور ولا يأثم بذلك ومن قتل نفسه من المسلمين عمدا لظروف أحاطت به غير ساخط على قضاء الله وقدره فليس بكافر لكنه مرتكب لكبيرة ومتوعد بالنار وأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وغفر له وإن شاء عذبه

ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تقتل نفسها إذا خافت من الأعداء الكفار الاعتداء على عرضها قهرا وهي معذورة إن حصل ما خافت دون رضاها

وصاحب الكبيرة متوعد بالعذاب كقاتل نفسه إلا أنه لا يخلد في النار خلود الكفار كغيره من أصحاب الكبائر وما ذكر في الحديث من الخلود فهو خلود مؤقت جمعا بين الأدلة الشرعية

الأطعمة

===

يجب على المسلم أن يتحرى الحلال والطيب في مطعمه ومشربه وملبسه لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لسعد بن أبي وقاص "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة" رواه الطبراني ولما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى"يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" وقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" ثم ذكر: الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" ولقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك

وأكل البصل النيء مكروه لرائحته الكريهة مع توقع حضوره المساجد والمجامع العامة ومخالطته الناس وقد ثبت في الحديث "من أكل ثوما أو بصلا فلا يقربن مسجدنا" ومن أكل ثوما أو بصلا وأزال الرائحة بأي مزيل فلا إثم عليه في اختلاطه بالناس في المساجد ومجالس الخير

ويجوز الأكل من لحم الذبيحة وكبدها قبل الطبخ إذا أمنت المضرة

والذي حرمه الله من اللحوم هو: الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله من الأصنام والمعبودات من دون الله أو ذكر عليه اسم غير الله وسباع البهائم والطير التي تفرس بأنيابها أو مخالبها وكل ما هو مستخبث من الحشرات والطيور ونحوها أو مضر بالصحة وما عدا ذلك فهو حلال من حيوانات البر والبحر كبهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم والدجاج والسمك وصيد البر من الظباء والأرانب

والأصل في الأشياء الحل فهذه الحلوى فرع من هذا الأصل إلا إذا كنت تعلم أنها مختلطة بمحرم فلا يجوز لك الأكل منها

والجيلاتين إذا كان محضرا من شيء محرم كالخنزير أو بعض أجزائه كجلده وعظامه ونحوهما فهو حرام قال تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ" وقد أجمع العلماء على أن شحم الخنزير داخل في التحريم وإن لم يكن داخلا في تكوين الجيلاتين ومادته شيء من المحرمات فلا بأس به

والسمن الصناعي المستورد الأصل في ذلك الإباحة حتى يثبت ما ينقله عنها إلى التحريم وإلا بقي على الأصل

والبيبسي لم يتبين لنا فيها ما يقتضي التحريم لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين ما يوجب الحرمة

ولم يثبت لدينا شيء مما قيل من أن جبن الكرافت فيه شيء من شحم الخنزير ولم يزل ذلك في حدود الإشاعات والأصل في الجبن الإباحة حتى يثبت أنه خلط بما يوجب تحريمه

فالجبن والسمن والحليب الأصل فيه الحل ولا يجوز لأحد أن يحرم منه إلا إذا ثبت اشتماله على ما يوجب التحريم ونحن لا نعلم موجبا للتحريم

الأكل باليد وبالملاعق من سنن العادات وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام الأكل بثلاث أصابع فأخرج الإمام مسلم في كتاب الأشربة باب استحباب لعق الأصابع والقصعة عن كعب بن مالك رضى الله عنه قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها" رواه أحمد

الدم غير المسفوح هو الباقي في العروق والشريعة جاءت برفع الحرج كما أن الدم المحرم مقيد بالمسفوح لقوله تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا

لا يجوز للإنسان تعمد ابتلاع الدم لأنه حرام قال الله تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ" أما إذا ابتلعه بدون قصد فلا حرج عليه

أكل لحم الذئب حرام لأنه من السباع المفترسة بنابها وقد "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع" رواه البخاري ومسلم

والتداوي بلحمه حرام وكذا النمر لا يجوز أكله ولا شرب دمه

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-3-12 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة