الدرس العشرون: مسائل في التيمم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

سئل شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله

عن الحاقن أيهما أفضل يصلي بوضوء محتقناً أو أن يحدث ثم يتيمم لعدم الماء ؟

فأجب: صلاته بالتيمم بلا احتقان أفضل من صلاته بالوضوء مع الاحتقان، فإن هذه الصلاة مع الاحتقان مكروهة، منهى عنها‏ وفي صحتها روايتان‏ وأما صلاته بالتيمم، فصحيحة، لا كراهة فيها بالاتفاق‏ واللّه أعلم

وسئل عن التيمم هل يجوز لأحد أن يصلي به السنن الراتبة والفريضة أو أن يقتصر عليه إلى أن يحدث ؟ ‏

فأجاب: نعم يجوز له في أظهر قولي العلماء أن يصلي بالتيمم كما يصلي بالوضوء فيصلي به الفرض والنفل ويتيمم قبل الوقت وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه ولا ينقض التيمم إلا ما ينقض الوضوء والقدرة على استعمال الماء والله أعلم

وسئل عن المسافر يصل إلى ماء وقد ضاق الوقت فإن تشاغل بتحصيله خرج الوقت فهل له أن يصلي بالتيمم ؟.
الجواب: أما المسافر إذا وصل إلى ماء وقد ضاق الوقت فإنه يصلي بالتيمم على قول جمهور العلماء

وكذلك لو كان هناك بئر لكن لا يمكن أن يصنع له حبلا حتى يخرج الوقت أو يمكن حفر الماء ولا يحفر حتى يخرج الوقت فإنه يصلي بالتيمم

سئل عن أقوام خرجوا من قرية إلى قرية ليصلوا الجمعة فيها فوجدوا الصلاة قد أقيمت وبعضهم على غير وضوء لو ذهب ليتوضأ فاتته الصلاة فهل يتيمم ؟ .
فأجاب: هذه المسألة فيها نزاع والأظهر أنهم إذا لم تمكنهم صلاة الجمعة إلا بالتيمم صلوا بالتيمم والله أعلم

وسئل إذا دخل وقت الصلاة وهو جنب ويخشى إن اشتغل بفعل الطهارة يفوته الوقت فهل يباح له التيمم أم لا ؟
فأجاب: إذا دخل الوقت وهو مستيقظ والماء بعيد منه يخاف إن طلبه أن تفوته الصلاة فإنه يصلي بالتيمم في مذهب أحمد وجمهور العلماء

وسئل عن رجل سافر مع رفقة وهو إمامهم ثم احتلم في يوم شديد البرد وخاف على نفسه أن يقتله البرد فتيمم وصلى بهم فهل يجب عليه إعادة وعلى من صلى خلفه أم لا ؟

الجواب: لا يعيد مطلقاً كقول مالك وأحمد في الرواية الأخرى لأنه فعل ما قدر عليه فلا إعادة عليه والله أعلم

وسئل عن رجل أرمد فلحقته جنابة ولا يقدر يتطهر بماء مسخن ولا بارد ويقدر على الوضوء فما يصنع ؟
الجواب: إذا كان به رمد فإنه يغسل ما استطاع من بدنه وما يضره الماء كالعين وما يقاربها ففيه قولان للعلماء أحدهما يتيمم وهو مذهب الشافعي وأحمد

والثاني ليس عليه تيمم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك لكن غسل أكثر البدن الذي يمكن غسله واجب باتفاقهم والله أعلم

وسئل مفتي المملكة سابقاً الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

يقول السائل أنا مريض ولا استطيع الوضوء بنفسي وليس عندي من يساعدني فهل أتيمم ؟

الجواب: إذا كان المريض ليس عنده من يوضئه ، ولا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فإنه يتيمم لقوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه

والعاجز عن الماء والتيمم معذور وعليه أن يصلي في الوقت بغير وضوء ولا تيمم لقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم

وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

إذا خشي الإنسان من استعمال الماء البارد فهل يجوز له أن يتيمم أم لا ؟

الجواب: لا يجوز أن يتيمم بل يجب عليه أن يصبر ويستعمل هذا الماء البارد في الوضوء، إلا إذا كان يخشى من ضرر يلحقه، فإنه لا بأس أن يتيمم حينئذ إذا لم يجد ما يسخن به الماء

وسئل هل الأفضل للإنسان إذا لم يجد الماء أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت رجاء وجود الماء أو يتيمم في أول الوقت ؟

فأجاب: هذا فيه تفصيل

أولاً: يترجح تأخير الصلاة إلى آخر الوقت في حالين

الأول: إذا علم وجود الماء فالأفضل أن يؤخر الصلاة ولا يقال بالوجوب لأن علمه بذلك ليس أمراً مؤكداً لأنه قد يتخلف المعلوم

الثاني : إذا ترجح عنده وجود الماء فيؤخر الصلاة لأن في ذلك محافظة على شرط من شروط الصلاة وهو الطهارة بالماء وفي الصلاة في أول الوقت محافظة على فضيلة فقط وعلى هذا يكون التأخير والطهارة بالماء أفضل

ثانياً: يترجح تقديم الصلاة في أول وقتها في ثلاث حالات

الأولى: إذا علم أنه لن يجد الماء

الثانية: إذا ترجح عنده أنه لن يجد الماء

الثالثة: إذا تردد فلم يترجح عنده شيء

وسئل عن المريض لا يجد التراب فهل يتيمم على الجدار كذلك الفرش أم لا ؟

فأجاب : الجدار من الصعيد الطيب فإذا كان الجدار مبنياً من الصعيد سواء كان حجراً أو مدراً لبناً من طين فإنه يجوز التيمم عليه

أما إذا كان الجدار مكسواً بالأخشاب أو بالبويه فهذا إن كان عليه تراب غبار فإنه يتيمم به لا حرج ويكون كالذي يتيمم على الأرض لأن التراب من مادة الأرض أما إذا لم يكن عليه تراب فإنه ليس من الصعيد في شيء فلا يتيمم عليه

وبالنسبة للفرش إن كان فيها غبار فليتيمم عليها وإلا فلا يتيمم عليها لأنها ليست من الصعيد

وسئل إذا كان على بدن المريض نجاسة فهل يتيمم لها ؟

فأجاب: لا يتيمم لها إن أمكن هذا المريض أن يغسل هذه النجاسة غسلها وإلا صلى بحسب حاله بلا تيمم لأن التيمم لا يؤثر في إزالة النجاسة

وسئل إذا كان عند الإنسان ماء لا يكفي إلا لبعض الأعضاء فما العمل ؟

فأجاب: عليه أن يستعمل الماء أولاً ثم يتيمم للباقي

وسئل هل التيمم رافع للحدث أو مبيح ؟

الجواب: الصواب أن التيمم مطهر ورافع للحدث لقول الله تعالى حين ذكر التيمم " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم " ولقوله صلى الله عليه وسلم " جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا" وكذلك من النظر فالتيمم بدل والقاعدة الشرعية أن للبدل حكم المبدل

وسئل إذا لم يجد الراعي ماء فهل يتيمم ؟

الجواب: نعم

وسئل عن شخص استيقظ من النوم وعليه جنابة فإذا اشتغل بالغسل خرج وقت الفجر فهل يتيمم ؟

فأجاب: عليه أن يغتسل ويصلي الصلاة ولو بعد الوقت

وسئل عن شخص تيمم على صخرة لعدم استطاعته استعمال الماء فهل يجب عليه إعادة الصلاة ؟

الجواب: لا يجب عليه

وسئل إذا أصابت المريض جنابة وما تمكن من استعمال الماء أيتيمم ؟

الجواب: نعم

وسئل إذا تيمم الإنسان لنافلة فهل يصلي بذلك التيمم الفريضة ؟

الجواب: نعم وكذلك العكس

وسئل ما الحكم إذا وجد المتيمم الماء في أثناء الصلاة أو بعدها ؟

الجواب: أثناء الصلاة يبطل التيمم لا بعد الصلاة

قلت: ذكر ابن تيمية إذا خشي من خروج الوقت فإنه يتيمم وعلى المسلم أن لا يقدم التيمم على الوضوء بحجة الخوف من خروج الوقت لأن عذره شرعي وقد نص على ذلك الشيخ ابن عثيمين وكذلك ذكر ابن عثيمين أنه يجوز التيمم من الجدار إذا كان من الطين والصحيح أن لا يفعل ذلك لأنه ليس فيه غبار وقد نص على ذلك ابن باز رحمه الله

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -19