الدرس 178: أحكام عامة تتعلق بإقامة الحدود 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 10 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1663 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الزنا من كبائر الذنوب وإن من وسائله عري النساء واختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات وانحلال الأخلاق وفساد البيئة

فمن زنا لختلاطه بأهل الشر والفساد ثم ندم على جريمته وتاب إلى الله توبة صادقة فنرجو أن يتقبل الله توبته ويغفر ذنبه لقوله تعالى "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" وقد ثبت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه في حديث بيعة النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" اللفظ للبخاري

وهذا جواب لسائل من البرازيل يعمل بها واستكمالاً للجواب: يجب عليك أن تهاجر عن البيئة الفاسدة التي تغريك بالمعاصي وتطلب المعيشة في غيرها من البلاد التي هي أقل شرا منها محافظة على دينك فإن أرض الله واسعة ولن يعدم الإنسان أرضا يكسب فيها ما كتب الله له من الأرزاق ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

وإذا تاب الإنسان إلى ربه توبة صادقة خالصة فإن الله سبحانه وتعالى قد وعد بأنه سيقبل توبة التائب بل ويعوضه حسنات وهذا من كرمه وجوده سبحانه وتعالى

والتوبة من شروطها الإقلاع عن الذنب والندم على ما تقدم منه والعزم على ألا يعود إليه وإن كان حق من حقوق الآدميين فيطلب منهم المسامحة

من ارتكب الزنا وأقيم عليه الحد فهو كفارة له

ومن مات فحكمه إلى الله ومراد اللجنة في ذلك أن من مات ولم يقم عليه الحد فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له

وأما من يطبق الحد فالحاكم الشرعي

والواجب رجم الزاني المحصن المكلف حتى يموت اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ثبت عنه ذلك بقوله وفعله وأمره فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا والجهنية والغامدية واليهوديين وثبت ذلك بأحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ولا يجوز استبدال الرجم بالقتل بالسيف أو إطلاق النار عليه لأن الرجم أشد نكالا وتغليظا وردعا عن فاحشة الزنا الذي هو أعظم ذنب بعد الشرك وقتل النفس التي حرم الله ولأن حد الزنا بالرجم للمحصن من الأمور التوقيفية التي لا مجال للاجتهاد والرأي فيها

وليس بواجب أن يشترك في الرجم كل من حضر لكن من ترك الاشتراك في رجم الزاني عطفا عليه أو رأفة به فهو آثم لقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

واللواط فاحشة من كبائر الذنوب سواء كان مع صبي أو بالغ وسواء كان الملوط به راضيا أم غير راض لكنه بغير الرضى أشد نكرا ومن ثبت عليه ذلك وكان برضاه استحق عقوبة الرجم إذا كان عاقلا بالغا وتجب عليه التوبة والاستغفار والندم على ما حصل منه والعزم على ألا يعود وعلى ولي الصبي أن يعزره ويؤدبه ويصونه من خداع أهل الشر والفساد وعبثهم به حتى لا يتكرر منه فعل الفاحشة ونحوها

والصحيح من قولي العلماء في الاستمناء باليد المعروفة بالعادة السرية التحريم وهو قول جمهور أهل العلم لعموم قوله تعالى "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" فأثنى سبحانه على من حفظ فرجه فلم يقض وطره إلا مع زوجته أو أمته وحكم بأن من قضى وطره فيما وراء ذلك أيا كان فهو عاد متجاوز لما أحله الله له ويدخل في عموم ذلك الاستمناء باليد "العادة السرية" ولأن في استعمال ذلك مضارا كثيرة وله عواقب وخيمة منها إنهاك القوى وضعف الأعصاب وقد جاءت الشريعة الإسلامية بمنع ما يضر بالإنسان في دينه وبدنه وعقله وماله وعرضه

والنظر إلى النساء الأجنبيات محرم

وننصح بالمبادرة بالزاج إن استطاع وإلا فالصوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق على صحته

المساحقة بين النساء حرام بل كبيرة من كبائر الذنوب لكونها عملا يخالف قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ

والسحاق هو استمتاع المرأة بالمرأة وهو محرم ويوجب التعزير لا الحد

وقوع الإنسان على بهيمة عمل قبيح وتعد لحدود الله تعالى وخروج عن الفطرة السوية التي فطر الله الإنسان عليها ولم يبح الله جل وعلا قضاء الوطر والاستمتاع إلا بالزوجة والأمة قال تعالى "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" ويجب على من فعل ذلك التوبة والاستغفار وعدم العود إلى ذلك في المستقبل

وإذا ثبت لدى القاضي وقوع إنسان على بهيمة فإن عليه أن يعزره بما يردعه ويزجره عن هذه الفعلة القبيحة

وأما البهيمة الموطوءة فإنها تقتل بكل حال ولا يجوز أن يؤكل لحمها فإن كانت ملكه فهي هدر وإن كانت لغيره ضمنها الواطئ وإنما يفعل هذا بالبهيمة حتى تنسى الجريمة ولا يعير بها الشخص ويذكر برؤيتها كما ذهب إلى ذلك جمع من أهل العلم

فوطء الحيوانات حرام ويجب على من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره ويقلع عن الذنب ويندم على ما مضى ويعزم على ألا يعود وإن ثبت عليه ذلك عزره ولي الأمر بما يراه رادعا له

ومن قال يا زانية فإن هذه الكلمة من الألفاظ الصريحة في القذف والقول بعدم قصد معناها ليس مبررا في سقوط أثرها وحيث إن هذه الكلمة كانت من زوج لزوجته فإن عفت فلا أثر لهذه الكلمة في استمرار الحياة الزوجية وإن لم تعف فالمسألة من مسائل الخصومة ومرجع مسائل الخصومة إلى المحكمة

وقذف المسلم لأخيه لا يجوز وهو كبيرة من الكبائر يجب التوبة من ذلك وطلب العفو من المقذوف ومن حقه إذا لم يعف أن يطالبه شرعا بحقه

ووجوب حد القذف عام للرجال والنساء لعموم الآية ولا يسقطه عن الزوجة إلا العفو ولا عن الزوج إلا العفو أو اللعان

والتوضيح كالآتي

إذا قذفت الزوجة زوجها بالزنا إما أن يعفو عنها أو تحضر أربعة شهود يشهدون على زوجها بالزنا أو تجلد 80 جلدة

وإذا قذف الزوج زوجته بالزنا إما أن تعفو عنه أو يجرى اللعان بينهما ويفرق بينهما

وطريقة الملاعنة

يشهد أربع مرات أنه صادق والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين

وتشهد هي أربع شهادات أنه من الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين

وفق الله الجميع لما يحب وحفظ مجتمعاتنا من الآفات والشرور

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-3-10هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر