الدرس 165: النشوز

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 4 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1823 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

النشوز هو: امتناع أحد الزوجين من القيام بحق الآخر فيكون من الزوجين قال تعالى "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" وذلك بأن تتنازل المرأة عن شيء من حقها حتى لا يطلقها كما فعلت سودة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا" قالت: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج غيرها تقول له أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري وأنت في حل من النفقة علي والقسم لي فذلك قوله "فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" وفي رواية قالت: هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبراً أو غيره فيريد فراقها فتقول: أمسكني وأقسم لي ما شئت قالت: فلا بأس إذا تراضيا" متفق عليه

إذا كان الأمر كما ذكره السائل من أنه زوج ابنته برجل كان يجهل حاله ثم تبين له أنه يشرب الخمر ولا يبالي بالأحكام الشرعية فلا يخلو حال هذا الرجل من أمرين: إما أن يكون تهاون بالأحكام الشرعية على سبيل الاستخفاف بها وعدم الإيمان بمشروعيتها فهذا والعياذ بالله كافر ويفسخ عقد زوجته منه بكفره وارتداده ويكون ذلك عن طريق الحاكم الشرعي

وأما إن كان شربه الخمر وتهاونه بالأحكام الشرعية على سبيل التساهل مع إيمانه بمشروعيتها فهذا فاسق لا يخرج به فسقه عن ملة الإسلام والفسق يعتبر عيبا شرعيا يعطي المرأة حق المطالبة بفسخ الزوجية ممن ثبت اتصافه به وأصر عليه ويكون ذلك عن طريق الحاكم الشرعي

والإجابة على السؤال الآخر: عليه أن يجتهد في حسن عشرة زوجته وعليها أيضا أن تجتهد في حسن عشرة زوجها وأن يوسطا بينهما من أقاربه وأقاربها من ينصحون لهما ويعظونهما ويصلحون من شأنهما عسى الله أن يزيل ما بينهما من خلاف

أما رؤياه في المنام المرة الأولى أنه يخيل إليه فراقها فلا أثر له في الحياة الزوجية ولا يعتبر طلاقا وكذا ما رآه في منامه المرة الثانية من أنها كشفت لرجل كما تكشف المرأة لزوجها لا يعول عليه لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم ولا تثبت بها جريمة

ووردت الأدلة الشرعية بحسن المعاشرة بين الزوجين فيجب على الزوج أن يمسك بزوجته بمعروف وإحسان ويحرم عليه أن يمسكها إضرارا وإلحاقا للأذى بها

كما أنه يجوز للمرأة إذا كرهت زوجها لسوء معاشرته أن تطلب فراقه ولو كان من قبل الحاكم الشرعي

ويحرم تخبيب المرأة على زوجها لورود الأدلة بالنهي عن ذلك ومرتكب ذلك آثم وفاسق بفعله المنكر سواء كان المخبب من الأقارب أو غيرهم فقد أخرج النسائي وأبو داود وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده" واللفظ لأبي داود

ويجب على الزوجة الاستجابة إذا دعاها زوجها إلى فراشة ويحرم عليها الامتناع إلا بعذر شرعي فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها" وفي رواية: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح

فيجب على الزوجة أن تعاشر زوجها بالمعروف وأن تعامله بإحسان ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ولا يحل للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها إذا دعاها إلا بعذر شرعي

يجب على كل واحد من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف قال تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" وقال "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ" فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها بالمعروف لا سيما إذا دعاها للفراش وعلى الزوج أن يحسن عشرتها ولا يقبحها وأن ينفق عليها النفقة الشرعية من المسكن والمطعم والكسوة كمثلها من نسائها فإن لم يفعل حق طلب الطلاق وليس عليها إثم في ذلك للمبرر الشرعي لذلك

وإذا كان الزوج يقع في مخالفات شرعية مثل الاختلاط بالنساء الأجنبيات والزنا بهن فيجب على الزوجة أن تخبر والدها بذلك من أجل أن يعمل على تخليصها منه لأن تخليصها منه واجب فتركه للصلاة كفر فلا تحل له ويجب مفارقتها له فكيف برجل لا يصلي ولا يغتسل من الجنابة

ويحق للزوجة أن تطلب الطلاق لهذا الغرض إذا كان زوجها عقيم

وإذا كان الزوج مستمرا على شرب الخمر فلها أن تطلب الفراق منه لئلا يؤثر عليها وعلى أولادها

ويجب التفريق بين الزوج وزوجته إذا كانت نفرت منه بسبب فعله الفاحشة مع أحدى قريباته وعليها أن ترد عليه ما بذل لها من المهر

وإذا كان الزوج لا يصلي أحياناً فالواجب على الزوجة طلب الفراق منه لأن من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" والمسلمة لا يجوز بقاؤها مع كافر لقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ

يجوز للرجل أن يتزوج خليعته بعقد ومهر جديدين برضاها إذا لم يكن سبق منه طلاق هذه الخليعة طلقتين قبل الخلع

لا بأس في أخذ الزوج زيادة على المهر الذي دفعه لها مقابل مخالعته إياها إذا رغبت الزوجة مخالعته لعدم رضاها به

وإذا كرهت المرأة زوجها وخافت ألا تقيم حدود الله شرع حينئذ الخلع بأن ترد عليه ما أعطاها من الصداق ثم يفارقها لحديث "امرأة ثابت بن قيس أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته ؟ فقالت نعم فردتها عليه وأمره ففارقها" رواه البخاري

ولا مانع أن يكون عوض الخلع مؤجلاً بأجل معلوم أما تأجيله بزواج المرأة المختلعة فغير صحيح لأنه غير معلوم

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-3-4هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة